كتب منير الربيع في “المدن”:
يأخذ العالم، ولا سيما منطقة الشرق الأوسط، فترة سماح وتهدئة عنوانها مونديال قطر. نجحت الدوحة في توفير مظلة دولية ستعطي فترة السماح هذه وتجعلها فرصة لترتيب الأوضاع الإقليمية والدولية. ومن أبرز ما حققته الدوحة هو إرساء الهدنة في اليمن وتجديدها ومنعها من الإنهيار، بالإضافة إلى الدور الذي تقوم به في سبيل إعادة تجديد التفاوض الأميركي- الإيراني، وسط معلومات تؤكد أن إيران طلبت عقد لقاءات مع مجموعة 5 زائد واحد قبل نهاية السنة.
في المقابل، حقق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نقطة مع الأميركيين من خلال حصوله على الحصانة في قضية خاشقجي، في مقابل استمرار التجاذب مع واشنطن من خلال توجهه شرقاً، وهذه أيضاً جزء من طريق التفاوض.
تقول مصادر ديبلوماسية دولية إن هناك فرصة جدية للوصول إلى بعض التفاهمات التي يمكنها أن تنسحب على ساحات مختلفة ومن بينها لبنان. لذلك يتحدث المسؤولون اللبنانيون عن احتمال الوصول إلى تسوية بعد فترة رأس السنة.
تصعيد يسبق التفاوض
وسط ذلك تراكمت مؤشرات التصعيد في المنطقة، من استهداف حافلة النفط في خليج عمان، إلى تصاعد وتيرة الإحتجاجات في إيران، والتي تنظر إليها طهران بأنها جزء من المؤامرة الدولية ومحاولة تطويقها من الداخل.
وعلى وقع هذا التصعيد، تتجاوز التطورات الخصوصية اللبنانية رويداً رويداً، وهو ما يتجلى في السياقات الاقليمية والدولية ، خصوصاً تصاعد حركة الإحتجاج الإيرانية. ينظر حزب الله كما إيران إلى هذه الاحتجاجات بأنها محاولة خارجية لتطويق طهران وإحراجها، وهذا ما يستدعي التصعيد من قبلها ومن قبل حلفائها في الساحات المختلفة،. كذلك لا يمكن إغفال معادلة عودة بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية وإعادة تنشيط عملياته العسكرية في سوريا والتي يمكن أن تكون قابلة للتطور والتوسع باتجاه أهداف أخرى قد تطال الداخل الإيراني، مما سيعقد الوضع اكثر.
هذه الوقائع دفعت حزب الله إلى إعادة تحديد أولوياته الرئاسية بطريقة تصاعدية بعد إصراره طوال الفترة الماضية على مسألة التوافق والتسوية والحوار.
لا يعني ذلك أن التصعيد هو الخيار الأوحد، لا بل هو تصعيد يأتي على وقع الذهاب باتجاه المنحى التفاوضي، والجميع يريد أن يفاوض من موقع القوة.
وهذا ما بدأ حزب الله بفرضه من خلال معادلته الرئاسية ومن خلاله تشديده على باسيل بضرورة توحيد موقف قوى الثامن من آذار خلف ترشيح فرنجية. وهو ما لا يقبل به باسيل على الإطلاق، إذ يبدو أنه مصر على موقفه في رفض فرنجية ويسعى للوصول إلى مرشح توافقي ؛ وقد حاول أن يكرس ذلك في زيارته الباريسية من خلال استنباط أسماء لمرشحين وسطيين يمكن قبولهم من جهات متعددة.
تعود المصادر الديبلوماسية إلى الإشارة بأن فرصة الشهر هذه يمكنها أن ترسي بعض النقاط المشتركة بين القوى المختلفة حيال الملف اللبناني. أما في حال عدم إمكانية تحقيق أي تقدم فإن مؤشرات التصعيد ستتزايد وسيصبح الملف اللبناني معرضاً أكثر فأكثر للإرتباط بسياقات التطورات الإقليمية والدولية وحينها لا بد من انتظار مآلات حوار فيينا الذي سيتم تجديده.