كتب طلال عيد في “المركزية”:
بعد رفع الحدّ الأدنى للأجور في القطاع العام إلى 5 ملايين ليرة لبنانية، طالب رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر بأن “يكون الحد الادنى 20 مليون ليرة لبنانية”، مشدداً على أن “أي زيادة للأجور ستتآكل مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار”. فما القدرة على تنفيذ مطلب كهذا على أرض الواقع؟ وما رد فعل القطاع الخاص؟
أمين عام الهيئات الاقتصادية ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس يستغرب عبر “المركزية”، “المطالبة بـ 20 مليون ليرة لبنانية كحد ادنى جديد للاجور والرواتب في القطاع الخاص، في وقت ان الحد الادنى في القطاع العام 5 ملايين ليرة، مما يخلق تفاوتا بين القطاعين”، مطالباً بـ”التزاوج بين المؤشرات الاجتماعية المرتفعة والمؤشرات الاقتصادية المتراجعة”.
ويشير إلى أن “الحد الادنى لأي سلة استهلاكية يمكن ان يصل الى 20 مليون ليرة، لكن ابديت ملاحظتين الاولى أن الـ 20 مليون تمثل اليوم 500 دولار، بينما كان الحد الادنى في العام 2019 وما قبل وقوع الازمة 675000 ليرة أي 450 $ حينها، فهل يجوز ان يكون الحد الادنى بالدولار اليوم اعلى مما كان سابقا مع العلم ان الناتج القائم تراجع بنسبة 75 في المئة”.
وتوجه شماس الى الاسمر بالقول “نحن نحميك من هذه المطالب العشوائية التي ترفعها لانها تخلق نوعا من التضخم والـ 20 مليون ليرة ستؤدي الى رفع سعر الصرف، بينما المطلوب الحوار والتفاوض، خصوصا ان الهيئات ايجابية حول موضوع الاجور، لكن الحل لا يكون ترقيعيا بل بسلة متكاملة تبدأ بعودة العمل في المؤسسات الدستورية وتوقيع اتفاق عادل ومنصف وواقعي مع صندوق النقد الدولي لان ما يجري اليوم مبني على افلاس المصارف وشطب جزء كبير من ودائع اللبنانيين وتحميل الاقتصاد والمجتمع اللبناني كافة التضحيات واعفاء الدولة من متوجباتها”.
ويلفت إلى أن “في العام 2011 توصلنا الى اتفاق رضائي حول الرواتب والاجور خارج مساعي وزارة العمل بسبب البحبوحة التي كانت موجودة في البلد وبسبب النمو الاقتصادي. وبطبيعة الحال، الهيئات الاقتصادية لا تلبي هذه المطالب فقط بل تبادر الى الموافقة عليها”.
ويعتبر ان “التضخم في العام 2022 هو نتيجة جملة أسباب: اولها، انخفاض سعر الصرف بشكل كبير وتراجع العملة الوطنية بحدود 95 في المئة، وتجاوز التضخم الالف في المئة. السبب الثاني هو التضخم المستورد بسبب الحرب بين اوكرانيا وروسيا والمشاكل والاضرابات المتأتية من ذلك كارتفاع اسعار الشحن والمحروقات. اما السبب الثالث، فهو عدم القدرة على انجاز الاستحقاقات السياسية كتشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية مما يؤدي الى ارتفاع معدلات التضخم”.
ويؤكّد شماس على أهمية الحذر “لان التضخم من خلال التوسع في الكتلة النقدية يشبه “لحس المبرد”، وسبق ورأينا مفاعيله في الماضي. وبناء على ذلك نقول ان العامل اللبناني يستحق الكثير لعيشه الكريم، واصحاب العمل مستمرون في العطاء. وقد قلت لوزير العمل خلال اجتماع لجنة المؤشر ان هناك مؤشرات اجتماعية يتم النظر اليها لمعالجتها، لكن يجب النظر ايضا الى المؤشرات الاقتصادية التي يجب ان تؤخذ في الاعتبار، مثل التراجع في الناتج القائم واقفال المؤسسات وانهيار الاعمال. ففي القطاع التجاري مثلاً بلغ متوسط التراجع بين العامين 2019 و2022 حدود الـ 75 في المئة، لذلك من المفترض التزاوج بين المؤشرات الاجتماعية المرتفعة والاقتصادية المتراجعة”.
ويشكف أنه طالب أيضاً خلال اجتماع لجنة المؤشر بمهلة تمتد إلى اوائل تشرين الثاني المقبل “كي تسلم الهيئات الاقتصادية هذه المؤشرات التي تملكها وان يتم اعتمادها من الان وصاعداً. وتأجيل اجتماع اللجنة إلى ذلك التاريخ نتيجة وجود مؤشرات ايجابية لتشكيل حكومة وعودة الانتظام الى المؤسسات الدستورية”.