وزير الدولة القطري حمد الكواري: المونديال يغير صورة العربي المسلم في العالم ويجعله مشاركاً في الحضارة الإنسانية
“فيما يلي نص الحوار الشيق الذي أجرته جريدة القدس العربي مع الدكتور حمد الكواري” :
يؤكد الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الدولة والدبلوماسي، ورئيس مكتبة قطر الوطنية، عشية انطلاق أول بطولة كأس عالم لكرة القدم في المنطقة العربية، أن الهجمات التي تتعرض لها قطر ﻣﺘﻜّﺮرة وﻫﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻬﺪف بلاده ﻓﺤﺴﺐ، بل تحاول ﺗﺸﻮﻳﻪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮبي، وﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر ﻣﻐﻠﻮﻃﺔ وﻣﻦ ﻧﻈﺮة دوﻧﻴّﺔ لمرجعية ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮب ككل. ويشدد على أن من مزايا ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻛﺄس العالم أنها تكشف اﻟﻮﺟﻪ الحقيقي ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴّﺔ، التي تدّعي احترام الخصوصيات الثقافية. ويكشف الكواري المثقف القطري الذي شغل لسنوات منصب وزير الثقافة والفنون والتراث، أن قطر راﻫﻨﺖ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻌﺎد اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ والحضارية ﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻛﺄس اﻟﻌﺎلم، وفكّرت في مدى استفادة منطقة الشرق الأوسط من هذه البطولة، إﺿﺎﻓﺔ إلى ﺣﺮﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم، وإﻛﺴﺎب الرياضة أﺑﻌﺎداً ﺣﻀﺎرﻳّﺔ ﻣﻦ شأنها أن تغير صورة العربي المسلم في العالم، باعتباره مشاركاً في الحضارة الإنسانية ومنتجاً لها وليس مجرد مستهلك. كما انتقد الدكتور الكواري الذي عمل سفيرا لقطر في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ولدى اليونسكو والأمم المتحدة، ازدواجية المعايير في التعامل مع حدث ينظم لأول مرة في دولة عربية. وشدد على أن بلاده تحولت إلى أيقونة عربية لأمل التقدم لحضارة سبق لها أن أغنت الحضارة الإنسانية. كما يكشف الدكتور حمد الكواري تفاصيل ترشحه لرئاسة منظمة اليونسكو، مؤكداً أن ما حدث هو ﻋﺮﻗﻠﺔ وﺻﻮل ﻣﺮشح عربي إلى المنصب بشكل واضح. وهنا نص الحوار.
○قطر على موعد تاريخي قبيل انطلاق أهم حدث رياضي في العالم كيف تنظرون لهذه اللحظة؟
•تمثل هذه اللحظة منعطفاً في حياة كل قطري، وفي مسيرة وطننا الغالي، فقطر قبل كأس العالم لن تكون قطر بعد كأس العالم، حيث رفعت قطر التحدي منذ فوزها بتنظيم هذه الكأس، التي لن تكون عادية على كل مستوى. إني سعيد بالإنجازات التي حققتها قطر على امتداد سنوات الإعداد لهذا الحدث الاستثنائي، وقد كنا جميعاً ننتظر استكمال التحضيرات، وفي كل سنة كنا نتابع بثقة ما يحدث على الأرض من تطوير للبنية التحتية والمرافق الحيوية، وبناء ملاعب في غاية الجمال الهندسي والدقة التكنولوجية، لذلك فمع إطلاق صافرة بداية البطولة سيصبح كل قطري وعربي ومسلم فخوراً بهذا الإنجاز التاريخي.
○ما الذي ساهم في كون دولة صغيرة المساحة جغرافياً تفوز بحق استضافة بطولة كأس العالم في منافسة مع دول كبرى؟
•لم تكن عملية الفوز بملف تنظيم كأس العالم قبل أكثر من عشر سنوات عملية سهلة، إذ كانت المنافسة شديدة مع دول لها سمعة كبيرة في عالم كرة القدم وتنظيم الملفات، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان فارق الأصوات كبيراً، لكن محتوى العرض القطري أفحم الجميع، ففيه إضافات عما عرفته البطولات السابقة من حيث الجوانب الفنية والتنظيمية وحتى الإنسانية، لأن قطر لم تكن تنظر إلى الرياضة من الزاوية الاقتصادية فقط، بقدر ما نظرت إلى تنظيم الكأس كفرصة لخدمة الأغراض الإنسانية، وتعزيز القيم الإنسانية. في ذلك الوقت لم يدر في خاطر أحد أن دولة صغيرة قادرة على أن تكتسح بقية الدول بفوز ساحق، ولكن متى كانت الجغرافيا وعدد السكان مقياساً لتقدم الدول؟ لقد راهنت قطر على الأبعاد الإنسانية والحضارية لتنظيمها كأس العالم، وفكّرت في مدى استفادة منطقة الشرق الأوسط من الكأس، إضافة إلى حرصها على تطوير كرة القدم وإكساب الرياضة أبعاداً حضارية من شأنها أن تغير صورة العربي المسلم في العالم باعتباره مشاركاً في الحضارة الإنسانية، ومنتجاً لها وليس مجرد مستهلك.
○ما العناصر التي ترون أنها كانت محدداً لحصول قطر على استضافة هذا الحدث؟
•أعتقد أن عناصر عديدة تظافرت لحصول قطر على استضافة كأس العالم، لكن من أهمها سعي قطر إلى تحقيق الاستدامة في سياق عالمي، يشهد تهديداً حقيقياً لحياة البشرية، فقد عملت على أن تكون هذه النسخة من البطولة خالية من انبعاثات الغازات، من خلال استغلال الطاقة المتجددة، وتم تثبيت الإضاءة المعتمدة على الطاقة الشمسية في مواقف السيارات، والمناطق القريبة من الملاعب، وشملت الاستدامة كل الخطوات العملية في بناء الملاعب وتهيئة الحدائق المجاورة لها وطرق المواصلات، وغيرها من الوسائل التي اتخذت لتحقيق أعلى معايير الاستدامة البيئية. كما أن الأبعاد الإنسانية والحضارية التي أعلنت عنها قطر ساهمت في نيلها استضافة البطولة، فبعض من الملاعب الجديدة سيقع تفكيكه، وتقديمه للدول النامية، وإذا كان من مبادئ الاتحاد الدولي لكرة القدم توحيد الشعوب، فإن قطر أعلنت بأن هذه البطولة ستكون لكل العرب، فلأول مرة تنظمها دولة عربية وفي منطقة الشرق الأوسط. وبذلك تكون قطر قد دشنت مرحلة جديدة في بطولات كأس العالم، يكون فيها من حق الدول غير الغربية أن تحلم يوماً باستضافة كأس العالم والمساهمة في هذه اللعبة الأكثر شعبية لا بالفرجة أو المشاركة ولكن بالتنظيم أيضا.
○هل يمكن القول إن قطر تراهن على القوة الناعمة لفرض وجودها في الساحة الدولية؟
•راهنت قطر منذ سنوات على القوة الناعمة، وليس تنظيم كأس العالم غير امتداد لهذه السياسة الرشيدة لقيادتنا الحكيمة، فالدبلوماسية القطرية، لم تراهن فقط على ما هو رياضي. إنك حين تبحث عن الحضور القطري في العالم فإنك ستجده في مبادرات معروفة على المستوى العالمي أنشأتها قطر، مثل «التعليم فوق الجميع» و«علّم طفلاً» زيادة على ما تقوم به مؤسسات ثقافية مهمة في الدولة مثل هيئة متاحف قطر، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والحي الثقافي كتارا، ومكتبة قطر الوطنية على امتداد سنوات، فساهمت في توطيد العلاقات مع دول العالم، ولا ننسى تجربة السنوات الثقافية بين قطر وبعض دول العالم فقد انطلقت منذ عام 2012 لتكون علامة فريدة على نجاح الثقافة في بناء جسر بين الشعوب. كما عززت قطر حضور ثقافتها في العالم، من خلال إنشاء البيت الثقافي العربي عام 2017 لأنها تؤمن بقيمة التواصل بين الثقافات ودورها في التعاون الدولي وخدمة السلام، وقد عمل المركز بنجاح منذ تأسيسه على التعريف بالثقافة العربية في جميع مجالاتها.
○لكن المونديال بالمقابل وجّه أنظار الكثيرين للبلد وصار يخضع لمجهر دقيق؟
•أعتقد أن المونديال هو فرصة ليكتشف العالم قطر، وبالتالي فإن استخدام أي مجهر لن يكون إلا في صالح قطر وشعبها، وليس لنا في قطر شيء نخفيه أو ننزعج منه، بل إننا نفتخر بكل ما أنجزناه في فترة زمنية وجيزة تعجز دول كبرى على القيام به، وهو نوع من الإعجاز الإنساني الذي يتولد بتوفيق من الله، وبالكد والعمل. ويسرنا في قطر أن يُردد اسم وطننا يومياً في وسائل الإعلام العالمية، حيث تتابع البطولة مليارات من البشر، بعضهم لم يسمع في حياته بنا ولا يعرفنا، وهذه فرصة حقيقية لنقل الملحمة التي أنجزها القطريون ومعهم المقيمون على هذه الأرض إلى العالم.
○هل ترون أن قطر تتعرض لهجوم مثلما أكد مسؤولون في مناسبات عدة؟
•المسؤولون ينطقون من خلال الوقائع التي يتابعونها، سواء في بعض منابر الإعلام الغربي، أو بعض تصريحات المسؤولين الغربيين، فالهجومات متكررة وهي لا تستهدف قطر فحسب، إنها تستهدف تشويه الإنسان العربي، فهي تنطلق من أفكار مغلوطة ومن نظرة دونية لمرجعية ثقافة العرب ككل، وليس خافياً على أحد ما تتعرض له قطر من قبل بعض الجهات. ويبدو لي أن من مزايا بطولة كأس العالم حتى قبل انطلاقها، أنها كشفت الوجه الحقيقي لبعض الدول الغربية، التي تدّعي احترام الخصوصيات الثقافية، ولم تنبس ببنت شفة خلال سنوات إعداد المونديال، بينما وجهت أسلحتها قبيل انطلاقه للتشويش على العرس العالمي.
○كيف تنظرون للنقاط التي تتناولها الصحف وبعض الجهات الغربية: مثل موضوع حقوق العمال ومجتمع «الميم» وغيرها من القضايا؟
•لقد قلت مراراً خلال هذه الأيام إن ازدواجية المعايير عند الغرب متجذرة، فقد رفع راية الحرية عندما كان يحتل الدول، وخاض حروباً دامية معها لمنعها من الحرية، وهو يتبنى الديمقراطية، ويدافع عن الديكتاتورية لاستغلال الثروات كما في أفريقيا، وهو لا يستسيغ الندية، ولا يعترف بقدرة الشعوب الأخرى على المشاركة في الحضارة الإنسانية. وما تشيعه بعض المنابر الإعلامية عن موضوع حقوق الإنسان هو أمر عار من الصحة، وهو ما تفنده المنظمات الدولية التي زارت قطر واطلعت عن كثب على وضعية العمال، إن هذه المنابر التي تحولت إلى صفحات مأجورة، وحادت عن احترافية الإعلام الحيادي، لا تريد أن تعترف بالتطور الحاصل في قطر خلال سنوات قليلة في قوانين العمل وحماية العمال الوافدين.
○ما دوافع تلك الحملة التي تتعرض لها قطر؟
•قد تكون هناك دوافع اقتصادية في عالم يتخبط في أزمات متتالية، فبعد جائحة كورونا استيقظ العالم على حرب ضروس شنتها روسيا على أوكرانيا، ما تسبب في اختلال الاقتصاد العالمي، وتدهورت وضعية الدول النامية أكثر، بل أضحت الدول الأوروبية بالأخص، عرضة لعجز مالي، إضافة إلى النقص الحاصل لديها في الغاز، وهي على مشارف شتاء قارس. وإذا كانت الدول النامية مهددة في «خبزها» فإن الدول الأوروبية مهددة بـ«خسارة الرخاء» لذلك تسعى بعض الجهات الأوروبية إلى الاستفادة من الغاز القطري، عبر حملات التشويه. وعلاوة عن السبب الاقتصادي الممكن، فإن العنجهية الغربية وعدم قبولها نجاح دولة عربية مسلمة في تنظيم أكبر تظاهرة عالمية، من أكبر دوافع هذه الحملة، فهناك من يتجرع ما سيحدث على أرض قطر كما يتجرع العلقم، بسبب إيمانه بالمركزية الغربية، وتبخيس إنجازات الدول المنتمية إلى ثقافة مختلفة.
○ما القيمة التي يضيفها المونديال لقطر بعيداً عن الجانب الرياضي؟
•أكبر قيمة مضافة لقطر زيادة على المنجز الرياضي، هو الصورة الحضارية التي ستقدمها قطر للعالم، إذ ستكشف البطولة عن حجم الإنجازات التي قطعتها، لتكون دولة عربية متقدمة، إننا نتفاجأ يوميا بما نكتشفه في بلدنا ونحن الذين نعيش فيه، فما بالك بالقادمين إليه أول مرة، وبمليارات البشر الذين سيتابعون عبر وسائل الإعلام معالم التقدم. لقد تحولت قطر إلى أيقونة عربية لأمل التقدم، لحضارة سبق لها أن أغنت الحضارة الإنسانية، وحان وقت استئناف نشاطها، رغم كل ما تتخبط فيه المجتمعات العربية. إن الأمل في غد أفضل للأجيال القادمة يتطلب إنجازات ملموسة وليس مجرد شعارات، وأعتقد أن كأس العالم هو الحجة التي ستهب الأجيال حق الحلم وأمل الإنجاز واستعادة الأمجاد، فنجاحنا في رفع هذا التحدي الرياضي سيجعلنا قد قطعنا خطوات في التحديات الحضارية.
○هل يسعى المونديال للتعريف بإرث قطر؟
•لا شك في أن التراث القطري سيكون حاضراً في المونديال، فالتراث الثقافي القطري هو جزء من هويتنا الوطنية، وسيقوم عديد الجهات الثقافية بالتعريف به، لأن كأس العالم هو فرصة لتقديم تراثنا إلى شعوب العالم، وسيقف زوار المونديال على الثراء الذي تكتسبه قطر في مجال التراث، سواء كان التراث المادي من معالم تاريخية أو تراثا غير مادي، يشمل المأكل والملبس والحرف التقليدية والفنون الشعبية وفنون الأداء. فالثقافة تزداد قوة بما تزخر به في طبقاتها الداخلية من تراث، وعملية المحافظة على ذلك التراث، دليل على تقدير الدول لجهد الأجداد باعتباره ثروة رمزية تستحق الافتخار والتعريف.
○هل ستكون الجهات الثقافية حاضرة بالمناسبة؟
•سبق أن أشرت إلى أن كأس العالم ليس مجرد حدث رياضي، فأبعاده الثقافية كثيرة، وقد استعدت كل الجهات الثقافية للمساهمة في إنجاح هذا الحدث من خلال الفعاليات الثقافية والفنية التي شرعت في تنظيمها، من ذلك هيئة متاحف قطر والحي الثقافي كتارا ومكتبة قطر الوطنية ووزارة الثقافة، وغيرها من الجهات، فضلا عن البرنامج الثقافي الذي أعدته اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وما نلفت إليه الانتباه أن الجانب الثقافي لن يقتصر على المؤسسات الثقافية، بل إن المثقفين والفنانين والكتاب القطريين لهم حضورهم في هذه المناسبة، لأن الحراك الذي ولّدته هو حراك مجتمعي مواطني، إضافة إلى مساهمة المقيمين كذلك، فكل من على أرض قطر يتحرك من أجل إبراز الدور الثقافي لقطر، دور ينطلق من الإيمان بتعدد الثقافات وبضرورة احترام الخصوصيات الثقافية.
○ماذا عن مكتبة قطر الوطنية؟
•تتفاعل مكتبة قطر الوطنية مع حدث المونديال، بفضل إعداد مجموعة كبيرة من الفعاليات المتنوعة التي تخاطب اهتمامات المجتمع والزائرين من مختلف أنحاء العالم. وترتكز هذه الفعاليات على الجوانب الثقافية والتراثية والرياضية، وقد شرعت المكتبة فيها من بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، ومن هذه الفعاليات نظمت المكتبة المعرض الثقافي «للشرق الأوسط» و«شمال أفريقيا» و«جنوب آسيا» الذي يساهم في تعريف الزائرين على التراث والتاريخ والثقافات المتنوعة، عبر برنامج زاخر بالأنشطة المختلفة مثل، سرد القصص والحكايات الشعبية، والأنشطة الفنية والأشغال اليدوية التقليدية، والحوار مع المؤلفين، كما تتعاون المكتبة مع استوديو 5/6 في تنظيم سلسلة ورش الأطفال واليافعين حول التكنولوجيا والرياضة لمدة أسبوعين. وسيكون للموسيقى حضور في برنامج الفعاليات من خلال عرض موسيقي تعزف فيه أوركسترا قطر الفلهارمونية مقطوعات موسيقية، من موسيقى الحجرة للموسيقار الكبير باسيلي، ونظمت المكتبة معرضاً يسلط الضوء على رحلة كرة القدم القطرية وتاريخها وازدهارها منذ بداياتها حتى وقتنا الحاضر.
○كنتم مرشح قطر لرئاسة اليونسكو وحالت ظروف دون حصولكم على المنصب ما الذي أكسبته لكم تلك التجربة؟
•لم تحل ظروف دون حصولي على المنصب. لنسمي الأشياء بمسمياتها، لقد تمت عرقلة وصول مرشح عربي إلى ذلك المنصب بشكل واضح، وبينت في كتابي ظلم «ذوي القربى» حيثيات تلك العرقلة، فقد كان رهاناً كبيراً لإنصاف العرب والمسلمين وتقلد منصب أساسي في منظمة تحسب للجميع وليس لدول دون أخرى، وقد عشت تلك التجربة بعمق ونضالية. لذلك اكتسبت منها خبرات كثيرة، وزودتني بمعرفة واسعة خاصة بثقافات الدول التي زرتها أثناء الحملة، وبالمثقفين الذين تعرفت على إنتاجهم واشتراكهم معي في الهواجس والمبادئ. في الحقيقة استفادت النخب الثقافية في الوطن العربي، وفي العالم أيضاً من هذه التجربة، لأن الضمائر الحية اكتشفت ذلك البون الشاسع في الخطاب الغربي بين الدعوة إلى التفاعل مع الثقافات والحوار معها والإجراء الإقصائي لتلك الثقافات.
○ما الدور المنوط بالجميع لإنجاح هذا العرس الكروي؟
•على كل واحد منا في قطر مسؤولية في إنجاح هذا العرس، كل من موقعه، ولا يتوقف الدور على حسن الاستضافة والتفاعل الإيجابي مع الزائرين، فتلك أعمال بديهية من شيم ثقافتنا وتنشئتنا، وإنما يتمثل دورنا في التعريف بهويتنا الوطنية، وتشجيع الزائرين على اكتشاف قطر، والوقوف على منجزاتها الحضارية، واستثمار المونديال لتغيير الصورة النمطية للعربي، التي أشاعها الفكر الغربي العنصري، فالرهان الكبير ثقافي، لأن كأس العالم يمنحنا فرصة تقديم ثقافتنا العربية الإسلامية في أحسن مظاهرها القيمية والأخلاقية والفكرية والإبداعية.
○كيف تتخيلون المشهد مع إعلان نهائي بطولة كأس العالم؟
•ما أراه أمام عيني هو ذلك النجاح الباهر الذي ستكلل به البطولة، وما أشعر به هو تلك النخوة التي سيشعر بها كل قطري بعد سنوات من الجهد والعمل، لتكون قطر في أبهى حلتها وقد أبهرت العالم، فيكون الانطباع العالمي عن قطر أشبه بلحظة اكتشاف لبلد عريق في ثقافته ولوطن جدير بالتقدير الدولي.
○ما الذي يعنيه تزامن نهائي بطولة كأس العالم مع احتفالات قطر بيومها الوطني؟
•تزامن نهائي كأس العالم مع احتفالات قطر بيومها الوطني، يعطي للمونديال طابعاً استثنائياً، حيث يلتقي الاحتفاء بذكرى مجيدة لتأسيس الدولة، بلحظة فارقة في تاريخ قطر المعاصر، إنه منعطف كبير سيبقى راسخاً في ذاكرة الأجيال، فرمزية هذا التزامن سيدشن مرحلة جديدة في الفكر الوطني القطري، وسيؤكد للجميع أن المجتمع القطري قادر على رفع التحديات على طريق الأجداد الذين سطروا أروع ملاحمهم في تأسيس الدولة.