أسألكم أجيبوني : اليس المساكين اليوم هم السمة الغالبة للشعب اللبناني.
الشيخ مظهر الحموي
عضو اللجنة القضائية في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى
رئيس لجنة الدعوة والمساجد وحماية التراث في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية
ليست مغالية تلكم الإحصاءات التي تؤكد إختفاء الطبقة الوسطى في لبنان وتحولها إلى مرتبة الفقر بل إلى ما هو أدنى منه وأخطر، سيما إذا علمنا أن الغالبية العظمى من هؤلاء المتردية أحوالهم يخجلون من المجاهرة بمآسيهم وسوء أوضاعهم ، ويعضون على جراحهم ويجهدون في تدبر أحوالهم بصعوبة ، ولكن إلى متى..؟!
إنها فعلا أزمات حادة ومريرة ، ألقت بظلالها الكئيبة على الكثير من أهلنا ورجالنا في بلدنا لبنان ، وإنفجرت داخل الجدران الأربعة مزيد من الهموم التي لا يعلمها إلا الله ، ويحاذر أصحابها ان تخرج للملأ حياء على كرامة الإنسان.
ويتداعى إلى الذهن ذلك الحديث النبوي الشريف الرائع( كأنه يتنزل الآن ) والذي يصور أحوال هؤلاء الذين يصفهم بالمساكين حيث يقول النبي الكريم ﷺ : ليسَ المِسْكِينُ الذي يَطُوفُ علَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتَانِ، والتَّمْرَةُ والتَّمْرَتَانِ، ولَكِنِ المِسْكِينُ الذي لا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، ولَا يُفْطَنُ به، فيُتَصَدَّقُ عليه، ولَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ.
صدق رسول الله ﷺ في وصف الغالبية العظمى من أرباب أسرنا الذين إنقلبت أحوالهم فلا يتجرأ أحدهم الطواف وسؤال أي مقتدر مهما كان هذا قريباً له أو أخاً أو صديقاً يمنعه ذلك حياؤه وكرامته وعزة نفسه أن يشرح أوضاعه البائسة، فيؤثر هذا الإنسان أن ينطوي على نفسه لا يذلها لأحد .
فكم من المساكين في بلدنا ، كم من الذين لا يجدون ما يستر عائلاتهم ويقيم بأود أسرهم ولا يجهرون بمآسيهم.
كم من الناس تعصف بهم الهموم والمشاكل المادية يتقلبون ليلاً على فراش الضنك والهموم والقلق، ويسيرون نهارا تائهين على غير هدف ، تتمزقهم الخواطر والآلام النفسية لأنهم يحاذرون أن يجهروا بمصيبتهم.
ومما يزيد في ألم هذه المعاناة ما يراه هذا المسكين من أخبار الهدر والسرقة بوقاحة وإختلاس المال العام والفواتير المزورة وعمليات النصب والإحتيال والسمسرة والرشاوى ، (وبيعني لبيعك من اموال الوطن والمواطن )..
وبعد .. هل يجوز الإستمرار في مراقبة هذه الأوضاع البائسة فقط ؟
ألا ينبغي علينا جميعا حكومة ومسؤولين كل من موقعه ومسؤولياته المبادرة إلى إيجاد الحلول العاجلة لإنقاذ مئات الآلاف من هؤلاء المساكين الذين صاروا السمة الغالبة للشعب اللبناني
اسألكم أجيبوني فإلى متى…؟!
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

