“النهار”
قضية شحنة الرمان المحشو بحبوب الكبتاغون المخدرة التي ضبطت في ميناء جدة السعودي قبل 14 شهراً عبر مرفأ بيروت والتي وترت العلاقات السعودية مع لبنان وأدت إلى وقف التصدير إليها من لبنان لأشهر، وصلت إلى خواتيمها أمام محكمة الجنايات في بيروت التي أصدرت حكمها في هذا الملف وقضت بحبس المتورطين في هذه الصفقة بالحبس المؤبد والحبس خمس سنوات.
وأشارت وقائع الحكم إلى أن البضاعة المضبوطة مصدرها تاجر سوري حوكم غيابياً في هذا الملف.
وذكر أحد المتهمين الموقوفين خلال محاكمته أن هذه العملية تمت بناء لطلبه. و قد جرى تصدير شحنة الرمان المحشو بحبوب الكبتاغون المخدر عبر مرفأ بيروت بتاريخ 8/2/2021، بحسب الحكم بعدما طلب تيمور سليمان بواسطة شقيقه علي من شركة الشحن البحري شحن فاكهة الرمان إلى السعودية بإسم مؤسسة الأرز التجارية العائدة لأشقائه، ليتبين من التحقيق أنها شركة وهمية مرسلة إلى مؤسسة تجارية فردية في السعودية. كما تبين من شركة الشحن أن شحنة ثانية للشركة المصدرة كانت لا تزال في ميناء جدة ولم تسلَّم إلى أصحابها.
وبحسب إفادة المتهم الموقوف تيمور سليمان الذي يعمل في مؤسسة شقيقه إسماعيل، فإن شقيقه إيهاب أرسل شحنة رمان من سوريا إلى المشغل في تعنايل موضبة وجاهزة للتصدير وجرى استلامها بحضور شقيقه اسماعيل الذي غادر إلى تركيا بعد تصدير الشحنة، نافياً علمه بأن الرمان كان يحتوي حبوباً مخدرة. ويعتقد أن شقيقه إيهاب موقوف في سوريا بجرم تهريب مواد تبغية. واعترف تيمور امام مكتب مكافحة المخدرات المركزي أنه وشقيقاه ايهاب واسماعيل أقدموا على تهريب حبوب الكبتاغون إلى جدة بواسطة شحنة الرمان بعدما كانوا اتفقوا على تأسيس شركة وهمية تستخدم لتهريب المخدرات وشركة ثانية نظامية بإسم اسماعيل، وذلك بعدما أن أعلمهما إيهاب أن لديه مصدراً لتمويل كلفة شحن المخدرات وتمويل إنشاء المؤسسة الوهمية واستئجار مشغل، مشيراً إلى أن هذا الممول هو تاجر سوري يدعى علاء غسان جمعة. وعلى هذا الأساس جرى استئجار مشغل في بلدة تعنايل، ونظم عقد الإيجار بإسم شقيقه إسماعيل مدته سنتان، وتمكنوا من تأسيس مؤسسة وهمية بإسم عبدالله محمود بواسطة أشخاص في طرابلس، وكانت البضائع تصدر بشهادة منشأ لبنانية ينظمها أبو هيكل بعد أن يخبره بأن الفاكهة المصدرة لبنانية. وأوضح أن شقيقه إيهاب كان يتعامل مع الأشخاص المرسلة إليهم الشحنات، وقد بلغت ثلاث شحنات، وهو يجهلهم، مضيفاً أن الشحنة كان يفترض أن تحتوي على حبوب الكبتاغون، إذ إنه بتاريخ 12/1/2021 طلب منه ومن شقيقه إسماعيل وشقيقهما إيهاب والمتهم علاء جمعة، إرسال شرحات الرمان إلى بعلبك وتسليمها إلى شخص يحمل رقماً خلوياً معيناً. وبالفعل جرى إرسال الكمية في شاحنة بيك أب على أن يتصل به حامل الرقم الخلوي، وفق ما أبلغه علاء جمعة مزوداً إياه بالنصف الثاني من الرقم. ولاحقاً اتصل به حامل هذا الرقم الهاتفي والتقاه في بلدة المرج ليدلّه على المشغل المستأجر حيث خلال وجودهما حضرت سيارة بيك محملة بشرحات الرمان ترافقها سيارتان الأولى من نوع ديسكوفري والثانية من نوع “جي ام سي”، ودلهم على المشغل حيث جرى إنزال شرحات الرمان في حضور شقيقه إسماعيل، ثم ورده اتصال من علاء جمعة الذي أعلمه عن كيفية تحميل الشرحات في مستوعبين. وفي اليوم التالي، حضر شخصان سوريان موفدان من المتهم علاء جمعة لمراقبة عملية التحميل، وقاما بتصوير المستوعبين. وبتاريخ 8/2/2021 تم نقل المستوعبين وبداخلهما 350 شرحة رمان إلى المرفأ. وكانت شحنة أحضرت قبل ذلك وتلفت.
وبالتحقيق مع الموقوف عزت أبو هيكل اعترف بتنظيمه فواتير وشهادات منشأ لأربع شحنات لصالح المتهم تيمور إسماعيل وبتزوير محتويات شهادات المنشأ والفاتورة من طريق الحاسوب، نافياً معرفته بعلاء جمعة، إنما كان على معرفة بوالده ترجع إلى عقدين والذي يعمل في تجارة الخضار.
ورصدت التحقيقات تحرك عدد من الأرقام الهاتفية الخلوية خلال عملية إحضار هذه البضاعة، ومن خلال تحليل ثلاثة من هذه الأرقام تبيّن أنها توقفت عن العمل بعد تاريخ 6/2/2021 ومنها الرقم المستعمل أثناء نقل كمية شرحات الرمان إلى المشغل.
وتمكنت قوة من شعبة المعلومات من توقيف مشغلي 3 هواتف من تلك التي رصدتها وأوقفت سليمان وحيدر ومهدي زعيتر . وبإستجوابه أمام قاضي التحقيق ذكر تيمور أن شقيقيه إيهاب وعلي لا علاقة لهما بموضوع شحنة الرمان، مضيفاً أن المسؤول والمخطط لعملية التهريب هو علاء جمعة الذي يعرف شقيقه إسماعيل، وانه والأخير إتفقا على التنسيق مع جمعة من أجل شحنة الكبتاغون، وقد بلغت حصته وشقيقه من هذه العملية بحدود 500 الف دولار فيما أنكر المتهم علي سليمان ما نُسب إليه.
وبدوره نفى المتهم أبو هيكل إشتراكه بعملية تهريب المخدرات وأقر بأنه أخطأ بتسليم المتهم تيمور سليمان شهادات منشأ وفواتير مزورة مع علمه بالأمر. كما أنكر بسام وحيدر زعيتر ما أسند اليهما أو معرفتهما بأي من المتهمين. وخلال محاكمته أمام محكمة الجنايات اعترف المتهم تيمور بما هو منسوب اليه وكرر أقواله خلال مراحل التحقيق. وأضاف أن المتهم علاء جمعة هو صاحب البضاعة التي ضبطت في السعودية، وأن كل الأموال هي من الأخير، وأن شقيقه علي لا يعرف أي شيء عن هذه العملية إنما هو أرسله لتسديد مصاريف الشحن للشركة، فيما إتفق وشقيقاه إسماعيل وإيهاب مع المتهم علاء جمعة، وان حبات الرمان المحشوة بحبوب الكبتاغون وضعت ضمن مستوعب واحد. وكرر علي سليمان نفيه علمه بوجود المخدرات وأن أشقاءه أبلغوه أنهم يريدون شحن بضائع إلى الخليج، فبحث لهم عن مشغل. وأفاد الموقوف بسام . ز. أنه خلال تفريغ حمولة رمان الكبتاغون كان مع عائلته في سوريا ولا علاقة له بكل هذه القضية.
وقضت المحكمة برئاسة القاضي سامي صدقي وعضوية المستشارتين لمى أيوب وكريستيل ملكي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحق الموقوفين تيمور وعلي طه سليمان وسليمان وحيدر محمد زعيتر بعدما إعتبرت صلتهما بعملية النقل والأخير صاحب سيارة ال جي ام سي . وقررت تخفيض العقوبة من المؤبد إلى الحبس خمس سنوات سنداً إلى المادة 253 من قانون العقوبات بعدما دانتهم بجناية الإتجار بالمخدرات، وغرّمت كلاً منهم بـ20 مليون ليرة. وأنزلت المحكمة غيابياً عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بكل من المتهمين إيهاب واسماعيل طه سليمان وعلاء غسان جمعة ومهدي وحسن محمد زعيتر، وتغريم كل منهم بـ 50 مليون ليرة وتجريدهم من الحقوق المدنية وإعتبارهم فارين من وجه العدالة والتأكيد على إصدار مذكرات إلقاء القبض بحقهم. وبرّأت المتهم أبو هيكل من تهمة المخدرات ودانته بجناية التزوير وحبسه سنة ونصف السنة واحتساب مدة توقيفه. وبرأت الموقوف بسام محمد زعيتر للشك وقررت إطلاقه.
وذكر الحكم أن هيئة المحكمة باتت بالاستناد إلى ضميرها ووجدانها مقتنعة بما لا يقبل الشك من أن المتهمين المحكومين بقضية الرمان المحشو بالكبتاغون أقدموا بالاشتراك في ما بينهم على تهريب كمية من حبوب الكبتاغون المخدرة داخل حبات فاكهة الرمان ثم شحنها إلى ميناء جدة الإسلامي حيث تم ضبطها هناك من السلطات المختصة ما يقتضي تجريم المتهمين المذكورين.