كتب عوني الكعكي:
صحيح ان تاريخ الرئيس السابق ميشال عون في التعطيل تاريخ قديم يعود الى يوم كان قائداً للجيش اللبناني يوم عيّنه الرئيس السابق أمين الجميّل رئيس حكومة نكاية بالسوريين الذين رفضوا تمديد ولايته.
الحكومة العسكرية التي كُلّف بها عون كانت مهمتها الوحيدة التحضير لإجراء انتخابات رئاسية. لكن الحقيقة انه فعل كل شيء باستثناء التحضير لإجراء انتخابات كما جاء في مرسوم التعيين… بل العكس، فقد تمرّد عون في قصر بعبدا رافضاً كل العروض التي قُدّمت إليه اثناء انعقاد «مؤتمر الطائف»… وعندما انتخب المغفور له الياس الهراوي رئيساً للجمهورية قرر أن ينهي حال التمرّد التي يمارسها الجنرال ميشال عون بالرغم من اعتراض رئيس الحكومة في ذلك الوقت الرئيس سليم الحص عافاه ربّ العالمين.. قال له «إنّ هذا القرار يتعلق بجنرال مسيحي مغتصب للسلطة وأنا أتحمّل مسؤولية قراري».
طبعاً بقية القصة معروفة، كيف هرب بالبيجاما عندما شاهد طائرة الـ»سوخوي» فوق قصر بعبدا تاركاً زوجته وبناته الثلاث حتى سلّمهم العميد السوري في القوات الخاصة علي ديب الى الوزير إيلي حبيقة.
كان هذا التعطيل الأوّل، وعندما عاد الجنرال من منفاه في باريس، وتحديداً من «الشانزليزه»، وخاض الانتخابات النيابية، وسمّاها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بـ»تسونامي» في نجاح عدد كبير من «التيار الحر» باستثناء الصهر العزيز الذي سقط مرتين، وبالرغم من سقوطه في الانتخابات، ظلّ الجنرال عون مصرّاً على تعيينه وزيراً. وعندما سُئل في إحدى المرّات: كيف يعيّـن شخصاً ساقطاً في الانتخابات وزيراً؟.. أجاب الجنرال: «لعيون صهر الجنرال لا تتألف حكومة».. وهذا هو التعطيل الثاني، بعد التعطيل الرئاسي ذهبنا الى التعطيل الوزاري.
اما التعطيل الثالث فكان من «الحزب» الذي رفض أن ينتخب أي مرشح للرئاسة غير الجنرال ميشال عون عندما قال السيّد حسن وفي أكثر من مرّة: لا يمكن أن نقبل بأي رئيس غير الجنرال ميشال عون.. حيث أبقى السيّد البلاد من دون رئيس لمدة عامين ونصف العام، وذلك من أجل الإصرار على انتخاب الجنرال. وهنا تقع المسؤولية على «الحزب» الذي دخل في لعبة التعطيل.
اما بالنسبة لموضوع التعطيل، فلا بد من العودة الى موضوع تشكيل الحكومات، الذي أصبح عرفاً، ان لا تتشكل حكومة إلاّ بعدما يوافق السيد حسن على التشكيلة حتى لو بقيت لمدة سنة كما حدث عدة مرات.. والأنكى عندما تعطل انتخاب رئيس جديد بعد انتهاء عهد الرئيس اميل لحود الذي ينافس عهد ميشال عون بالفشل والتدمير وتخريب البلد…
اليوم تعيش البلاد حالاً من الانتظار بسبب خلاف بين الحزب وبين التيار.. ففي الوقت الذي يؤيّد الحزب مجيء الزعيم سليمان فرنجية الذي تنازل في السابق يوم كانت سوريا قوية في لبنان، ولم تكن الحال كما هي اليوم، إذ أصبح النفوذ السوري شبه معدوم، والتأكيد على ذلك ان مرشحي سليمان بك سقطوا في الانتخابات النيابية باستثناء واحد، وهذا يحصل لأوّل مرة منذ عام 1970، أي منذ 52 سنة، والسبب ان الحزب اليوم سيطر على لبنان بسلاحه كما يقول السيّد: «عندي 150 ألف صاروخ»، وعن عدد رجاله يقول: «عندي 100 ألف مقاتل»، ويفخر بالمال الذي يأخذه من إيران جهراً، كما قال السيّد حسن: «إنّ أموالنا وسلاحنا وطعامنا وجميع مصاريفنا تأتي من الجمهورية الاسلامية في إيران».
ماذا عن انتخاب رئيس جمهورية اليوم، بعد مرور 21 يوماً على انتهاء العهد الجهنمي، عهد ميشال عون.. لماذا لم يُصَرْ الى انتخاب رئيس جديد؟
في الحقيقة: السبب بكل بساطة أنّ الحزب كما قلنا يرشح الزعيم سليمان فرنجية، ولكن للأسف ليس كما كان يقول ويفعل يوم رشّح ميشال عون، بل يقولها بحياد بالرغم من تنازل سليمان بك في المرّة السابقة.
والغريب العجيب ان صهر الجنرال الساقط في كل المجالات نيابياً وسياسياً ووزارياً وعلى جميع الأصعدة يعتبر نفسه شخصية عالمية، لم تنْجب الأمهات مثله. وبالرغم من العوائق التي تعترضه وهي:
أولاً: العقوبات الاميركية التي أكدتها السفيرة الاميركية في بيروت أكثر من مرّة.
ثانياً: رفض الحزب تأييده، وهذا يعني انه من المستحيل أن يصل الى الرئاسة.
ثالثاً: بالرغم من ادعاءاته انه الأول مسيحياً، فقد تبيّـن ان سمير جعجع حصل على 200 ألف صوت مسيحي، بينما حصل جبران على 120 ألف صوت… وجعجع عنده 21 نائباً خاصاً به، بينما جبران نظرياً عنده 21 ولكن في الحقيقة لا يمون إلاّ على 7 منهم فقط لا غير.
من هنا، فإنّ هناك تسابقاً بين الحزب وبين التيار على من هو الفائز بالتعطيل، اما ما يحدث في لبنان رغم معاناة الشعب اللبناني من المصائب والعوز والفقر والتدمير، فإنّ لهذه الأمور تفسيراً يحتاج الى شرح لاحق.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*