كتبت النهار:
بعد أسبوع شهد لبنان خلاله عاصفة مواجهة قضائية غير مسبوقة وعاصفة ارتفاعات هستيرية في أسعار الدولار والمحروقات، لن يكون الأسبوع الطالع أقلّ التهاباً على مسارات عدّة تتسابق في دفع البلاد نحو مزيد من المناخات المشدودة المحفوفة بأخطار مختلفة لم يعد الخطر الأمني مستثنى منها. ذلك أن الأسبوع المقبل يبدو مثقلاً بمحطات يفترض أن تشكل بمجموعها رسماً بيانياً لاتجاهات المعالجات أو المزيد من التوتير والتأزيم، علماً أن التقديرات الأكثر دقة تذهب في اتجاه التخوف من تدهور أوسع في السياقات القضائية والسياسية. وسيكون هناك مجموعة محطات يفترض أن تحدد اتجاهات الأزمة القضائية خصوصاً التي تتصدّر راهناً واجهة المشهد الداخلي المأزوم. هذه المحطات تتلخّص أولاً في رصد ما إذا كان مجلس القضاء الأعلى سينعقد وعلى أيّ جدول أعمال وماذا سيكون عليه موقفه من صراع النائب العام التمييزي #غسان عويدات والمحقق العدلي في ملف #انفجار مرفأ بيروت #طارق البيطار. والمحطة الثانية مالية – مصرفية تتمثل في ما يمكن أن يصدر من قرارات عن المجلس المركزي لمصرف لبنان بعد عاصفة الارتفاعات الجنونية في سعر الدولار وما تلاها من ارتفاعات موازية في أسعار المحروقات قبل أن تتراجع هذه الموجة في نهاية الأسبوع الحالي. والمحطة الثالثة تتمثل في انطلاق موجة تحركات نقابية وعمالية واجتماعية بدءاً من تحرك للاتحاد العمالي العام غداً الاثنين وتحركات أخرى لاتحادات النقل ولهيئات تربوية كلّها ترتبط بالتأزّم المخيف في الواقع المالي والاجتماعي. أما المحطة الرابعة فهي سياسية وتتّصل باستحقاقين حكومي ونيابي. الأول يتعلق بما يمكن أن يسفر عنه اتجاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء تخصّص للملف التربوي وما إذا كان “حزب الله” سيشارك فيها أسوة بالمرات السابقة أم سيتحفّظ عنها مراعاة منه لموقف “التيار الوطني الحر”، في ظلّ اللقاء الذي عُقد أخيراً بين وفد من الحزب والنائب جبران باسيل. وقد بدا واضحاً أنّ عقد الجلسة لا يزال يصطدم بعقبات إذ أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة مساء أمس أن لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس في انتظار استكمال الاستعدادات لبت الملف التربوي المتعلق بالتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية وإقراره في جلسة واحدة. وأشار المكتب إلى أن الجلسة رهن استكمال التحضيرات في هذا الصدد وإعداد جدول أعمال بأكمله يشمل الملفات الطارئة.
الاستحقاق السياسي الثاني يتعلق برصد ما إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحدّد موعداً للجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية أم سيمرر الخميس المقبل أيضاً بلا موعد بعدما تفاقمت انتقادات جهات نيابية معارضة له وتصاعدت الحملات المعارضة الداعية إلى عقد جلسات متعاقبة ومتواصلة ورفض عقد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وكانت مناطق عين الرمانة – الطيونة – الشياح شهدت أمس انتشاراً كثيفاً لمغاوير الجيش وإغلاقاً لمداخل عين الرمانة بالأسلاك الشائكة كتدبير وقائي من حصول إشكالات خلال مرور مسيرة لمتضامنين مع القاضي طارق البيطار باتجاه قصر العدل في بيروت. وأفادت مصادر أمنية بأن إجراءات للجيش اتخذت على الأرض بين الشياح وعين الرمانة تزامناً مع دعوات وُزِّعت لتحرّكَين، الأول مؤيّد للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار والآخر للنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. وأشارت إلى أن هدف هذه الإجراءات منع أيّ احتكاك والتأكيد أنّ المساس بالأمن ممنوع.
ونفّذ ناشطون اعتصاماً رمزيّاً أمام قصر العدل في بيروت للمطالبة بإقالة عويدات، حيث رفعوا اللافتات المطالبة برفع يد السياسيين عن القضاء وإقالة القاضي، وبتوقيع مرسوم التشكيلات القضائية وبتعديل المواد القانونية التي تقف عائقاً أمام عدالة التحقيق.
من جهتهم، أكّد أهالي ضحايا مرفأ بيروت في بيان صباحاً أنّ “هناك دعوات توزّع للتجمع اليوم عند الساعة 11 أمام قصر العدل في بيروت، منها ما هي مؤيّدة لغسان عويدات ومنها ما هي مؤيدة لإقالته”. ونبّه أهالي الضحايا من هذه الدعوات “التي تهدف – من جملة ما تهدف إليه – إلى العنف وإراقة الدماء في الشارع”. وتمنوا من “الجميع التيقظ وعدم الانجرار وراء من يحاول جرّنا إلى الفتن، وإلى متابعة الدعوات إلى التحرّك التي تصدر عن أهالي الضحايا حصراً”.
ومساء أمس، صدر عن جمعيّة أهالي ضحايا انفجار المرفأ البيان التوضيحي التالي: “بعد أن صدر بيان عن الجمعيّة اليوم يُحذّر من التحرّكات التي قد تؤدّي إلى تأجيج الاحتقان في البلد أو الانجرار إلى لعبة شارع مقابل شارع، يهمّنا التوضيح أنّ الغاية من البيان المذكور كانت قطع الطريق على أيّ محاولة فتنة من هذا النوع، إلاّ أنّ الجمعيّة تقدّر عالياً حرص مجموعات 17 تشرين والحراك المدني ومجموعة “ن” إضافةً إلى القوى السياديّة الحرّة والمستقلّة وكافّة المجموعات التي ما انفكّت تدعم تحرّكات أهالي ضحايا المرفأ منذ لحظة وقوع الانفجار المشؤوم بمواجهة منظومة النيترات وأدواتها من سياسيّين وأمنيّين وإداريّين وحتى بعض القضاة، ليس آخرهم المدّعي العام التمييزي المتجاوز لاختصاصه وموقعه وصلاحيّاته كمدافع أوّل عن الحقوق والمجتمع إلى موقع الحامي للطغاة والمُجرمين”.
في مجال آخر، توجّه رئيس الاتحاد العمّالي العام بشارة الأسمر للأجهزة الأمنية لحماية أيّ تحركات للعمال الأسبوع المقبل ضمن الإطار الذي يحفظ السلم الأهلي”. وأشار إلى أنّ، “في الأزمات الكبرى، يجب اللجوء لتخفيض الضرائب، وما نراه اليوم هو العكس حيث هناك توجه لرفع الضرائب، وهذا ما يجعل اللبناني يعيش أزمة مصيرية، والمطلوب اليوم دولة تعمل لوقف سعر الانهيار ووقف ارتفاع سعر الدولار”. وأردف الأسمر: “نقوم باتصالات مهمّة، ودعينا لإضراب في المصالح المستقلّة، وللأساتذة في القطاع الخاص وقطاعات النقل، ولدينا تحرّك نهار الاثنين ضمن هذا الإطار لإعلان صرخة كبيرة في كلّ المناطق للولوج نحو الحلول”.