تناول الصحافي الأميركي توني كوكس الكاتب في عدد من الصحف العالمية الكبرى مقالا كتبه الملياردير الأميركي جورج سوروس عام 1993، تنبأ فيه بما يحدث في الوقت الراهن.
وأشار كوكس إلى أنه وفقا لرؤية سوروس للنظام العالمي الجديد في ذلك الوقت توقع أن يكون الناتو هو المنفذ اعتمادا على القوة البشرية من أوروبا الشرقية.
ووصف سوروس بدقة في مقالة كتبها في مدونته على الانترنت عام 1993، استراتيجية الولايات المتحدة وحلف
الناتو بإحداث واستغلال صراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث يوفر الأوكرانيون القوة البشرية للقتال بالوكالة عن حلف الناتو وبهذا يمكن لمحركي الدمى الغربيين السعي لإضعاف روسيا وفرض رؤيتهم لنظام عالمي يخدم مصالحهم
وأشار سوروس إلى أن القوى الغربية من خلال تقاسم عبء توريد الإمدادات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا، تحقق مصالحها المتمثلة بإطالة أمد الصراع في أوكرانيا موهمة الجميع بأن العالم بأسره يقف بثبات مع أوكرانيا، ومن وجهة نظر الغرب لا يمكن انتقاد سياسة كييف وأي شخص يفعل ذلك يكون عميلا للكرملين.
وتابع كوكس أنه في ذلك الحين وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي أراد سوروس منع الدول السوفيتية السابقة ودول حلف وارسو من أن تصبح دول قومية تحكم وفق مصالحها الخاصة وتعارض النظام العالمي الذي كان يروج له.
وقدم الغرب آنذاك تأكيدات بأن الناتو لن يتوسع شرقا، لكن سوروس أصر على أن التحالف يجب أن يكون حرا في دعوة أي دولة للانضمام إليه
ورأى سوروس أنه يجب على حلف الناتو الاستفادة من الفجوة الأمنية التي خلفها انهيار الإتحاد السوفيتي، وقال إن “الناتو لديه هيكل قيادة موحد يجمع بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية”.
ووصف الناتو بأنه العمود الغربي القوي فهو يؤدي إلى هيكل غير متوازن للقوى في العالم، وهذا هو المطلوب، لأن الهدف هو تعزيز وإشباع رغبة الدول في الانضمام إلى المجتمع الغربي المفتوح.
وقد أسفر ذلك عن انضمام 14 دولة للحلف بحلول عام 2020، وتم وضع أوكرانيا وجورجيا كآفاق مستقبلية.
كما دعا سوروس إلى توسيع الناتو ليشمل آسيا، الأمر الذي لم يحدث، إلا ان قمة الحلف عام 2022 ضمت ممثلين من دول آسيا ودول المحيط الهادئ، كاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
وكان سوروس قد اعترف في عام 1993 بأنه لم تكن لدى روسيا أي رغبة في استعادة إمبراطوريتها على عكس ما يتم ترويجه على المواقع الإخبارية الغربية، إلا أن تحرك الناتو على الحدود الروسية، وتحريك الأسلحة الاستراتيجية نحو حدودها، وعدم منحها ضمانات أمنية أجبر روسيا على التحرك ضد التهديد المستمر لأمنها القومي.
هذا وأعلن مجلس العلوم والأمن التابع لنشرة علماء الذرة الأسبوع الماضي تحريك عقارب “ساعة يوم القيامة” المصممة للتنبؤ بمدى قرب البشرية من الإبادة المروعة عند 90 ثانية قبل منتصف الليل.
ويعد هذا أقرب توقيت إلى منتصف الليل على هذه الساعة منذ الكشف عنها أول مرة عام 1947، كما يعد هذا التحريك رقم 25 لعقارب الساعة ذهابا وإيابا على مدار 76 عاما.
واستشهدت النشرة بالصراع الروسي الأوكراني، الذي تحدى النظام النووي الذي تم بناؤه على مدى ستة عقود للحد من مخاطر الأسلحة النووية.
وأضاف كوكس أنه في ظل ما يحدث لا داعي للقلق إذا كان جورج سوروس البالغ من العمر 92 عاما، شاهد أحلامه الجيوسياسية تتحقق.
ونوه كوكس بأن سوروس وأمثاله يمكنهم الاستمرار في المضي لإتقان نظامهم العالمي على النحو الذي يرونه مناسبا.
وتابع قوله بإننا إذا تساءلنا عما إذا كان الناتو يعمل نيابة عن هذا النظام يمكننا النظر إلى ما حدث وتأطير الصراع الحالي، عندما بدأت
روسيا عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا في فبراير الماضي، أدان الغرب الرئيس فلاديمير بوتين لتقويضه “النظام الدولي القائم على القواعد”.
لذا فقد برز حلف الناتو كمنفذ للنظام الدولي القائم على القواعد للنظام العالمي الجديد وهذا ما دعا إليه سوروس قبل ثلاثة عقود.
واستطرد كوكس في مقالته أنه عندما عادت رئيسة مولدوفا مايا ساندو من رحلتها الأخيرة إلى دافوس السويسرية وبدأت على الفور بالتلميح برغبة بلادها الانضمام إلى الناتو منتكهة الدستور بالتزام بلدها بالحياد، فمن المؤكد أنها التقت بألكسندر سوروس، حفيد جورج سوروس خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية