شاركت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون في إطلاق تقرير حول ” حقوق النساء في قوانين الأحوال الشخصية الدينية في لبنان” بدعوة من مركز “رشاد للحوكمة الثقافية” في مؤسسة “أديان” بالشراكة مع منظمة “دانميشيون” بدعم من وزارة الخارجية الدانماركية في إطار مشروع “النساء والأديان وحقوق الإنسان”.
والقت عون خلال اللقاء كلمة قالت فيها: ” نتطلّع جميعاً إلى الإصلاح ونتساءل من أين لنا أن نبدأ بإحقاقه؟. فقد تراكمت الصعوبات وعطّلت الأزمات السياسية المؤسسات وشلّ التدهور الاقتصادي عمل الإدارات. بقي لكلّ واحد منّا أن يعتمد في خياراته الحياتية على شبكة العلاقات الضيقة التي يوفرها له محيطه الضّيق. أخال أن لو حصلت مثل هذه الأزمة في بدايات القرن الماضي أو ما قبله في لبنان لكان المأزق الذي نعيشه اليوم أكثر خطورة على كيان البلد وعلى نجاة أهله. ما يساعدنا اليوم على الاستمرار في مقاومة الصعوبات والبحث عن الحلول هو الثقة التي نستمدّها من الايمان بحقنا في الاحتفاظ ببلدنا وبمبادئنا، ومن قدرات أفراد شعبنا التي أثبتتها النجاحات التي يحققونها في الشتات في العالم”.
وتابعت: “يساعدنا أيضاً إدراك العالم للطابع النموذجي الذي تشكّله التجربة اللبنانية في عالم بات يلتبس فيه أكثر فأكثر صراع المصالح وصراع الدول مع تنوع مظاهر الانتماء الديني. من بين الصعوبات التي يتوجّب علينا مواجهتها، نتناول اليوم الشرح الواضح القائم بين مضمون القوانين المرعية الاجراء في مجال الأحوال الشخصية في لبنان والواقع الذي يعيشه اللبنانيون في العلاقات القائمة بين الرجال والنساء. فكما يستخلص من الدراسة الشاملة التي أنجزتها مؤسسة “أديان” بالشراكة مع مؤسسة Danmission بدعم من وزارة الخارجية الدانماركية في إطار مشروع “النساء والأديان وحقوق الإنسان”، لا يزال عدد من المفاهيم القانونية في مجال الأحوال الشخصية مرتبط بالنظام الاجتماعي الذي كان سائداً في القرن التاسع عشر. ففي القانون المدني اللبناني، كما تشير الدراسة لا تزال مرعية الإجراء مثلاً المادة 974 من مجلة الأحكام العدلية العثمانية التي تكرّس الولاية الجبرية على الأولاد، للأب والذكور في العائلة”.
وأشارت إلى أن “تكيَّف التشريع اللبناني مع معظم المتغيرات التي شهدها العصر، في التعامل الاقتصادي والمالي، ظلّ مرتبكاً في اقدامه على تحديث القوانين في مجال الأحوال الشخصية مع أن مثل هذا التحديث بات مطلوباً بإلحاح من جانب الأجيال الصاعدة. وهذا الاحجام عن الاقدام على تحديث القوانين في مجال الأحوال الشخصية يعود إلى بدايات نشوء الدولة اللبنانية وقد يكون من أسباب تعثر عمل مؤسساتها اليوم. ففي العام 1936 لم يقدّم البرلمان في حينه ولا السلطات التشريعية منذ ذلك التاريخ على تبني قانون مدني خاص بالأحوال الشخصية لتطبيقه على “الطوائف التابعة للحق العادي” وعلى الذين لا ينتمون لطائفة ما، كما نصّ على ذلك القرار 60/L.R. الصادر في آذار من العام 1936 عن المفوض السامي الفرنسي والذي حدّد الطوائف المعترف بها في لبنان التي تطبّق أنظمتها الخاصة على المنتمين إليها في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية”.
وأضافت: “منذ ذلك التاريخ وعلى الرغم من التأييد المتزايد لاعتماد قانون مدني للأحوال الشخصية في لبنان وعلى الرغم من وجود مشاريع قوانين عدة لذلك في البرلمان، ما زلنا إلى اليوم نفتقد مثل هذا القانون في نظامنا التشريعي وما زلنا نعمل في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لسدّ هذا النقص. هذا السعي الذي نتشارك فيه مع عدد من المنظمات غير الحكومية لاقرار قانون مدني للأحوال الشخصية يعترف بحقوق متساوية للنساء وللرجال، لا يثنينا عن المضيّ في التواصل مع المؤسسات الدينية وهي المؤتمنة بحسب أدياننا السماوية على مدّ يد المساعدة للمستضعفين والمستضعفات في المجتمع وعلى السهر على صون الكرامة الإنسانية للنساء وللرجال. وقد بيّن التقرير الذي بين أيدينا كم هي منتشرة لدى كل الطوائف الإرادات الطيبة المدركة للمفاعيل السلبية التي تتركها بعض الأحكام القانونية وبعض القرارات القضائية المجحفة بحقوق النساء، على حياتهنّ وحياة أسرهنّ”.
وختمت: “تمنّينا هو في أن يتجلى هذا الوعي الذي رصدته الدراسة لدى بعض الشخصيات المؤثرة في المحاكم الطائفية، بإجراء الإصلاحات التي لا بد منها، كي تكون القوانين التي تضعها السلطات الدينية منسجمة مع المعاني السامية التي نشرتها الأديان السماوية، وكي تأتي القرارات الصادرة عن محاكمها حامية لحقوق النساء. ولا بدّ لي من أن أشير أخيراً إلى ضرورة نشر ثقافة حقوق الانسان لدى شعبنا بأكمله بما فيه القيمين على مؤسساتنا في جميع القطاعات. وأودّ هنا أن أشدّد على ضرورة إبراز الترابط القائم بين المعاني التي تكتنزها التعاليم الدينية والمبادئ التي تقوم عليها حقوق الانسان. كذلك لا بدّ أيضاً من نشر المعرفة لدى النساء كما لدى الرجال، بالأحكام التي تنصّ عليها قوانين الأحوال الشخصية وقد أبرزت الدراسة نقصاً ملفتاً في معرفة اللبنانيين واللبنانيات بالقوانين التي يفترض أن تكون ناظمة لحقوقهم في الحياة الخاصة. أودّ أخيرا أن أعرب لمؤسسة أديان، ولرئيستها الدكتورة نايلا طبارة، عن تقديري العميق للعمل الذي تقوم به بهدف توضيح المفاهيم الدينية الحقّة وتعزيز التضامن المجتمعي واحترام حقوق الانسان