يترقّب لبنان انعكاسات أحداث العراق وتداعياتها عليه، فالظروف متشابهة بين البلدين، وفي كليهما يحرص حلفاء إيران خلال هذه المرحلة على التهدئة وإيجاد صيغ تسوية جديدة؛ تجنباً لتفاقم الصراعات السياسية وانعكاسها على الشارع، فتكون الفوضى هي الأمر القائم.
كل مقومات الانفجار الاجتماعي في لبنان قائمة، من أزمات معيشية واقتصادية، وانسداد سياسي، وصراع على تفسير الدستور بين رئيسَي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي، وبحال استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الشارع قد يكون خيار اللبنانيين.
ولا تختلف الظروف اللبنانية عن العراقية، إذ شهدت بغداد قبل أشهر انتخابات لم تؤدّ إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، وقبل أسابيع شهد لبنان انتخابات لم تنجح كذلك في تشكيل الحكومة حتى الآن، ولا بوادر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده بسبب الصراعات والخلافات بين الفرقاء المختلفين.
وإلى جانب الصراع السياسي، هناك صراع اقتصادي على خطة التعافي وقوانين الإصلاح بما فيها «الكابيتال كنترول»، الذي لم ينجح المجلس النيابي في التوافق حوله وإقراره، بل أكثر من ذلك، هناك الكثير من النواب يعارضون القانون ويطلبون من الجماهير الاستعداد للتحرك في حال كان هناك إصرار على تمريره، وإذا حصل هذا السيناريو فإنه يعني اللجوء للشارع والتظاهر كما كان الوضع في أكتوبر 2019. أمام هذه الوقائع، تستمر المحاولات والضغوط لأجل تشكيل حكومة، ويسعى حزب الله أكثر في هذه المرحلة، لتجنب حصول تظاهرات أو احتجاجات، والحرج من عدم قدرته على تغطية موقف الرئيس المتحالف معه في حال لجأ إلى خيارات لن تكون دستورية لعدم تسليم صلاحياته لحكومة تصريف الأعمال.
وبحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن حزب الله بدأ تحركه باتجاه الرئيسين عون وميقاتي في محاولة للوصول إلى حدّ أدنى من القواسم المشتركة التي تتيح إنجاز التشكيلة الحكومية لتجنّب الدخول في صراع دستوري قابل لأن يترجم بصراع في الشارع بعد دخول لبنان في الفراغ الرئاسي.
في السياق، تشير المصادر إلى أن تواصلاً حصل بين الحزب وميقاتي لإقناعه بضرورة التفاهم مع عون، بينما تواصل الحزب مع رئيس الجمهورية لإزالة شرطه بتعيين 6 وزراء سياسيين في الحكومة الجديدة.
وبهذا المسار استكمل الحزب مساعيه مع الطرفين للتوصل إلى صيغة حكومية، لأن الحزب مهتم كثيراً بالتشكيل لئلا ينفلت الأمر، ولأنه بحاجة إلى غطاء شرعي ودستوري يستند إليه ويكون ممثلاً فيه بمواجهة أي تطورات مرتبطة بالخارج، بما فيها مسار مفاوضات ترسيم الحدود وفي حال وصلت إلى طريق مسدود ولم يبق أمام الحزب سوى خيار الذهاب إلى سيناريوهات أمنية أو عسكرية ضد إسرائيل.
وبحسب المعلومات حول اللقاء الخامس من نوعه الذي جرى أمس بين ميقاتي وعون، فإن ميقاتي اقترح على عون إعادة ‘نتاج الحكومة نفسها، بحال لم يكن يريد الأخير تغييراً في الأسماء أو تبديل وزيري الاقتصاد والمهجرين. فيما يقترح عون تعديلاً لا يشمل حصته الوزارية فقط. وتؤكد المعلومات ان الضغوط ستستمر لتشكيل الحكومة في أسرع وقت تجنباً للفراغ ولتداعياته، ولدى سؤال ميقاتي عند دخوله الى القصر الجمهوري عن احتمال انجاز التشكيلة في الجلسة أجاب ممازحاً بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري غير موجود في بيروت لإصدار مراسيم التشكيل.
الجريدة الكويتية