خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
لا يجادل إثنان في لبنان بخصوص الأهمية الجيوسياسية التي تجمع بلد الأرز مع بلاد الرافدين؛ فالكثير من النخب السياسبة اللبنانية اعتادت القول أن ما يحدث في العراق يؤثر بشكل موضوعي على واقع لبنان؛ وعليه فإن قوة العراق هي قوة للبنان واستقرار لبنان هو خير للعراق.
لم تعد خافية الحقيقة الواضحة المتمثلة بالتقديمات السخية العراقية للبنان على غير مستوى وبمقدمها موضوع الكهرباء، لقد أدى مدير عام الأمن العام اللواء محمد شقير دوراً مهماً وشفافاً في ترجمة القرار السياسي بالتعاون الأخوي العراقي مع لبنان على خير وجه. وبعد وصول الرئيس عون لقصر بعبدا بات هناك اعتقاد في بيروت وفي بغداد بأن العلاقة العراقية اللبنانية سيصبح لديها آفاق أوسع وأوضح في ظل عهد الرئيس جوزاف عون وفي ظل رئيس حكومة العراق السوداني المتبني لملف دعم لبنان ومساعدته لتجاوز أزماته.
.. وانطلاقاً من كل ما تقدم قام الرئيس جوزاف عون بزيارة ناجحة إلى العراق حيث التقى بنظيره الرئيس العراقي وبرئيس الحكومة وتطرق جدول أعمال الزيارة لمواضيع تؤسس لاستكمال اندفاعة العلاقة العراقية اللبنانية بزخم أكبر في المستقبل.
وفي هذا المحال لا بد من التأكيد على عدة نقاط غاية في الأهمية؛ النقطة الأولى تتعلق بتاريخية العلاقة بين لبنان والعراق؛ بحيث أنها لم تكن يوماً علاقة تتعلق بملف واحد أو حتى عدة ملفات بل هي علاقة يتسع مجالها لكل المجالات المهمة بين البلدين.. النقطة الثانية وهي استكمال للأولى ومفادها أن العلاقة بين لبنان والعراق ليس فقط علاقة سياسية واقتصادية بل هي علاقة جيوسياسية، وعليه فإن معنى لبنان العربي الاقتصادي يحتاج للعراق كما أن معنى العراق الاستراتيحي العربي يحتاج للبنان. أضف أن ما بين لبنان والعراق “حدود جيرة” لها نفس تأثيرات الحدود الجغرافية التي تربط بين بعدين متجاورين؛ وربما تزيد عنها.
وتظهر كل هذه المعطيات أن العلاقة بين لبنان والعراق لا تحتاج فقط إلى تأكيد ثوابتها وتأكيد ما هو مؤكد تاريخياً فيها، بل تحتاج أيضاً لنظرة إبداعية في تطوير تعريفاتها ومجالات تفاعلها؛ ذلك أن لبنان يكون أكثر غنى حينما يكون الموضوع علاقته بالعراق؛ فيما العراق يصبح أكثر ثروة حينما يكون الموضوع علاقته بلبنان؛ والسبب في ذلك يعود إلى أن مفهوم العلاقة بين بلد الأرز وبلاد الرافدين ينطوي في كنهه على غنى ومقومات نجاح وثراء على غير مستوى…
وواقع الحال يفيد بأن وجود الرئيس جوزاف عون على رأس القرار في لبنان ووجود الرئيس السوداني على رأس القرار في العراق، يمنح الشعبين اللبناني والعراقي فرصة سانحة كي يحققا طموحهما ببلورة علاقة لبنانية عراقية تجسد معنى الأخوة القائم بينهما.