“نحن نوصي بالدولرة”، عبارة تتصدر كتاب “لبنان عند شفير الهاوية” للخبير في الانظمة النقدية الاميركي من اصل لبناني الدكتور سركيس يوسف خوري. صدر الكتاب حديثا في الولايات المتحدة الاميركية وعنوانه الكامل:
Lebanon at the Brink: a condensed analysis of the and proposed solutions centered on Dollarization.
يعتبر الدكتور سركيس يوسف خوري أحد أهم الخبراء في العالم في الشؤون المالية وخصوصا في ما يتعلق بالنظام النقدي، كاتب ومحاضر في كبريات الجامعات الدولية بعد أن كان استاذا محاضرا في جامعة كاليفورنيا لقرابة 27 عاما.
يشرح الكتاب مسار الانهيار الذي وصل اليه لبنان منذ الاستقلال ولغاية اليوم، يجمع بين التحليلين السياسي والاقتصادي معطوفا على القراءة الاجتماعية ما يؤدي الى فهم عميق للاسباب التي اوصلت لبنان الى حافة الهاوية او “حافة المهوار” بالعامية.
وصل لبنان الى “حافة المهوار” ومن المحتمل جدا أن يسقط بحسب الدكتور سركيس يوسف خوري، الذي يقترح حلا يتمثل بالغاء الليرة اللبنانية وهو الاقتراح الابرز في الكتاب. “اقتراح غير تقيلدي لمعضلة لبنانية غير تقليدية ايضا” يقول لموقع “مصدر دبلوماسي” أثناء مروره اخيرا في بيروت.
كيف يتم ذلك؟ يقول خوري:” على الدولة اللبنانية ان تعلن عن الغاء الليرة اللبنانية، هكذا بكل بساطة”. هذا التحول من الليرة نحو الدولار بدأ في لبنان كما يشرح الدكتور خوري في مقدمة كتابه منذ زمن طويل، وقد حان الوقت لاستخدام الدولار كعملة رسمية وترك الليرة بشكل كامل. أما تأثير ذلك على الوضع اللبناني فيقول خوري:” سيوفر هذا التحول الاستقرار الاقتصادي وتدفق للاستثمارات الخارجية ويتيح للمصرف المركزي أن يركز على الاستقرار والكفاءة والامتثال بحسب المعايير المصرفية الدولية وعلى السيولة الموجودة في المصارف اللبنانية عوض أن يضيع وقته وموارده للدفاع عن الليرة”.
وماذا عن الديون اللبنانية؟ يقول الدكتور خوري:” صحيح لدينا ديون لم ندفعها ولن نتمكن من دفعها، ومن أدان لبنان سيجد نفسه خسرانا. الى ذلك فإن الليرة اللبنانية ليست ذي قيمة ولو بلغت الـ8 آلاف، فضلا عن تعدد اسعار الصرف ما يجعل البلد في حالة من الضياع ويتيح لكل طرف أن يأخذ مكسبا من الطرف الآخر فما فيه المصارف”.
ومن التأثيرات العتيدة في حال الغاء الليرة اللبنانية ” منح لبنان عملة قوية دوليا ومعترف بها”. يوجد قرابة الـ11 بلدا اعتمد هذا الحل مثل باناما والاكوادور والعديد من بلدان أميركا اللاتينية، حتى أن فنزويلا تفكر بهذا الحل واعتماد عملة دولية ومستقرّة ومقبولة في انحاء العالم كلّه”.
في حال اعتمد لبنان هذا الحل سوف يطرأ تغيير أكيد على عمل المصرف المركزي للبنان “فلا يعود عمله مقتصرا فقط على الدفاع عن الليرة، وتتحول مسؤولياته نحو التأكد من عمل المصارف اللبنانية وبأنها تمتثل للنظام المصرفي العالمي حسب اتفاقيات بازل 1 و2 و3 بلاس، حيث يجب ان تمتثل المصارف لهذه الاتفاقيات، وان تسير المعاملات المصرفية بحسب القانون العالمي، ويجب ان تكون محفظة المصرف حقيقية، كما أن ديون الدولة اللبنانية ستصبح بلا معنى لأن الدولة لا يمكنها أن تدفع”. وماذا عن التداعيات؟
“سيتم رفع شكاوى على لبنان لكي يحصّل الدائنون قدر المستطاع من اموالهم، لكن لبنان عمليا هو في حالة من الافلاس، وقد يدفع لبنان 10 في المئة منها أو اكثر بقليل. وبالعودة الى دور المصرف المركزي فسيصبح دوره مراقبا
Supervisory entity
أي عمليا سيكون دوره التأكد من عمل المصارف وامتثالها فحسب”.
ما تأثير الغاء العملية الوطنية على المودعين العاديين؟ يقول الدكتور سركيس الخوري: ” تستبدل الدولة الليرات اللبنانية بالدولار بحسب السعر الذي تحدده “. ومن أين يأتي لبنان بالدولار وخصوصا وأن المصرف المركزي لا يمكنه طباعة الدولارات كما يطبع الليرة اللبنانية؟ يقول الدكتور الخوري:” في الجزء الاخير من الكتاب نشرح مصدر استقدام الدولارات، وهي سهلة، عبر تغيير سياسة التجارة العالمية للبنانيين. وبعد استقرار النظام المصرفي الجديد، تعود ثقة الناس والدول بلبنان فتعود وتضع أموالها في المصارف اللبنانية. ويكون كل مصرف مسؤولا عن ايداعاته ضمن النظام العالمي المعترف به. ان المصارف اللبنانية الموجودة اليوم تشبه “السوق الحرة”، عندما يستوي عمل المصرف المركزي يتحول عمله الى اداري ومراقب”.
ماذا لو لم نستبدل الليرة بالدولار وبقينا على نفس النظام المصرفي القائم حاليا، ماذا يمكن أن يحدث؟ يقول الدكتور خوري: “سنعود ونقع في الفخ ذاته، ويصل لبنان الى كارثة اكبر وهي اليوم اصلا كبيرة إذ بلغ مستوى التضخم 150 في المئة، ونصل الى انهيار اقتصادي بدأنا به من خلال فقدان الليرة لقيمتها الشرائية ونسبة البطالة المرتفعة”.
مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة: