خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
تكاد تختزل أزمة الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعنوان واحد هو موقع فوردو الواقع على عمق ٨٠٠ م تحت الأرض. ترامب أعطى نفسه فرصة أسبوعين حتى يقرر هل تدخل الولايات المتحدة الأميركية الحرب ضد موقع فوردو وتدمره؛ وهو بذلك أعطى إيران وكل العالم وخاصة دول المنطقة إنذاراً لأسبوعين كي يقنعوا إيران بالاستلام وإلا فالكل سيتضرر في طريقه لضرب فوردو وإيران.
عام ١٩٦٢ وجه كيندي إنذاراً للإتحاد السوفياتي بأن عليه سحب صواريخه من كوبا. حبس العالم أنفاسه ثم وجدت الأزمة التي هددت باندلاع حرب عالمية ثالثة طريقها للحل عبر سحب متبادل لصواريخ أميركا من تركيا وصواريخ الإتحاد السوفياتي من كوبا.
خلاصات أزمة كوبا يفترض أن تكون الآن على مكتب ترامب؛ وفيما لو راجع وقائعها سيتأكد أن دولة بحجم أميركا وفائق قوتها حينما توجه إنذاراً لعدوها إنما تمنح نفسها فرصة لتجنب الحرب وتفعيل المبادرات الدولية للخروج من عنق الزجاجة، وليس من أجل شراء الوقت لتجهيز حاملات الطائرات وشن حرب.
حتى هذه اللحظة يوجد اعتقاد لديه مؤيدون كثر يقول أن ترامب لا يملك معياراً واضحاً يوجه شخصيته السياسية؛ فهو يقول الشيء ونقيضه يكاد في التصريح الواحد؛ ولكن في حال خرج بعد مهلة الأسبوعين وقال لنتنياهو: “لا ضرورة للحرب ضد إيران”؛ فهذا سيؤسس لولادة عقيدة مقنعة لشخصية ترامب وهي عقيدة منع الحروب. أما إذا ذهب ترامب بعد أسبوعين لمسايرة نتنياهو وقرر الانخراط في الحرب فسيعني هذا أنه دعا ناخبيه كي يقترعوا له لأن بايدن سعّر الحرب في أوكرانيا بدل أن يوقفها بينما هو اليوم – أي ترامب – يسعر الحرب في الشرق الأوسط بدل أن يوقفها.. وسوف يصبح بإمكان حركة ماغا أن تقول عن ترامب الذي يدعم شهية نتنياهو للحرب على إيران في الشرق الأوسط؛ نفس الكلام الذي قالته عن بايدن الذي دعم شهية زيلنسكي للحرب مع روسيا في أوروبا.
ليلة أمس ذهب ترامب إلى ولاية نيوجرسي؛ وقالت أنباء أنه يريد الاجتماع بفعاليات من حركة ماغا لشرح موقفه أمامها. وهذه الزيارة تعزز برأي البعض أن ترامب ذاهب لإقناع ماغا الرافضة للحروب؛ بضرورة أن تغير موقفها بخصوص الحرب على إيران؛ وعليه فإن زيارته لنيوجرسي تعني أن رغبة ترامب في دخول الحرب أكبر من رغبته بتجنب الحرب..
بقي من مهلة الأسبوعين فترة غير زمانية بل فترة تتعلق بالمدى الذي ستساهم فيه هذه الأزمة بتطور ترامب سياسياً. هناك قول مشهود يمكن تأويله ليصبح مفاده التالي: هناك أحداث قرن تحدث في “أسبوعين”؛ وهناك أحداث اسبوعين تحصل خلال قرن.. ترامب اليوم موجود في لحظة مكثفة وهي ذاتها التي قيل عنها أن فيها أحداث قرن. هل ينجح ترامب بتجاوز كمين نتنياهو الذي يريد جعل العالم كله يدخل لحظته السياسية ويشارك بنجاح أجندته العسكرية الدائمة؟!.