خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
ذهب أمس بنيامين نتنياهو إلى “حائط المبكى” وصور شريط فيديو قال خلاله قبل عشرة أيام أتيت إلى هنا ووضعت ورقة في شقوق الحائط كتبت عليها “كالأسد شعب إسرائيل يقوم”؛ واليوم بعد تدمير برنامج إيران النووي؛ أضع في شقوق “حائط المبكى” ورقة تقول “كالأسد شعب إسرائيل قام”!!.
يريد نتنياهو أن يقول أن أكبر أهدافه وأحلامه تحقق وهو ليس فقط تدمير برنامج إيران النووي؛ بل جعل أميركا تتورط في خوض الحرب عن إسرائيل ومع إسرائيل لتحقيق هذا الهدف “الوجودي” الإسرائيلي. وأيضاً يريد نتنياهو الإيحاء بأنه يقاتل من أجل الدين ونصرة الدين؛ وهذه إشارة لموقعه كقائد يهودي تاريخي وليس فقط كزعيم إسرائيلي عظيم. وربما هذا هو الفرق النوعي الذي يريد نتنياهو التأكيد عليه للذين يقارنونه ببن غوريون؛ فهو وفق طرحه يختلف بأنه ليس فقط زعيم إسرائيل بل هو أيضاً قائد يهودي تاريخي مؤسس لمنطقة إسرائيل الآمنة والمنصاعة لليهود؛ وليس فقط مؤسس لدولتهم داخل منطقة معادية لهم.
نتنياهو قرر أمس أن يعلن الانتصار في حربه الطويلة التي لم تنته بعد؛ من منظاره فإن ما تبقى أمامه هو اتمام مهمة “النصر المطلق”؛ وهو الشعار الذي أثار جدلاً كبيراً حتى داخل إسرائيل.. فليس واضحاً عسكرياً كيف يمكن في عالم اليوم ترجمة شعار النصر المطلق: هل بعني إبادة الآخر وعدم الاكتفاء بهزيمته!؟؟.
المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي الجديد؛ وهو كقائد الجيش الإسرائيلي الجديد، يسير بالحرف على مبادئ نتنياهو، شرح ولو بشكل غير مباشر خلال إجابته عن سؤال ما هو مفهوم النصر المطلق من منظار بنيامين نتنياهو وجماعته.
سئل المتحدث العسكري هل صحيح أن إسرائيل ستفحص إمكانية وقف النار من جانبها في حال أوقف خامنئي النار؟؟.
أجاب: لا توجد علاقة بين الأمرين؛ فإسرائيل لديها خطة عسكرية في إيران؛ وهي لن توقف الحرب قبل إنهائها.
.. إذن إسرائيل مستمرة بالحرب على إيران حتى تنفيذ آخر هدف في خطتها الموضوعة مسبقاً؛ وأغلب الظن أن آخر هدف لإسرائيل هو إسقاط النظام الإيراني..
لماذا؟؟
.. لأن تل أبيب تعتقد أن الخطر الأساسي هو بقاء النظام؛ وذلك قبل خطر بقاء البرنامج النووي؛ لأنه حتى لو تم إنهاء البرنامج النووي وبقي النظام فإن الأخير سيعاود الكرة وسيسعى من جديد لإعادة بناء البرنامج النووي.
مسؤول الموساد السابق كتب قبل نحو عام مقالاً قال فيه أن نتنياهو يخطط لحرب عقد من الزمن؛ أي أن حربه الراهنة ستنتهي وفق عقيدته وأهدافها عام ٢٠٣٠؛ وبنهايتها ستعلن إسرائيل الكبرى نفسها صاحبة النفوذ الأولى في الشرق الأوسط.
تجدر العودة في هذه العجالة المكثفة لنظرية المستشرق لويس التي قال فيها إيران ستصبح دولة غير متطرفة وتركيا ستصبح دولة ضعيفة متطرفة..
يريد نتنياهو الوصول إلى شرق أوسط إسرائيلي؛ وهو بعد حرب ترامب ضد إيران سيبرم على الأغلب صفقة مع “واشنطن الانعزالية” تفيد التالي: هذه كانت آخر حرب أميركية من أجل / أو مع إسرائيل في الشرق الأوسط؛ ومنذ اليوم يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تعتمد على إسرائيل بوصفها الشرطي الأميركي الوحيد وحامية مصالح أميركا الوحيدة في الشرق الأوسط.
هذا التوقع جرى استخلاصه من جملة معطيات هامة وإلى جانبها تفاصيل موحية؛ وكان آخر هذه التفاصيل كلام إسرائيلي تم تعميمه خلال الساعات الأخيرة، وفحواه أن الجيش الأميركي طلب من نظيره الإسرائيلي أن يفتح الطيران الإسرائيلي الطريق لطائرات الشبح الأميركية كي تستطيع الوصول إلى أهدافها في إيران بسلام!!. هذه التسريبة تريد القول أن الجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط أقوى من الجيش الأميركي في الشرق الأوسط!!.
إن أخطر شيء يفكر فيه أي طرف في المنطقة هو الاعتقاد أن الولايات المتحدة الأميركية لديها سياسة مستقلة عن إسرائيل في الشرق الأوسط.. من يصدق هذا المنطق سيجد نفسه داخل مصيدة استراتيجية قاتلة!!.
لقد حان الوقت كي يتم توزيع كتاب باراك أوباما مجاناً على كل مواطن مسلم وعربي في الشرق الأوسط، كونه يستحق القراءة حتى يصبح ممكناً فهم من هي إسرائيل في أميركا؛ وتحديداً من هو نتنياهو داخل البيت الأبيض.. أغرب وأصدق ما يقوله أوباما في كتابه الذي يلخص فيه تجربته مع زعماء كثيرين وبينهم نتنياهو؛ هو التالي: قبل أن يسيطر اليمين في إسرائيل (أي جماعة نتنياهو) كانت إسرائيل تطلب من أميركا أن تساعدها في الشرق الأوسط؛ أما اليوم فإن اسرائيل تطلب من أميركا أن تنفذ سياسة إسرائيل في الشرق الأوسط..
يبقى القول أن مصطلح “النصر المطلق” يعني أن إسرائيل أصبحت تملك كامل قوة ليس فقط السلاح الأميركي، بل القرار الأميركي في كل الشرق الأوسط..