خاص الهديل…
قهرمان مصطفى…
تشهد الساحة الإقليمية تطورات متسارعة بين إسرائيل وإيران، في مواجهة قد تتراوح بين التصعيد الواسع والتهدئة المؤقتة، لكن الانزلاق نحو صراع أوسع بات احتمالاً واقعياً. وعليه، يصبح الحديث عن تدخل أمريكي محتمل أمراً مطروحاً بقوة، خاصةً إذا تعرضت المصالح الأمريكية أو قواتها لأي هجوم مباشر، إذ قد تضطر واشنطن إلى الدخول في الحرب عبر ضربات محدودة تستهدف مواقع إيرانية استراتيجية.
ومن هنا، يبرز سيناريو حرب الاستنزاف كخيار قابل للتطور، إلا أن هذا المسار يحمل تكلفة باهظة للطرفين؛ فإيران ستواجه تحديات في تعويض خسائرها من الصواريخ والطائرات المسيّرة تحت الضغط الإسرائيلي، بينما قد تعاني تل أبيب من استنزاف عسكري واقتصادي في حال طال أمد المعركة.
ويمكننا القول إن إسرائيل تراهن اليوم على الحسم السريع بدل التورط في حرب استنزاف طويلة يصعب إدارتها على بعد 1500 كيلومتر، وتسعى لتحقيق سيادة جوية وتعطيل القدرات الصاروخية الإيرانية لتفادي الضغوط الداخلية، وبالتالي، تبدو قدرة إسرائيل على الاستمرار في المعركة بنفس الوتيرة الحالية محدودة، إذ أن استمرار العمليات بهذا النسق مرهق لسلاح الجو والاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما أن الحرب مع إيران تختلف جذرياً عن المواجهات مع حماس أو حزب الله نظراً لحساسية المنطقة وتأثيرها المباشر على الاستقرار الدولي.
ومن هنا نجد أن إسرائيل وضعت لنفسها سقفاً عالياً في أهدافها يتجاوز المشروع النووي ليشمل تدمير القدرات الصاروخية الإيرانية، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن إسقاط النظام الإيراني من خلال الضربات الجوية وحدها أمر مستحيل؛ فما يجري هو استكمال لسنوات من حرب الظل التي خاضتها إسرائيل عبر الاغتيالات والاختراقات الأمنية داخل إيران، دون أن توقف تقدم المشروع النووي الإيراني الذي واصل تطوره رغم العقبات، وهذا ما يظهر أن الولايات المتحدة كانت تتحفظ طويلاً على مثل هذه الضربات، في وقت كان يسعى فيه نتنياهو لدفعها إلى القيام بها، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى أن هذه الضربات قد تؤثر على قدرات إيران لكنها لا تلغي مشاريعها العسكرية، خصوصاً مع بقاء المنشآت النووية الإسرائيلية هدفاً إيرانياً محتملاً في أي تصعيد.
وبالتالي، فإن استمرار التصعيد بهذا الشكل يهدد استقرار المنطقة والعالم، خاصةً بعد أن وصلت الصواريخ الإيرانية إلى قلب تل أبيب وحيفا، في مقابل الضربات الإسرائيلية التي باتت تضرب عمق الأراضي الإيرانية، ما يفتح الباب أمام خطر اتساع المواجهة دون أن يكون واضحاً من الطرف الذي سيتراجع أولًا.
ومن هنا يصبح التساؤل مشروعاً: هل تنجح الوساطات التي تقودها قطر وسلطنة عمان وربما روسيا رغم انشغالها بأزمتها مع أوكرانيا؟ أم أن فشل المساعي السياسية سيؤدي إلى تورط دول الخليج في الصراع بشكل مباشر؟