-خاص الهديل –
القمة الخليجية العربية الأميركية في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ، تكتسب أهمية خاصة ، نظرا للتوقيت الدولي الصعب الذي تتم فيه، ونظرا أيضا للمعاني الهامة التي تشكل خلفية بعض الصور التي التقطت خلال هذه القمة، وأبرزها صورة الاجتماع بين الرئيس الأميركي جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير مجمد بن سلمان.
وتوثق هذه الصورة ، حدث انه تم في قمة جدة طي صفحة التباعد بين الرئيس الديموقراطي جو بايدن، وبين ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان الذي ينظر إليه داخل السعودية وفي العالمين العربي والغربي وفي الشرق، على انه يمثل مستقبل المملكة المطلة على مجمل آفاق استراتيجية جديدة و غير مسبوقة، منها أفق ” رؤية ٢٠٣٠” و” رؤية مدينة نيوم” و” استراتيجية الاعتماد على الطاقة البديلة” و” مشروع التنوير الديني” ، الخ..
والواقع أن كل واحد من هذه الآفاق او هذه المشاريعة التي يعمل عليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، هو أشبه بتحول بنيوي عملاق في السعودية ، وعليه يمكن القول بثقة انه لم يكن ممكنا لشخصية سعودية ان تقارب كل هذه المشاريع دفعة واحدة ، لو انها غير مقتنعة بقوة الدعم الشعبي لها داخل المملكة، ولو انها ليست على قناعة تامة بأن ما تقوم به من مشاريع داخل السعودية، هو بالتحديد ما يريده ويتطلع اليه الشعب السعودي.
وبكل الاحوال فإن بايدن حضر إلى المملكة العربية السعودية ، والتقى الأمير مجمد بن سلمان، وذلك في جو عربي جامع قوامه دول الخليج، مضافا إليها العراق بوابة المشرق العربي والخليج العربي ، ومصر مركز الثقل العربي، والأردن الذي ضمن ميزاته ان التاج الهاشمي يصل ظله إلى مدينة القدس.
ولا شك ان أحد المعاني الاستراتيجية في قمة جدة ، هي أن أميركا الحزب الديمقراطي التي يوجد بينها وبين العرب بعض الفتور، حضرت إلى مكان التقاء العرب في السعودية ، وذلك تحت ضغط ان أميركا تحتاج إلى العرب وتريد المساعدة من العرب ، وتحت إدراك مستجد من قبل ادارة بايدن بان المساعدة العربية لواشنطن، لن تقدم الا اذا كانت لا تشكيل ضررا على مصالح العرب العليا.
لقد سبقت زيارة بايدن للسعودية عدة أحداث بين إدارته والعرب تمثلت برفض الرياض طلب واشنطن إخراج روسيا من ” أوبك + ” ، ورفض السعودية الانخراط في حلف عسكري يوحد فيه اسرائيل . وخلال قمة جدة لم تغير الرياض مواقفها هذه، ولم يحاول بايدن الضغط لاجبارها على تغيير مواقفها لصالح تبني كل ما تريده واشنطن.
.. وعليه يمكن القول ان قمة مكة جرت بين الند العربي والند الاميركي، وبين من يمثل المصالح العربية ومن يمثل المصالح الأميركية..
وبسبب كل هذه العوامل الجديدة، بات يجدر الاعتقاد ان قمة جدة هي لحظة ذهبية تقدم للعرب فرصة ذاتية و دولية وإقليمية، تسمح لهم بإعادة إحياء النظام العربي الرسمي، كون السلوك السعودي الجديد مع أميركا بخصوص ازمة اوكرانيا وغيرها، يبرهن ان العرب انتقلوا من موقع انهم مجرد مستمعون لما تريده أميركا من العرب ، ليصبحوا في موقع يوجب على أميركا ان تبدأ هي بدورها أيضا بالاستماع الى ماذا يريد العرب كنظام قومي له مصالح عليا، من أميركا.