توقع الباحث في برنامج آسيا الوسطى التابع لـ”معهد أبحاث السياسة الخارجية” ماكسيميليان هس ألا يدوم طويلاً وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين أرمينيا
وأذربيجان. وكتب في مجلة “فورين بوليسي” أن القوات الأذرية تواصل احتلال جزء من أراضي أرمينيا وخصوصاً المرتفعات حول بلدة جرموك. وتشير الإشاعات الى المزيد من الهجمات.
ثمة فراغ قوة في المنطقة جعل أذربيجان أكثر جرأة لإحراز تقدم إضافي. أظهرت أذربيجان تفوقها العسكري على أرمينيا خلال نزاع 2020. حينها توسطت روسيا للتوصل إلى وقف صعب لإطلاق النار. بينما تظل الظروف مختلفاً عليها، يظهر أن روسيا هددت بالتدخل بقوة أكبر إذا لم توافق باكو.
مثّل ذلك توسعاً لحضور روسيا العسكري في منطقة جنوب القوقاز على مستوى غير مسبوق منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. أثار الاتفاق معارضة شاملة داخل أرمينيا. لكن رئيس الوزراء نيكول باشينيان لم يكن لديه خيار سوى اللجوء إلى موسكو بما أن واشنطن وأوروبا كانتا غائبتين عن الجهود الديبلوماسية لإنهاء نزاع 2020.
في نهاية المطاف، سمح باشينيان لروسيا بتوسيع حضورها العسكري داخل أرمينيا مع بناء قواعد جديدة في البلاد إضافة إلى دورها الموسع في ناغورنو كراباخ. لكن روسيا غير قادرة على استدامة ذلك الحضور وأرمينيا تعاني الآن من العواقب وفقاً لهس.
الاتفاق الذي رعته روسيا لم يحل المشاكل الكامنة في المنطقة بل افتتح المزيد من الخلافات الإقليمية، من دون حل المشكلة في ناغورنو كراباخ. في هذه الأثناء، واصل الكرملين عرض المزيد من الأسلحة الثقيلة على أذربيجان. نهاية آب الماضي، فرضت أذربيجان أمراً واقعاً على أرمينيا مرسلة قواتها إلى بلدة لاشين كاشفة عجز روسيا.
بحلول ذلك الوقت، تابع هس، كان واضحاً بشكل متزايد أنّ الكرملين أفرط بالتمدد في حرب أوكرانيا مما اضطره إلى سحب جنود وتجهيزات من روسيا ومن دول بعيدة مثل طاجيكستان وسوريا ومن قاعدة غيومري في أرمينيا وهي واحدة من أكبر قواعدها الأجنبية.
وبيّن رفض “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” طلب ارمينيا بالتدخل كيف أنّ المنظمة “نمر من ورق”. فراغ السلطة في المنطقة والناجم عن المشاكل التي أغرقت روسيا نفسها بها يناسب نظام الرئيس إلهام علييف.
وختم هس مقاله لافتاً الى أنه من دون انتقال الأزمة إلى الأجندة العالمية بحيث تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا على تحفيز أذربيجان على التهدئة، فالآفاق ستكون قاتمة بالنسبة إلى أرمينيا.