كتبت “المركزية”:
فيما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يعلن امس من السراي “أن لبنان الذي يعاني من مشاكل سياسية وإقتصادية وإجتماعية يتطلع إلى أشقائه وأصدقائه لكي يقفوا إلى جانبه في محنته، ليستطيع أن يعود إلى لعب دوره المحوري داخل أسرته العربية”، وذلك في خلال رعايته إفتتاح إجتماعات وزراء الزراعة في لبنان، سوريا، الاردن والعراق… كان الملف اللبناني يحضر بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في الاليزيه.
وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فان قضية لبنان اثارها سيد الاليزيه مع ضيفه حيث كان اتفاق على ضرورة الاصلاح ثم الاصلاح. الاولوية التي التقى عندها الجانبان كانت هذه اذا، غير ان الإصلاحات في نظر الرياض ليست اقتصادية فقط بل سيادية ايضا، ولا يمكن تحقيق واحدة من دون الاخرى.
فقد شددت المملكة على ان مسايرة حزب الله في لبنان، لا تنفع، معارِضة باريس في نهجها “الحواري” مع الضاحية وقد زارتها منذ ايام معدودة السفيرةُ الفرنسية آن غريو. صحيح ان السعودية في صدد الانخراط اكثر في حوارها الاقليمي مع ايران، ونتائج محادثاتها المتوقعة قريبا في بغداد على الارجح مهمة جدا لجهة انعكاساتها على لبنان، غير انها تعتبر ان هذا الامر يجب الا ينسحب على الحزب، بما ان مهادنته تمنع في الواقع، اي اصلاحات فعلية في لبنان.
بن سلمان اتفق اذا مع ماكرون على “الاهداف” لبنانيا، الا ان الطرق الى تحقيقها، بدت محط تباين بينه والاليزيه. فالاول يتمسك بتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان وتحديدا تلك التي تعنى بالسلاح غير الشرعي، وعلى رأسها الـ١٥٥٩ والـ١٧٠١، بينما ماكرون يرى ان يمكن التفرّغ اليوم للخطة الاقتصادية ولضبط الحدود واقرار الموازنة وترشيق الادارة، على ان تُلاقي الدول الكبرى لبنان في منتصف الطريق اذا أحسَن البلاء في هذه النقاط. بينما الرياض لا تكتفي بهذه الشروط وتتمسّك بالسلة الكاملة. فبعد ان تقوم دولة فعلية لا دويلة تديرها وتتجاوزها، عندها تُطبّع علاقاتها مع بيروت. والى ذلك الحين، هي تفضّل حصر مساعداتها للبنان، بالشق الانساني الصرف، على رغم تمني باريس زيادة مساعداتها وعدم ترك لبنان.
الرجلان اتفقا ايضا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في المواعيد الدستورية، على ان يكون ايضا اصلاحيا سياديا غير منحاز لمحور الممانعة في المنطقة، كما اعتبرا التوصل الى اتفاق في شأن ترسيم الحدود البحرية امرا ضروريا للبنان وجارته، وهنا، كان تذكير اضافي من بن سلمان بضرورة ابعاد وهج الحزب عن القضية.
يمكن القول اذا، انطلاقا من كل هذه المعطيات، ان نظرة المملكة الى الوضع اللبناني ومقاربتها له، لم تختلفا بعد، تختم المصادر.