خاص الهديل
أمس شنت الطائرات الإسرائيلية عدوانا جديدا على الأراضي السورية ، وتحدثت معلومات عن ان الغارة الإسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية وقاعدة دفاع جوي ورادارا للجيش السوري في منطقة ريف طرطوس الجنوبي التي يوجد فيها ايضا موقعا عسكريا للجيش الروسي. وتضيف هذه المعلومات، بان الغارة انطلقت من فوق منطقة الجية في لبنان، و استهدفت صواريخ كان يتم نقلها من قاعدة للجيش السوري الى حزب الله!!.
والواقع ان طبيعة هذا الهدف الذي استهدفه العدوان الاسرائيلي في سورية امس، يبدو ملفتا لناحية ان استهدافه يوجه اكثر من رسالة عسكرية تصعيدية في رسالة واحدة؛ ويبدو ايضا ملفتا لجهة ان توقيته يأتي في خضم لحظة تصعيد سياسي وامني وعسكري كبير في المنطقة؛ ما يوحي وكأن إسرائيل تريد أن تقول للدول والقوى التي تعاديها في المنطقة، انها لا تزال تمسك بزمام مبادرة الردع من ناحية، وبزمام القدرة العالية على تنفيذ العمليات الاستباقية من ناحية ثانية، وايضا بزمام القدرة على المبادرة الأمنية والاستخباراتية من ناحية ثالثة.
.. وتوجيه إسرائيل من فوق الأراضي اللبنانية، صليات صواريخ باتجاه طرطوس السورية، وضد مواقع يقال انها للجيش السوري، ويوجد فيها صواريخ لحزب الله، وفي منطقة يوجد فيها قواعد روسية، إنما هو ” أكثر من غارة” و” أقل من حرب” ؛ ذلك أن إسرائيل بغارتها هذه امس، تكون قد خرقت قواعد الاشتباك على اكثر من جبهة ومع اكثر من طرف: فهي اولا تعدت على تفاهمها مع روسيا لجهة انها تجرأت وقصفت منطقة يوجد فيها قاعدة للجيش الروسي، وثانيا عادت لتقصف سورية من فوق الأراضي اللبنانية، بعدما كانت تحرص على ان ينطلق قصفها لسورية من الجولان المحتل ، وثالثا تتقصد إسرائيل اعلان انها مستمرة بمطاردة صواريخ حزب الله في سوريا حتى لو كانت داخل قواعد عسكرية تابعة للجيش السوري وفي منطقة يوجد فيها قاعدة عسكرية للجيش الروسي.
وبهذا المعنى فإن غارة طرطوس امس هي بمثابة ثلاثة رسائل حربية في رسالة واحدة، وهي بمثابة المغامرة بإشعال النار في ” فتيل ” يؤدي إلى اندلاع ثلاثة اشتباكات او حتى ثلاث حروب.
وما يبدو ملفتا ايضا في غارة طرطوس امس، هي انها تستهدف الجيش السوري على نحو مباشر، وبشكل تقصد أن يخلف قتلى واصابات بين صفوفه، وذلك بعد مضي اقل من ٢٤ ساعة على قيام الطائرات الإسرائيلية برمي مناشير في المنطقة السورية المتاخمة للجولان المحتل، دعت فيها الجيش السوري الى عدم السماح لعناصر حزب الله بالتمركز في هذه المنطقة، و استخدام مواقعه فيها، وطالبته باخراجهم منها.
.. وعليه فإن غارة طرطوس امس تبدو في سياق الأحداث الميدانية التي حصلت فيها، تمثل تنفيذا لتهديد المناشير الإسرائيلية في منطقة الجولان، وهي بالتالي تجسد توجها لتل- أبيب لتثبيت معادلة جديدة تفيد بأنها ستجعل الجيش السوري يدفع ثمن تواجد حزب الله في منطقة جنوب دمشق القريبة للحدود مع الجولان المحتل ( القنيطرة ومحيط درعا) ، ولسماحه للحزب بتمرير صواريخ عبر قواعد الجيش السوري العسكرية في كل سورية!!.
وما يدعو للقلق والتوجس من هذا السلوك الاسرائيلي، هو انه يأتي كاستتباع لحرب غزة التي بادرت إليها إسرائيل مؤخرا؛ ما يوحي بقوة بان حكومة يائير – غانتس لديها ضوء أخضر أميركي واضح بتنفيذ سلسلة عمليات عسكرية تحاكي تنفيذ “سيناريو حرب ” في غزة ولبنان وسورية ضد اذرع إيران في المنطقة، وذلك من دون مراعاة من قبلها لقواعد الاشتباك القديمة التي كان من بينها عامل تحاشي ضرب هدف في سورية يوجد بمحيطه قاعدة عسكرية روسبة ؛ وايضا عامل تجنب – لحد كبير- إيقاع خسائر بشرية خلال هذه الغارات، وتجنب انطلاق صواريخ هذه الغارات الاسرائيلية من عمق الاراصي اللبنانية، الخ..
قصارى القول ان سلوك إسرائيل منذ حرب غزة قبل أيام، وصولا لغارة امس على طرطوس ، يؤكد أمرا واحدا وهو ان على بيروت عدم استبعاد وجود نية إسرائيلية لتنفيذ ” سيناريو حرب مفاجئة في لبنان ضد حزب الله ” .