كتب عوني الكعكي:
المفاوضات الجارية في ڤيينا بين الدول الأوروبية وبين إيران، حول الملف النووي الايراني تشير في كل يوم الى خبر جديد، لكن وللأسف فإنّ الأخبار الواردة متناقضة، إذ يشير بعض المحللين بأنّ الاتفاق أصبح وشيكاً، ثم يرد في اليوم الثاني تصريح أميركي يفيد بأنّ الشروط الاميركية لا يمكن التنازل عنها… وهكذا يعيش المواطن في العالم بين «هبّة باردة وهبّة ساخنة» كما يقولون. على كل حال الأفضل هو الانتظار لأنّ هناك علاقات سرّية بين البلدين لا يعرفها إلاّ القليلون وحتى من الدول. فهناك مصالح للأميركيين: أوّلها مصلحة إسرائيل… لذلك فإنّ البند الأول الذي يجب أن ننظر إليه هو: أين تكمن مصلحة إسرائيل، وما هو الخطر الذي سيشكله هذا الاتفاق على الدولة العبرية؟
هناك نائب إيراني مقرّب من المرشد الأعلى للثورة وهو من النواب الذين يعتبرون من الممثلين له اسمه علي خضريان، صرّح لصحيفة «كيهان» الايرانية التابعة للمرشد الأعلى بالقول: «إنّ المفاوضات لن تصل الى نتيجة بتاتاً، خاصة إذا لم يأخذ النص المقترح بالاعتبار «الخط الاحمر» الايراني المتعلق برفع العقوبات، وبخاصة ما يتعلق بالحرس الثوري. وذلك قبل بدء أي خطوات إيرانية لتخفيض أنشطتها النووية…».
كما أكد النائب خضريان: «إصرار إيران على حصولها على ضمانات من أميركا بعدم الانسحاب من الاتفاقية مرّة أخرى، كما جرى عندما جاء الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الى السلطة فألغى الاتفاق الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما عام 2015».
أما بالنسبة للشروط المتعلقة بالسماح لإيران ببيع النفط، خاصة الشرط الذي ينص على السماح لإيران ببيع ما يصل الى 50 مليون برميل. فهنا يجب الحصول على موافقة أميركية على عملية البيع، وعلى المشتري كذلك. وهناك شرط ثانٍ هو العملة التي تستعملها إيران في بيع النفط، فلا تستطيع إيران أن تستبدل الدولار أو اليورو بأي عملة أخرى.
النقطة الأصعب هي بقاء 1600 شخص على قائمة العقوبات، وذلك بعد التوصّل الى اتفاق، ولن يتم إغلاق ملف إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية نهائياً.
على صعيد آخر، أعرب رئيس تحرير صحيفة «كيهان» حسين شريعتمداري في مقابلة مع وكالة أنباء فارس القريبة من الحرس الثوري الايراني، عن تشاؤمه بشأن الاتفاق لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم الاتفاق النووي.
وقال: «إنّ السبيل الوحيد لإيران لتمضي قدماً هو الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية». وجاءت هذه التصريحات بعدما حذّر المتحدّث باسم البيت الأبيض، من أنه لا يمكن أن تكون هناك شروط تربط إحياء الاتفاق النووي بالتزامات طهران بمعاهدة حظر الانتشار النووي.
وطالبت طهران مراراً بإغلاق ملف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن المواد النووية التي كُشفت في مواقع غير معلنة بالتزامن مع المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.
وعلى ما يبدو، فإنّ إيران تنوي استغلال الوضع الحالي الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا وحاجة أوروبا للوقود بغية ممارسة المزيد من الضغوط خدمة لمطالبها.
خلاصة القول، إنّ إبرام الاتفاق النووي المحتمل يواجه صعوبات ليست بالبسيطة… والأيام المقبلة ستكون حافلة بالأحداث.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*