خاص الهديل:
تدور المحاولات اللبنانية الداخلية لانتخاب فخامة الرئيس العتيد في دائرة مفرغة ..
.. وعلى مدى الاسابيع العشرة الماضية التي شهدت عقد عشر جلسات لانتخاب الرئيس الجديد، صار واضحا الآن ان كل هذه الجلسات كانت عبارة عن مناورة سياسية من قبل المقترعين بالورقة البيضاء لإيصال رسالة للخارج تقول ان الداخل يريد انتخاب رئيس بالتسوية، وليس بالانتخاب، وأن المطلوب من الخارج التدخل للمساعدة بإبرام هذه التسوية “ودفع ثمنها” (!!).. أما الذين اقترعوا لصالح ميشال معوض، وحاولوا رفع رصيده من أصوات النواب المرة بعد المرة؛ فكان هدفهم ايصال رسالة ايضا للخارج تقول ان لديهم مرشحا يحتاج لبعض الدعم والضغط من الخارج حتى يتمكن من الحصول على النصف زائد واحد من اصوات النواب.
.. ولكن بعد عشرة أسابيع من المحاولات والمناورات السياسية، تبين انه لا اصحاب إستراتيجية الاقتراع بالورقة البيضاء ، نجحوا في استدراج الخارج للتدخل لانتخاب رئيس عبر وساطة مؤلفة من شقين اثنين: عرض خارجي من جهة ، يقابله طلب ثمن سياسي من قوى الداخل كي توافق عليه؛ ولا المقترعين لميشال معوض نجحوا في استدراج الخارج للتدخل لصالح مرشحهم ، عبر اغراء ( بالمال) او ارغام ( بالعقوبات) نواب لينتقلوا الى ضفة التصويت له..
وما حصل بعد عشرة اسابيع من اللعب على ايحاءات الورقة البيضاء من جهة ، والعوم في بركة ترشيح ميشال معوض من جهة ثانية ، هو أنه بدل ان تصل رسالة لاعبي الداخل إلى الخارج كي يتدخل او يتورط بمقايضة مع قوى الداخل ، فإن الخارج هو ألذي ارسل رسالة اهمال للداخل عبر عدم التفاته لجلسات استمرار الفراغ العشر؛ ما دفع بري ومعسكر الورقة البيضاء الى ايقاف مسرحية جلسات انتخابات يوم الخميس طارحا فكرة استبدالها بجلسات التشاور التي عاد ونعاها بقوله للنواب في آخر جلسة خميس كل عام وانتم بخير ، بما معناه نراكم بعد الاعياد..
وبخصوص الحلقة الثانية من مسرحية جلسات الخميس المعنونة بعبارة التشاور، فإنه من البديهي القول انه لا معسكر الورقة البيضاء جدي بالدعوة للتشاور ، ولا معسكر المقترعين حتى إشعار آخر لميشال معوض، لديهم رغبة او قناعة او مصلحة بالتشاور.. وعند هذا الحد أصبحت أعياد الميلاد ورأس السنة فرصة للهروب من إفلاس إستراتيجية الطرفين، والتفكير بمقاربة جديدة لاستحقاق انتخاب فخامة الرئيس ..
وما هو مطروح من افكار، أو مشاريع افكار، او حتى افتعال تطورات سياسية يمكن البناء عليها لتتمكن احزاب الطوائف في العام المقبل من التعامل بمرونة اكثر مع استحقاق رئاسة الجنهورية؛ يوجد سيناريوهان إثنان يشار في الكواليس الى إمكانية حدوثهما :
سيناريو التطور الأول هو حصول صدمة على جبهة معراب، كمثال موافقة جعجع على اعتزام سليمان فرنجية الذهاب إليه لابرام اتفاق” معراب ٢ ” بين المردة والقوات اللبنانية، يؤدي إلى جعل ترشيح فرنجية له نفس الحظوظ العالية التي حظي بها ترشيح ميشال عون عشية انتخابات ٢٠١٦ عندما وقع تفاهم معراب مع القوات اللبنانية .
ضمن سيناريو معراب، هناك احتمال ايضا ان يبادر جعجع مع ميشال معوض وقوى مسيحية مستقلة بالتشارك مع بكركي إلى تسمية شخصية جديدة للرئاسة كقائد الجيش العماد جوزيف عون.
السيناريو الثاني المتوقع هو ان يحصل خلال فترة الأعياد لقاء بين السيد حسن نصر الله وميشال عون كي يتم ترميم إستراتيجية التيار الوطني الحر وحزب الله بشأن استحقاق رئاسة الجمهورية.
وخلال هذا إلقاء سيحاول عون اقناع نصر الله بأن ينهي معادلته التي تصر على توافق باسيل وفرنحية على ترشح احدهما، وذلك لمصلحة ان يسير نصر الله بباسيل كمرشح في حال تم رفع العقوبات الأميركية عنه، او حتى في حال قرر الحزب والتيار الذهاب إلى مرشح تحدي .. والفكرة الثانية البديلة التي سيطرحها عون، هي ترك موضوع تسمية رئيس الجمهورية لباسيل، فيما لو قرر الحزب عدم السير به كمرشح للرئاسة.
والفكرة الاساسية التي سيطرحها عون على نصر الله ، هي ان باسيل دفع من دون الجميع داخليا ودوليا، ثمن تحالف مار مخايل؛ وعليه يجب على نصر الله تعويضه من خلال عدم السماح بهزيمته، بل يجب تقديم التعويض السياسي المناسب له ، لأن مسار المعركة منذ العام ٢٠١٩ يفيد بأن “معسكر اعداء” العهد وتحالف مار مخايل، وضع باسيل كهدف معنوي يريد عبر التركيز على اسقاطه توجيه ضربة لكل محور المقاومة في لبنان، وعليه باتت هزيمة باسيل لها معنى سياسي واحد. هي تسجيل هزيمة لمحور مار مخايل .
السؤال هو هل يقتنع نصر الله بطرح تعويض باسيل بالثمن السياسي المناسب ، حتى لا يسجل الخصوم هزيمة معنوية لتحالف مار مخايل؟؟
يبقى في هذا المجال الاشارة الى مقولة يرددها باستمرار العونيون القريبون جدا من عون، وقياديي الحزب القريبون جدا من نصر الله، ومفادها انه في كل مرة يلتقي بها الجنرال بالسيد ، فإن الأول يخرج من الاجتماع وقد غير رأيه، اقتناعا بما يقوله نصر الله له؛ حتى ان باسيل والمتحمسين له، باتوا لا بحبذون ان يلتقي عون بنصر الله حينما يكون هناك خلاف بين الحزب وباسيل.
وامام هذه الواقعة عن قدرة نصر الله على اقناع عون؛ فإنه سيكون من الأفضل طرح السؤال بشكل معاكس ، وهو : هل يغير عون رأيه بعد لقاء نصر الله بخصوص ضرورة تعويض باسيل ، عبر منحه حصرا امتياز خاص في الاستحقاق الرئاسي؟؟..