خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
طرح سؤال من انتصر في حرب الأيام الـ١٢ التي شهدتها المنطقة، هو طرح غير منطقي، وليس هو السؤال المناسب أقله في الوقت الحالي، ولا ضمن سياق ما حدث وطبيعته؛ بمعنى آخر فان حرب إيران – إسرائيل لم تبدأ الحرب لتنتهي بجولة واحدة وتم استخدام المدفع فقط لتصبح الدبلوماسية ذات أسنان وليس العكس..
لماذا يمكن القول أنها حرب لبداية مفتوحة على احتمالات، وليست حرباً بدأت لتنتهي بجولة واحدة؟؟
ببساطة لأن أقوى طرف في هذه الحرب هو البيت الأبيض؛ فهو الذي يمكنه تحديد نسب الربح والخسارة على طرفي الحرب؛ وهو يملك ضمانات استمرار نتائجها بهذا المنحى أو ذاك.
ترامب يريد من هذه الحرب أن تتوقف عند لحظة عودة إيران لتفاوضه على جدول أعمال ما بعد الهجوم الأميركي على إيران، وليس على جدول أعمال ما بعد هجوم إسرائيل على إيران.
حاول ترامب أن يفتعل وجود حربين داخل الحرب على إيران: حرب نتنياهو التي تريد بين ما تريده إسقاط نظام الملالي وحرب ثانية هي حرب ترامب الذي كل ما يريده هو نيل نوبل للسلام وعدم امتلاك إيران القنبلة النووية وإعادتها للحضن الدولي.
الجهة الوحيدة القادرة أن تستبق الأحداث وتقول في هذه اللحظة أنها انتصرت هي ترامب؛ فيما إيران تستطيع القول بالحد الأقصى أنها لم تهزم ونتنياهو يستطيع القول بالحد الأقصى أنه انتصر بموضوع جرّ رجل أميركا لخوض حرب مباشرة مع إيران.
بعد ما تقدم ستكون الأيام المقبلة مساحة واسعة لسؤالين كبيرين:
الأول ما هو حجم الضرر الذي لحق بقدرات إيران النووية؟؟.
السؤال الثاني ما هي شروط وقف إطلاق النار؟؟.
لا توجد حتى الآن أجوبة حاسمة عن هذين السؤالين المفتاحين؛ وبغيابهما فإنه لن يكون ممكناً إلا انتظار المستقبل من ثقب كيف سيتفاعل ترامب مع مرحلة ما بعد وقف النار الذي رعاه بين إسرائيل وإيران؟؟.
هل سينجح ترامب بإعادة عباس عرقجي إلى طاولة التفاوض (؟؟)؛ وعلى أي ملف سيتفاوض الأميركي مع الإيراني، إذا كان ترامب يقول أنه لم يعد هناك شيء إسمه البرنامج النووي الإيراني (؟؟)؛ هل ستقبل إيران بالتفاوض على ترسانتها البالستية؛ وهي التي تكرر أن قدراتها الدفاعية خط أحمر (؟؟)، أم أن ترامب لديه أفكار أخرى سيطرحها على إيران خلال التفاوض؛ وفي مقدمها الاستجابة لفكرة كان سبق لطهران أن طرحتها ولو بشكل غير رسمي، وهي فتح باب الاستثمارات الإيرانية التي تتعدى الأربعة ترليون دولار أمام الأميركان لتبدأ لحظة اقتصادية كبرى في الشرق الأوسط تكون طهران نقطة الثقل فيها.
ربما ينجح ترامب – وربما تكون طهران راغبة – بتحويل المسار في علاقاتهما من مسار وقف الحروب إلى مسار بدء فتح صندوق الثروات..
.. بالأساس يوجد في العمق تفكير إيراني يرى أن هناك قوى ضغط تكره إيران تعمل من أجل إبعاد واشنطن عن طهران، وتعمل من أجل جعل خطط واشنطن الاقتصادية تتجنب المرور بإيران.. وإذا فطن ترامب لهذا الجانب في تفكير إيران فهو سوف يعتبره بمثابة النصر الكبير القادم لسياساته الخارجية..