زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الرابطة المارونية، وعقد اجتماعاً مع رئيسها السفير خليل كرم وأعضاء مجلسها التنفيذي، في حضور رؤسائها السابقين: حارس شهاب، الدكتور جوزف طربيه، النقيبين سمير أبي اللمع وأنطوان قليموس.
في بداية الاجتماع، رحّب السفير كرم باللواء ابراهيم والحاضرين، بإسم المجلس التنفيذي، وقال: “بكل سرور نستقبلكم في مقر الرابطة المارونية، وقد سبق لكم أن شرفتموها بزيارة منذ سنوات، وعقدتم مع مجلسها التنفيذي لقاء تميز بالعمق والشمول، تخلله حوار بناء تناول العناوين الوطنية، وكيف يمكن العبور من حالة الدولة الملتبسة إلى الدولة القوية، التي تعدل بين أبنائها، وتوطد المفهوم المؤسسي في أجهزتها لتكون في خدمة المواطن، وليس الإجهاز عليه بالفساد والمحسوبية، لتلقي به في وهدة الاحباط، وتدفعه إلى الكفر بالوطن والنزوح عنه، ليحل محله نازح سوري يتجذر حضوره، ويتسع تحت رعاية أممية ودولية وعربية، تبيعنا معسول الكلام، وتتحدث عن كرم ضيافتنا، لاغرائنا على القبول بهذا المنطق الشاذ، والاستكانة إلى مخططها الخبيث الرامي إلى دمج النازحين في المجتمع اللبناني، على حساب هويته الوطنية وديموغرافيته، في عملية تحول سكاني مشبوه، قد يفضي إلى نزاعات دامية تكون معه نهاية لبنان، لا قدر الله”.
وأضاف كرم: “نحن نعلم تمام العلم، ما تبذلون من جهد جبار وموصول على غير مستوى وصعيد لحل هذا الملف المصيري الذي يهدد لبنان في مرتكزات وجوده”.
وتوجّه الى اللواء ابراهيم :”إننا نشهد لوطنيتكم ونزاهتكم واندفاعكم وحرصكم على تذليل كل الصعاب التي تعوق لبنان عن تجاوز محنه المتتالية التي تصيب منه المنابت والجذور، ويضيق المجال بذكر مبادراتكم الرائدة شرقا وغربا من أجل حل العقد والمشكلات، وكنتم تنجحون في العديد من الاحيان، وكانت تعاندكم الظروف في حالات أخرى خارجة عن إرادة الجميع، لكن روح الايثار والنخوة والمسؤولية الوطنية، كانت ولا تزال السمة الطاغية على كل عمل تقدمون عليه.
إننا إذ نجدّد الترحيب بكم، يسعدنا أن نستمع اليكم، وأن نسمع منكم، في جلسة مصارحة لن نخفي فيها رأينا مما يحصل في لبنان، او نواري مخاوفنا، وكلنا ثقة بأننا نتوجه إلى رجل ثقة من ذوي الخامات الوطنية النادرة، الذي اثبت انه يجيد وضع الندى في موضع الندى، والسيف في موضع السيف خدمة لوطنه لبنان، ولمواطنيه اللبنانيين، دون منة او شكورا. هذا النموذج من المسؤولين، هو ما نحن فيه مسيس الحاجة اليه”.
ثم ردّ اللواء ابراهيم على كلمة رئيس الرابطة، مشيراً الى أن “الرابطة والاستقلال من جيل واحد، تسع سنوات فصلت بينهما، وهي مساحة زمنية تختزن التوق الى تحصين هذا الانجاز والحفاظ على ارث المؤسسين”. وقال: “في الثاني والعشرين من تشرين الثاني عام 1943، نال لبنان استقلاله بعدما استحقه بالصبر والعناد والنضال. وفي الحادي والعشرين من شهر آب 1952 اي منذ سبعين عاما، تأسست الرابطة المارونية من قبل نخبة من رجال الفكر والاختصاص لاهداف سامية تزيد البنيان اللبناني قوة وصلابة. عندما استعرضت الاسماء منذ انتخبت أول جمعية عمومية لأعضاء الرابطة جورج تابت رئيسا، ثم تلاه الرؤساء: الدكتور الياس الخوري، جان أبو جودة، شاكر أبو سليمان، ارنست كرم، بيار حلو، حارس شهاب، ميشال إده، جوزيف طربيه، النقيب سمير أبي اللمع، النقيب أنطوان قليموس، والنائب السابق نعمة الله أبي نصر وصولاً الى السفير خليل كرم، ازددت وثوقا أن رابطة ترأسها اسماء من هذه النخبة اللبنانية، لا يمكن الا ان تكون لها مساهمة فاعلة جدا على الصعيدين المسيحي والوطني، انطلاقا من القناعة الراسخة بأن الانفتاح على الاخر أصالة انسانية فريدة، قائمة على الاخوة القادرة على مواصلة البناء”.
وأضاف :”أن التحديات التي يواجهها وطننا الحبيب لبنان، تحدوني الى دعوتكم انطلاقا من تاريخ رابطتكم العريق في تعميق الانتماء الوطني، الى لعب دوركم الريادي في هذه المرحلة الشديدة الحساسية، لجهة استنفار كل الطاقات والدفع الحثيث في عملية الحوار المسيحي – المسيحي وخصوصاً على الصعيد الماروني، من أجل الوصول الى كلمة سواء حول كل القضايا المطروحة، كون الموارنة كان لهم الدور الرائد في انشاء دولة تشاركية تحولت الى وطن الرسالة. وهنا تتعاظم مهمتكم في جمع الكلمة والمساعدة على الخروج من الازمة السياسية عبر الالحاح الفاعل لانجاز الاستحقاق الرئاسي، لان دولة بلا رأس هي دولة تنزف على طريق الموت”.
وتابع: “في هذه الايام القلقة تزداد اصوات النشاز التي تتردد من هنا وهناك، والتي تحاول التغطية على اصوات وأنين الموجوعين والهائمين، مما يشعرنا بأن المجد الموروث أستبيح وأوشك ان يتهدم، لأننا نفتقر الى اكتمال الاطار الدستوري والمؤسساتي وانتظامه تحت قبة القانون الذي يضمن العدالة والمساواة لجميع اللبنانيين.
لست هنا اليوم للتباكي على الاطلال او لزرع اليأس، انما لدعوتكم مع كل المخلصين الى استفاقة حضارية لمواجهة الواقع القلق بقلوب كبيرة وعقول متنورة وافكار خلاقة.
ان الخطر الداهم يتهدد لبنان، موطن الحرف والكلمة والتعدد الثقافي والديني، واخالكم لن تقصروا في الذود والتحصين والجمع حتى لو كانت المسافة بعيدة، لان انقاذ لبنان يلغي المسافات”.
بعد تبادل الكلمتين والدروع التكريمية، دار حوار بين اللواء ابراهيم والحضور، فرأى ردا عى سؤال “ان لا استقرار على المستوى الامني إلا بشرطين: الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي، وإن سبب عدم الاستقرار السياسي مرده الى الخلافات المستشرية في الداخل اللبناني، والنكايات المتبادلة بين الأقرقاء السياسيين”.
ودعا ابراهيم الى “اكتمال عقد المؤسسات الدستورية، وإن جسدا بلا رأس آيل الى الموت. وإذا لم يكن هناك رئيس للجمهورية، فأن الأمور ستتجه نحو الأسوأ، وأن القطاع الأمني هو من أكثر القطاعات تأثراً، وأن الأوضاع آخذة في التفاقم، وأن الوضع الاجتماعي سينفجر آجلا أو عاجلا. ويجب تدارك الأمر بعمل مكثف وجاد في كل الاتجاهات، وأن للرابطة المارونية دورا وكلمة مسموعة، فلتبادر ونحن الى جانبها”.
وفي ملف النازحين السوريين، نفى اللواء ابراهيم أن” يكون أحد من النازحين السوريين العائدين الى بلادهم قد سجن أو تعرض لمضايقات، وأن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، (UNHCR)، تحققت من الأمر. وللأسف، فإن منصات ومواقع الكترونية دأبت على نشر أنباء مغلوطة بغرض تخويف السوريين من العودة”.
ولاحظ تغييرا ايجابيا في مواقف بعض دول المتوسط الأوروبية من ملف النازحين السوريين وضرورة اعادتخهم الى بلدهم. وكشف “أن لبنان يعمل على ايجاد حل في ما يتعلق بولادات النازحين السوريين خشية أن يتحولوا الى “مكتومي القيد” وحصولهم مستقبلا على الجنسية اللبنانية، وأن وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار يتولى معالجة هذا الملف مع السفارة السورية في لبنان”.
وأبدى أسفه لعدم “التزام الغرب بوعوده، والشروط التي توضع في وجه لبنان لمساعدته، في حل معضلة الكهرباء”. ولفت الى “أن لبنان فوّت على نفسه فرصة استثمار الترسيم البحري بالسياسة”، وقال “ان ليست لديه أي خشية من صدام بين اللبنانيين والنازحين السوريين”.
ختاماً، قدّم كرم الى ابراهيم نسخة رسمية عن التوصية الصادرة عن لجنة الجنسية اللبنانية واللاجئين في الرابطة، فأكد اللواء أنه “سيقدم نسخة عنها الى كل من يعنيه الأمر ويتابعه في الداخل والخارج”.