أعلن باحثون في مرصد ويب الفضائي، التابع لوكالة ناسا الأمريكية، صدور صورة جديدة لـ”أعمدة الخلق” التي تُعتبر الأدق حالياً والأكثر تفصيلاً، بعد الصورتين الملتقطتين لـ”أعمدة الخلق” سنة 1995 و2014.
لكن، ما هي أعمدة الخلق؟ وما الهدف من التقاط هذه الصورة؟
أعمدة الخلق وتشكُّل النجوم
تتكون أعمدة الخلق من الغبار والغاز الكوني، وتقع داخل ما يسمّى “سديم النسر”، وهو عبارة عن عنقود نجمي مفتوح يقع في “كوكبة الحيَّة” داخل مجرّتنا “درب التبانة”.
يبعد سديم النسر عن الأرض بحوالي 7 آلاف سنة ضوئية، وهذا العنقود يحوي سديماً والعديد من الممرات الغبارية المظلمة التي تُسمى سديم العقاب.
جاءت تسميته هذه من شكله الذي يشبه العقاب، وبالطبع فإن النجوم تولد داخله باستمرار لكونه سديماً، اكتشف ما بين عامي 1745 و1746، ويُعد سديم العقاب قطعة من سديم إشعاعي كبير مكون من الغبار والرماد الذي يرتفع لمسافة 97 تريليون كيلومتر.
حسب وكالة ناسا لم تكن هذه الصورة الأولى التي التقطها تلسكوب هابل الفضائي، إلا أنها تُعتبر الصورة الأكثر تفصيلاً، حيث تمثل الألوان الزرقاء الأكسجين، فيما يعبّر اللون الأحمر عن الكبريت، أما النيتروجين والهيدروجين فيظهران باللون الأخضر.
تحتوي أعمدة الخلق على نسبة عالية من الأشعة فوق البنفسجية الحارقة الصادرة عن مجموعة من النجوم الفتية الموجودة خارج إطار الأعمدة مباشرة، كما تعمل رياح النجوم على تآكل أبراج الغاز والغبار ببطء.
حسب نفس المصد، يمكن رصد سديم النسر من خلال تليسكوب صغير خلال شهر يوليو/تموز من كل عام، لكن لن تتمكن من رؤية أعمدة الخلق إلا بوجود تليسكوب كبير، وفي ظروف جوية جيدة
مقارنة بين الصورتين الحديثة والقديمة
بالاستناد إلى البيان الرسمي لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية ناسا، تم استخدام كاميرا “نيركام” الموجودة على متن تلسكوب جيمس ويب الفضائي، لهذه الكاميرا دورين رئيسيين التصوير، بالإضافة إلى مستشعر، إذ تعمل هذه الكاميرا بالأشعة تحت الحمراء.
تحتوي الكاميرا على 10 مصفوفات للكشف عن الزئبق والكادميوم والتيلورايد، ومزودة بعدسة تصل دقتها إلى 2048 بكسل، هذه الخصائص تساعد في جمع البيانات عن الكواكب والنجوم المحيطة بها.
عند مقارنة الصورة الجديدة لأعمدة الخلق بسابقتها التي التقطت سنة 1995 أو حتى التي التقطت سنة 2014 بواسطة تليسكوب هابل، يمكن ملاحظة صورة ضبابية للأعمدة، جراء السحب الغبارية التي تحجب النظر عما يقع خلفها.
بينما في الصورة الجديدة يمكن رؤية الأعمدة بشكل واضح، مبينة النجوم الصغيرة، حسب الوكالة يرجع السبب في وضوح الصورة إلى كاميرا التليسكوب التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والتي تسهل اختراق السحب الغبارية.
أعمدة مشابهة للحمم البركانية
وحسب نفس البيان توضح الصورة الجديدة السبب في ظهور قمم الأعمدة الثلاثة بالشكل الذي يشبه الحمم البركانية المتحركة، إذ إن تلك المنطقة تزخر بالنجوم الناشئة التي تطلق في بعض الأحيان نفثات قوية من المادة والطاقة، لتحرك محيطها من السحب الغبارية، فيبدو بهذا الشكل.
بسبب شكلها الذي اكتُشف قبل 30 سنة أطلق عليها هذا الاسم لشبهها الكبير بالأعمدة، كما تعد المنطقة زاخرة بالنجوم الناشئة حديثاً، فجمع العلماء ما بين الاسمين وأطلقوا عليها أعمدة الخلق.
ولهذا السبب فإن تلك المنطقة من السماء تلفت انتباه الباحثين الراغبين في تطوير نماذج فيزيائية تشرح كيف تنشأ النجوم في السحب الغبارية الكثيفة في الفضاء، وكلما تمكنوا من رصدها بصورة أدق وأكثر تفصيلاً، ساعدهم ذلك في تطوير فرضياتهم بشكل أفضل.