بعد تولّي قيادة مكافحة أسوأ جائحة في قرن من الزمن، لا تشعر الباحثة في شؤون اللقاحات كاثرين جانسن بأنّه يمكنها أن ترتاح. خلال القمّة السنويّة التي عقدتها مؤسّسة “ستات” المتخصّصة بشؤون الإعلام العلميّ والصحّيّ، قالت جانسن إنّ جائحة أخرى، هذه المرّة أساسها فيروس الإنفلونزا، أمر حتميّ.
وأوضحت للكاتبة البارزة في ستات هيلين برانسول أنّه “قبل سارس-كوف-2، (فيروس كوفيد-19) قلقنا من جائحة إنفلونزا. وفقط لأنّ كورونا أتى أولاً فهذا لا يعني أنّ الإنفلونزا جالسة هنالك”.
شغلت جانسن منصب رئيسة قسم أبحاث وتطوير اللقاحات في شركة “فايزر” قبل أن تتقاعد مؤخراً. ولفتت إلى أنّ انتشار جائحة إنفلونزا مسألة وقت. “السؤال هو، هل تأتي غداً أم بعد 50 عاماً من اليوم؟”.
ودعت إلى مراقبة عالمية أفضل للفيروسات وبنية تحتية أفضل للاتصالات كي يستطيع العلماء وصنّاع القرار، حين يظهر فيروس إنفلونزا خطير أو شديد العدوى، أن يعرفوا عنه ويستجيبوا بأقصى سرعة ممكنة.
أدلت جانسن بتعليقاتها إلى جانب رئيسة قسم علاج الأمراض المعدية في شركة “مودرنا” جاكلين ميلر التي انضمت إلى الشركة في أيار (مايو) 2020، وعملت على تطوير اللقاح لصالح “مودرنا”.
شدّدت كلتا العالمتين على حجم التحديات أمام تصنيع لقاحات مبنيّة على تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال بهذه الوتيرة المحمومة. وقالت ميلر إنّ الموازنة بين السرعة غير المسبوقة والأمان أسّست حاجة إلى إعادة تقييم مستمرة للبيانات.
وأضافت: “كان لدينا بعض المحادثات الصعبة حول الطريقة الفضلى لفعل ذلك. ما هي أفضل طريقة للتأكد من أنّنا نرى البيانات قبل اتّخاذ تلك الخطوة التالية، لكن مع تذكّر أنّ أشخاصاً يموتون يومياً”. وأشارت إلى أنّها كانت دوماً تطرح على نفسها السؤال التالي: “ما الذي يمكنكِ فعله بطريقة مختلفة؟”
سألت برانسول العالمتين كلتيهما عمّا إذا كانتا قد واجهتا لحظات صادمة فأجابت ميلر “فقط كلّ يوم”.
في آذار (مارس) 2020، حين قال رئيس “المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية” أنتوني فاوتشي إنّ لقاحات “كوفيد-19” ستكون متوافرة خلال 12 إلى 18 شهراً، لم يكن حتى العلماء المكلّفون ابتكار اللقاحات مقتنعين بأنّ هذا الجدول الزمني كان ممكناً.
وقالت يانسن: “حين واجهنا أولاً وضع تطوير هذا اللقاح في 2020، كان تعليقي الأول، هذا جنون”. لكن الرئيس التنفيذي لشركة “فايزر” ألبرت بورلا أخبرها أنّها قادرة على استخدام أي موارد لتحقيق هذا الهدف خلال عام.
وأعلنت ميلر ويانسن أنّ ثمة مساحة للتطوير ولتأسيس لقاحات ذات ديمومة أطول.
بمرور الوقت، ستصبح لقاحات كوفيد على الأرجح جرعات معياريّة سنويّة شبيهة بلقاحات الإنفلونزا السنويّة وفقاً لما تأمله يانسن. مع تحول هذه الجائحة إلى واحدة يمكن إدارتها بشكل أفضل، قد تصبح الإنفلونزا بدورها أكثر شبهاً بـ”كوفيد”.