غادر الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يوم الثلاثاء، العاصمة الفرنسية باريس بعد زيارة دولة إلى فرنسا استمرت يومين
وكان الشيخ محمد بن زايد قد التقى خلال الزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعددا من كبار المسؤولين الفرنسيين، وبحث معهم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المتبادلة إضافة إلى التشاور والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وقال البيان الإماراتي – الفرنسي المشترك الصادر بمناسبة زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا: “تلبية لدعوة من فخامة إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بزيارة دولة إلى الجمهورية الفرنسية استغرقت يومين”.
وأضاف البيان: “قدم فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون مجددا خالص تعازيه بوفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي كان قائدا استثنائيا حظي باحترام العالم وتقديره، ووجه فخامته تهانيه الحارة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انتخابه رئيسا لدولة الإمارات، متمنيا لشعب دولة الإمارات دوام التقدم والازدهار. كما وجه فخامته شكره إلى سموه لتلبيته الدعوة في أول زيارة دولة له إلى فرنسا، والتي تناولت العلاقات الاستراتيجية الراسخة بين البلدين”.
وتابع: “أثنى الرئيسان على عمق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وفرنسا والتي ترتكز على الصداقة المتينة والثقة المتبادلة بين البلدين، مؤكدين الالتزام المشترك تجاه توسيع آفاق التعاون الثنائي في جميع المجالات والعمل معا في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية”، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”.
وفيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، فقد أعرب الرئيسان “عن قلقهما العميق بشأن الحرب في أوكرانيا وتأثيرها المروّع على المدنيين وتداعياتها على الوضع الإنساني وآثارها على أسواق السلع العالمية. وشددا على الضرورة الملحّة لتكثيف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للأزمة. وأشاد الشيخ محمد بن زايد بالجهود الحثيثة التي يبذلها الرئيس ماكرون في هذا الشأن”.
وفي ملف أمن الطاقة والغذاء “بحث الرئيسان مجموعة من الفرص والتحديات الإقليمية والعالمية، واتفقا على العمل معا لإيجاد الحلول للتخفيف من حدة تأثيرها على البلدين والعالم، كما اتفقا على إقامة شراكة استراتيجية شاملة في مجال الطاقة بين الإمارات وفرنسا والتي تمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز أمن الطاقة واستقرار تكلفتها”.
ورحب الرئيسان بالاتفاقية بين شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” وشركة “توتال للطاقة” حول توفير الوقود بهدف زيادة أمن إمدادات الوقود في فرنسا.
وشدد البيان على أن الإمارات “أكدت دعمها للجهود العالمية بشأن الأمن الغذائي وعملها مع فرنسا لإيجاد السبل لتخفيف الضغوط المتواصلة على منظومة الإمدادات العالمية، وأعلنت عن دعمها لمبادرة (تعزيز القدرة على الصمود في مجالي الغذاء والزراعة) وخاصة فيما يتعلق باعتماد نظام تجارة الأغذية والذي يتميز بالانفتاح والشفافية والمرونة فضلا عن توفير المعلومات ذات الصلة لدعم (نظام المعلومات المتعلق بالأسواق الزراعية)”
وبالنسبة لقطاعات الاقتصاد والاستثمار والصناعة فقد “أعرب الرئيسان عن طموحاتهما المشتركة حول مواصلة توسيع الشراكة الاقتصادية المتميزة بين البلدين وذلك بناءً على الشراكة الاستثمارية الواعدة التي تم إطلاقها في ديسمبر 2021. وأبدى الجانبان اهتمامهما بتطوير التعاون الثنائي في المجالات ذات المصالح والقدرات المشتركة.
كما أثنى الجانبان على مجلس رجال الأعمال الإماراتي – الفرنسي الذي أطلق خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى فرنسا والذي يهدف إلى فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك بما يخدم أسواق البلدين. ونوّه الجانبان بأهمية المجلس كونه أحد القنوات المهمة لتوسيع التعاون البنّاء بين مجتمعات الأعمال في البلدين، وأكدا رغبتهما المشتركة في عقد الاجتماع الافتتاحي للمجلس خلال الفترة القادمة”.
كذلك أكد الرئيسان على “أهمية العمل المناخي والذي يمثل أولوية قصوى للبلدين، معربين عن الطموحات والأهداف المشتركة للبلدين في هذا المجال المهم. وهنأ الرئيس ماكرون دولة الإمارات على اختيارها لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ /COP-28/، والذي ستنطلق أعماله في عام 2023، وأكد استعداد فرنسا لتقديم الدعم الكامل ومشاركة خبرتها من تنظيم الدورة الحادية والعشرين من المؤتمر ذاته، كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم حول العمل المناخي لتعزيز آفاق التعاون المشترك بين فرنسا ودولة الإمارات”.
وهنأ الجانب الفرنسي الإمارات بنجاح تشغيل برنامجها للطاقة النووية السلمية، وأكد الجانبان الدور المهم للطاقة النووية في دعم جهود البلدين للحد من الانبعاثات الكربونية في قطاعات الطاقة وعزمهما على مواصلة التعاون المتين في هذا القطاع من خلال تبادل الخبرات الفنية وتوفير التكنولوجيا والوقود النووي.
وأشاد الجانبان “بالتقدم المحرز على صعيد مذكرة التفاهم بشأن الهيدروجين منزوع الكربون وفيما يتعلق بجهود البحث والتطوير البحري، فقد اتفق الجانبان على توثيق التعاون الثنائي لتطوير برنامج البحوث البحرية لتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام”.
واتفق الرئيسان على أهمية القطاع الصحي ومجالات التعاون الرئيسة بين البلدين والتي من الممكن التوسع فيها كونها من المجالات ذات الأولوية للتنمية وتبادل الخبرات بين الإمارات وفرنسا.
ورحب الجانبان بتوقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون بين معهد باستور ومركز أبوظبي للصحة العامة، مشيرين إلى إمكانية أن يسفر هذا التعاون عن نتائج إيجابية للطرفين.
وبالانتقال إلى التعليم والثقافة والفضاء، فقد أكد البيان على “أهمية المشاريع الحالية مثل جامعة السوربون أبوظبي، والجهود لتوسيع التعاون في مجال التعليم العالي مع مراكز تعليمية فرنسية مثل مدرسة البرمجة إيكول 42 ومدرسة نورماندي للأعمال ومدرسة أوروبا للتجارة. وقد أبدى الجانبان اهتماما كبيرا بالمشاريع المستقبلية، مثل مدرسة روبيكا المهنية، داعين إلى تعزيز التعاون في دولة الإمارات مع مؤسسات التعليم العالي الفرنسية وتوسيع نطاق تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الإماراتية”.
وبحث الرئيسان وفق البيان “إمكانيات استكشاف فرص جديدة للتعاون الثقافي، وذلك بعد الشراكة الناجحة التي تجسدت في متحف اللوفر أبوظبي”.
وكون قطاع الفضاء أحد المحفزات الرئيسة لتطور العلوم والتكنولوجيا، فقد وقّع الجانبان الإماراتي والفرنسي عدة اتفاقيات تتعلق برصد الأرض والمبادرات بشأن تغير المناخ واستكشاف القمر، وذلك لتقوية وتوطيد التعاون في هذا المجال المهم.
وأكدت الإمارات وفرنسا بصفتهما عضوين مؤسسين في التحالف الأمني الدولي منذ عام 2017، التزامهما بمكافحة التطرف والجريمة العابرة للحدود، من خلال تبادل الخبرات ومواصلة تعزيز الجهود المشتركة مع بقية الدول الأعضاء.
وبحث الرئيسان آفاق تعزيز السلام والحوار والدبلوماسية في المنطقة، وأعربا عن أملهما في أن تؤدي المفاوضات النووية مع إيران إلى اتفاق يضمن تعزيز الأمن الإقليمي.
وأشاد الشيخ محمد بن زايد بالنجاح الذي حققه مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، فيما أشاد الرئيس ماكرون بالاتفاق الإبراهيمي الذي يسهم في نشر السلام والازدهار في المنطقة من خلال مد الجسور والتعاون.
وبالنظر إلى خارج المنطقة، أشار الرئيسان إلى “أهمية النظام متعدد الأطراف كونها سبيلا أمثل لزيادة التفاهم والثقة المتبادلة على الصعيد الدولي، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى التعاون الجماعي”.