موقف اليوم…
يريدون من نجيب ميقاتي تعطيل حكومة تصريف الأعمال ضمن حدود العمل الضروري الضيق الذي يضمنه الدستور لها، بل والذي يستجيب لمطالب ذات علاقة بصلب حياة الناس ..
وفي حال رفض ميقاتي هذا الطرح الداعي لشلل الدولة، ولترك الناس تواجه مصيرها البائس ، كونه لا الدستور ولا المنطق ولا الدين يقول ذلك ، فإنه حينها، يصبح نجيب ميقاتي ضد الميثاقية، ومتجاوزاً لموقع الرئاسة الأولى..
يريدون من نجيب ميقاتي أن يستغني عن عقد جلسات مجلس الوزراء ضمن الحدود الضيقة الضرورية لحاجات الناس وتسيير مرافق الدولة والمسموح بها بحسب الدستور لحكومة تصريف الأعمال، ويطلبون من ميقاتي بدل عقد جلسات الضرورة للحكومة، اعتماد القوانين الجوالة، علماً أن الدستوريين يعتبرون أن هذا الاجراء بدعة دستورية، وعندما تم اللجوء إلى هذه الألية ( القوانين الجوالة) كان مبررها المتحكم انذاك هو الوضع الأمني الخطر والمتفلت الذي لا يسمح للوزراء بالإجتماع في مقر واحد..
هل المطلوب من ميقاتي ان يتعامل مع موضوع جلسات الحكومة على نحو يوحي بأن البلد في حرب أهلية، وأن الوزراء لا يستطيعون لأسباب أمنية المرور من منطقة إلى منطقة!؟؟.
السؤال من يستفيد من إعطاء هذا الانطباع؟؟.. وماذا يخدم الإيحاء للعالم ، حتى يرضى باسيل والشعوبيون، ان حكومة تصريف الأعمال لا تجتمع لأسباب أمنية، وأنها تعتمد القوانين الجوّالة، لأن المناطق اللبنانية مقفلة بوجه بعضها البعض، و كون الحذر والقنص السياسي الفتّاك كما القنص العسكري، يسيطر على خطوط تماسها .
يريدون من نجيب ميقاتي ان يتصرف بموضوع عقد جلسات الضرورة وكان البلد في حرب أهلية إفتراضية .. يريدونه ان يساعد ” غرفة عمليات البيانات الإعلامية الصاروخية” التي يطلقها كل يوم جبران باسيل، وهو بذلك يريد تعميم الإنطباع بأن البلد في “حرب أهلية طائفية باردة” وأن السلم الاهلي له طريق واحد وهو الوقوف على خاطر باسيل الرئاسي والوزاري والاقتصادي. الخ..
المشكلة اليوم مع ميقاتي انه يتصرف على أن البلد ليس في حرب باردة ولا ساخنة، بل هو في شغور رئاسي يجب انهاؤه لإنهائه بإنتخاب رئيس وليس بتعطيل رئيس اخر .
يريدون من نجيب ميقاتي ان يدفن حكومة تصريف الأعمال في مقبرة شغور الرئاسات.. يريدون منه الإقرار بأن الرئاسات الثلاثة هي جبهات تفتح النار على بعضها البعض، وليست مواقع سياسية تتفاعل وتغطي بعضها البعض من أجل منع الفراغ في معنى الدولة ووجودها.
يريدونه ان يكون طائفياً، وأن بأخذ السنّة إلى حرب مع الموارنة، حتى يصبح بإمكانهم إيجاد عدو وهمي يغذي عصبية طائفية يستفيدون منها في إعادة تجميع صورتهم السياسية المهشمة!!.
يريدون من ميقاتي ان يحبط وان يفقد صبره الاستراتبحي ، وأن يرفع يديه مستسلماً للإدعاءات والايحاءات والممارسات التي تريد القول ان الطائف انتهى ، وأن يذعن لمنطق ان الدولة هي مصالح أشخاص ورغبات عائلات!!.
وبمقابل كل ما يريدونه من ميقاتي، فإن ميقاتي يريد منهم انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى تنتهي مهمة حكومة تصريف الأعمال بالحدود الضيقة التي يسمح بها الدستور والتي تستجيب. لحاجات حيوية وعاجلة على صلة بحياة الناس، و ليس اكثر من ذلك..
.. ولكن ضمن صمود ميقاتي عند ما يقوله الدستور عن حكومته، إنما هو ايضا يكاد يكون وحيداً كمقاتل صامد على جبهة صامتة بالظاهر، لكنها مستعرة تحت الجمر ، وهي جبهة حماية الطائف والدفاع عن الطائف وإثبات ان الطائف لا يزال موجوداً؛ وان احد الأسباب الهامة التي تجعل ميقاتي يرفض ان تصاب حكومته بالشلل الكامل، هو حرصه على الدفاع عن معنى الطائف فيها .. فهل من غيارى لنصرة الطائف بالأفعال لا بمجرد الأقوال ..