-خاص الهديل –
خلال انتخابات رئاسة الجمهورية الاخيرة؛ تعلم سمير جعجع عدة دروس اساسية، سوف ترافقه طوال حياته السياسية..
ابرز هذه الدروس هو الحذر الشديد من أن يتفاجأ بإتفاق سني يحصل من وراء ظهر معراب، مع شخصية مارونية قوية، وترشيحها لرئاسة الجمهورية؛ تماما كما حصل حينما رشح سعد الحريري لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، ومن ثم العماد ميشال عون؛ ما جعل الحكيم مضطرا للالتحاق بركب ترشيح خصمه اللدود ميشال عون حتى يستبعد ترشيح خصمه الوجودي فرنجية، وايضا حتى يكون شريكا مع السنة في ترشيح عون، كون الفأس وقع على الرأس، ولم يعد هناك فائدة من المقاومة.
اليوم يسارع جعجع ليعلن ترشيحه لشخصية مارونية قوية، وذلك على نحو مبكر، وهي قائد الجيش العماد جوزاف عون؛ وهدف جعجع من ذلك، هو إحراج اي طرف سني او شيعي وازن او شبه وازن، يقوم بترشيح شخصية مارونية من وراء ظهر معراب، كما فعل الحريري في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، وكما فعل حزب الله ايضا..
.. وبالأساس ، يريد جعجع هذه المرة وضع العوائق امام عجلة اي تفكير لدى حزب الله بترشيح سليمان فرنجية او حتى جبران باسيل.. فجعجع يعتقد – وهو محق بذلك- انه يستطيع أن يقاتل عبر طرح اسم قائد الجيش الذي لديه تأييد واحترام شعبي وسياسي واسعين ، الاسمين الأساسيين اللذين قد تطرحهما حارة حريك لرئاسة الجمهورية (اي باسيل وفرنجية).. فبمجرد ان يقوم جعجع بترشيح قائد الجيش، فان ذلك سيؤدي الى حدوث امرين اثنين هامين :
الأول اظهار ان نادي الترشيح لرئاسة الجمهورية لا توجد كل مفاتيحه مع حزب الله، فهناك أسماء قوية ولها حضورها المقبول داخليا وخارجيا تنافس المرشحين اللذين يطرحهما حزب الله، انطلاقا من شعار “اما أحدهما او لا أحد ” .
الأمر الثاني هو أن ترشيحه جوزاف عون، يعني أن جعجع يريد ” افضل رئيس تسوية” بشروط جيدة ، مع الحزب، أو بكلام ادق يريد ” أقرب رئيس تسوية لمبادئ السيادة والتغيير والإصلاح”. فجوزاف عون لا تطرح اسمه موجبات المواجهة المفتوحة مع القوى السياسية وبضمنها حزب الله ، ولكن طرح اسمه يفتح الباب امام تسوية بين هذه القوى وبين هدف الإصلاح المعطل والمستعصي، والذي سيظل معطلا ومستعصيا فيما لو وصل للرئاسة الاولى باسيل الذي سيكون استمرارا لفشل عهد عون ، أو فرنجية الذي سيكون تجسيدا لمعادلة غلبة المناكفات الداخلية على حساب الإصلاح الداخلي المطلوب.
وانطلاقا من هذه المعادلة التي تظهر ان قائد الجيش هو ” مرشح مواصفات فخامة رئيس التسوية بين الاحزاب وهدف الإصلاح ” ، وليس مرشح حرق اسماء شخصيات مطروحة، يصبح ممكنا القول بثقة انه ليس صحيحا ان ترشيح جعجع لجوزاف عون لا يؤدي إلى حرق أوراق قائد الجيش الرئاسية؛ ذلك ان جعجع حتى لو كان يناور بطرح قائد الجيش ، فهو يفعل ذلك من أجل احراج فرص باسيل وفرنجية؛ أما جوزاف عون فهو يستمر “مرشح المواصفات المطلوبة للحل، ولانهاء الازمة واختراق اللعبة السياسية المغلقة.
والواقع انه بعد ترشيح العماد جوزاف عون وقبل ترشيحه، فان اسمه يظل مؤهلا لان يدخل بعبدا من ميدان المواصفات الرئاسية وليس من ميدان الاشتباك الرئاسي؛ وليس مستبعدا ان يشكل طرح جوزاف عون للرئاسة ما يشبه الباب الخلفي الذي يخرج منه بهدؤ وبسلام كل اعضاء نادي مرشحي الرئاسة التقليديين من حلبة الترشح ، وبهذا المعنى سيصبح اسم قائد الجيش هو الحل لجعجع الذي يدرك انه ليس مرشحا عمليا للرئاسة ، و لباسيل الذي يدرك ان فرصته الرئاسية بعيدة لاسباب دولية وخارجية، ولفرنجية الذي يدرك أن مقاومة رئاسته قادرة على الجمع بين جعجع وباسيل.
.. واذا كان جعجع عبر ترشيحه جوزاف عون، بكر واعترف بانه ليس مرشحا عمليا بوجه فرنجية ، فإن باسيل سيليه ويعترف بأنه لم يعد المرشح الأكثر تمثيلا للمسيحيين، بعدما بينت نتائج الانتخابات على الساحة المسيحية ذلك، ونفس الأمر بالنسبة لفرنجية.. وعليه فإن جوزاف عون، ليس مرشحا بوجه الثلاثي الماروني ، ولا بوجه المرشح الماروني لحزب الله ، بل هو مرشح يؤمن نزولا هادئا للثلاثي الماروني ( جعجع وباسيل وفرنجية) ، و ايضا لمرشح حزب الله الماروني عن شجرة الرئاسة التي ثبت انها بعيدة المنال عنهم .