كتب فؤاد بزّي في “الأخبار”:
أقرّ مجلس النواب في موازنة العام 2022 إضافة راتبين إلى رواتب الأساتذة وسائر موظفي القطاع العام، ووعد وزير التربية بحوافز مالية (130$) من الجهات المانحة (اليونيسيف) للعاملين في القطاع التعليمي. ولكن، لن ينطلق العام الدراسي اليوم في الثانويات بشكل رسمي، عدا الخروقات، على الرغم من وعود وزير التربية بأن يكون 3 تشرين الأول، اليوم الأول للتدريس في التعليم الرسمي كلّه. ذهب الوزير أبعد من ذلك في لقائه الأخير مع روابط التعليم الرسمي، وطلب من “يلّي مش عاجبو التقديمات يستقيل”. لم يردّ عليه أحد من “النقابيين” الحاضرين، وواصلوا اجتماعهم وكأنّ كرامة التعليم ما زالت مصانة.
يسمع المتابعون للشأن التربوي الوعود والتمنّيات، فكلّ الجمل تبدأ بـ”سنعقد، سنتابع، سنحاول، سندفع…”. هذه الأفعال ذاتها استُخدمت للتعبير عن التقديمات المنتظرة لإطلاق العام الدراسي الحالي في التعليم الرسمي، فصدّقت المكاتب التربوية، ودفعت الروابط إلى الموافقة، إلى أن جاءت المقابلة التلفزيونية الأخيرة لوزير التربية التي تكلّم فيما عن “فجوة في تمويل حوافز الأساتذة لم تؤمّن بعد”، مضيفاً “سنعمل على تأمينها”، الأمر الذي أعاد خلط كلّ الحسابات.
في المقابل، وصل الأساتذة إلى معادلة “الوعد بالوعد، والفعل بالفعل”. وهم يتساءلون اليوم “كيف نعود إلى التعليم ولم تقرّ الموازنة بعد، ولا تأكيدات على أنّ الحوافز المالية ستُدفع مع انطلاقة العام الدراسي”. ويضيفون “من اكتوى بالحليب، ينفخ على اللبن”. لم تدفع الدولة حتى اليوم بدل نقل العام الدراسي الماضي، وكذلك المساعدات (نصف راتب) عن أشهر نيسان وأيار وحزيران، بالإضافة إلى حوافز بعض الأساتذة. ويشير النقابيون إلى أنّ الموازنة “غير واضحة، وهناك إشكالية في كمية الأموال المرصودة”، ويتخوّفون من “عدم وجود مفعول رجعي، فماذا لو تأخر إقرارها أكثر أو لم تقرّ، نكون قد علّمنا براتب لا يكفي للوصول إلى الثانويات”.
تتعاطى المكاتب التربوية مع الأساتذة والثانويات كأنّ الوعود كلّها تحولت إلى أموال في الحسابات، ويبقى فقط أن يعاود الأساتذة عملهم. كما يحاول بعض أعضاء الهيئة الإدارية تنفيذ إرادة أحزابهم والالتفاف على الجمعيات العمومية، إما بالدفع لعدم عقدها تماماً والتوجه للتعليم وفتح الثانويات حيث أمكن، لخلق حالة ضغط على “رافضي العودة”، أو “تلغيم وتمييع” التوصيات التي تصدر عن الهيئة الإدارية وعلى أساسها تعقد الجمعيات، ما يؤدي إلى عدم تنفيذها على الأرض. هذا الأمر أدى إلى خلافات ضمن الهيئة الإدارية، بين ممثلي الأحزاب منهم، الداعين إلى التعليم اليوم الاثنين و”نقطة على السطر”، وبين من يريد حفظ ماء وجهه فقط والدعوة إلى جمعيات عمومية. وقد علمت “الأخبار” أنّ “ميوعة” التوصيات تكمن في عدم شمولها بند “رفض العودة”، بل تقتصر على بندين اثنين “التعليم لـ 4 أيام أو 3 أيام”، مع العلم أنّ وزارة التربية في تعميمها الأخير سمحت للأساتذة بـ”حصر نصابهم التعليمي بـ 3 أيام” كون التعليم سيكون لـ 4 أيام أسبوعياً، وخفّضت النصاب التعليمي من 20 ساعة أسبوعياً إلى 18.
وعليه، تعمل هذه المكاتب “على القطعة” مع المديرين. في بعض أقضية الجنوب، سيبدأ التعليم اليوم بنصف دوام، وهناك توجّه من بعض الثانويات لعدم الالتزام التام بمقرّرات رابطة التعليم الثانوي، ووُضعت برامج تعليمية لا تراعي حتى تخفيض النصاب الأسبوعي. ويجري تعزيز هذا التوجّه من خلال جمع التبرّعات، مثل “وقود السيارات” الذي أمّنه أحد النواب للأساتذة من مغتربي منطقة بنت جبيل، ما ترك العديد منهم في حيرة، ولا سيّما أنّ من سيوزّع “الهبة” ليس الدولة، بل جهات حزبية. وفي مقابل الترغيب، يبرز الترهيب أيضاً كما حصل في بعبدا، إذ عرض أحد المكاتب التربوية “فريق عمل” على الثانويات يقوم بالتسجيل بدلاً من الأساتذة.