خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
هل صحيح أن الاتفاق السعودي الإيراني سيؤدي في أحد نتائجه الجانبية إلى دعم حظوظ وصول سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟؟
هذا السؤال تردد طرحه بكثافة داخل لبنان، منذ تم توزيع خبر البيان السعودي الإيراني عن اتفاقهما على تبادل فتح السفارات بعد شهرين..
ولا شك أن ماكينة دعائية كبيرة وقفت وراء نشر هذا التحليل الذي يصور أن فرنجية هو المستفيد رقم واحد داخل لبنان مما حصل في بكين.. وتشكلت هذه الماكينة من أنصار حزب الله الموجودين في النطاق السياسي والإعلامي؛ غير أن الواقع كما يعرفه ضمناً حزب الله وحتى سليمان فرنجية، ليس بهذا التبسيط، وذلك من عدة زوايا يتصل أبرزها بحقيقة أنه من المبكر جداً الحديث عن تأثيرات اتفاق بكين على ساحات المنطقة ودولها واستحقاقاتها؛ أضف لذلك أن تفصيل الاستحقاق الرئاسي في لبنان سيكون دوره على جدول اهتمامات اتفاق بكين الإقليمية متأخراً، هذا في حال تم الإلتفات إليه من قبل طهران والرياض كموضوع يجب التفاهم حوله.
والواقع أن اتفاق بكين السعودي الإيراني، هو أشبه بمبنى مؤلف من طابقين اثنين: الطابق الأرضي منه تقيم فيه المشاكل الأمنية بين الطرفين، وهي مشاكل كبيرة ومتشابكة ومزمنة؛ وفي عام ٢٠٠١ كان حاول الطرفان حلها عبر توصلهما آنذاك لاتفاق يضع خارطة طريق لحل مشاكلهما الأمنية، ولكن عند التطبيق اصطدم الطرفان بحائط الفشل.
..وحالياً لا إيران ولا السعودية يخاطر أحدهما بالقول مسبقاً أن النجاح هذه المرة بتنظيف الطابق الأرضي من منزلهما، من المشاكل الأمنية سيصادف بالضرورة النجاح؛ وكلاهما يعترفان بأن العبرة تبقى متوقفة على ماذا سيحدث خلال البدء بتنفيذ وتطبيق الاتفاق.. وسبب الحذر لكليهما، لا يعكس عدم حماس الطرفين للنجاح في تطبيع علاقاتهما، بل يعكس مرارتهما من الفشل خلال تجربتهما السابقة بتنفيذ الاتفاق الأمني الذي توصلا إليه في العام ٢٠٠١.. وفي هذه النقطة يجدر الإشارة إلى حقيقة أن الشق الأمني من اتفاق بكين السعودي الإيراني الموقع قبل ثلاثة أيام، هو عبارة عن اتفاق مبرم بينهما منذ ٢٢ سنة، ولكنهما لم ينجحا في تنفيذه طوال العقدين الماضيين.. وعليه فإن السؤال الملح اليوم هو ماذا تغير في تفكير إيران حتى يحق للسعودية أن تتوقع بإيجابية أن تلتزم طهران بعد ٢٢ سنة بموجبات الاتفاق الأمني بينهما(؟؟)، وأيضاً ماذا تغير في الرياض حتى تتوقع طهران أن تتقبل وتطبق السعودية ما يشبه شراكة أمنية مع إيران، رغم التحفظ الأميركي على ذلك(؟؟)..
وما يمكن استنتاجه من هذه الصورة، هو أن اتفاق بكين هو مولود لا يزال موجوداً في الحاضنة الصحية؛ وسيبقى فيها لمدة شهرين. وهذا يعني أن الاتفاق ذاته ليس معلوماً كيف ستتطور صحته خلال هذين الشهرين، وعليه، فإنه من المبالغة الفاقعة القول أن هذا الاتفاق الذي لا يزال يتنفس على ماكينة الاوكسجين، بدأت تظهر نتائجه الجانبية ليس فقط على أزمة لبنان، بل لصالح تفصيل داخل أزمة لبنان، هو معركة ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ولا شك ان الربط بين اتفاق بكين وحظوظ فرنجية الرئاسية، هو نوع من حملة نفسية لإضعاف عزيمة ومعنويات معارضيه، وربما هذا ما دفع مسؤول سعودي كبير للقول بأن اتفاق بكين ليس له تأثيرات على وضع لبنان الذي على أبنائه أن يهتموا بحل قضاياهم الداخلية.
والحق يقال أن الكلام الذي يتوقع إفادة فرنجية من اتفاق بكين، ليس كل أسبابه القيام بحرب نفسية من قبل فريق حزب الله؛ بل هناك جانب منه له صلة بنقاش موجود داخل الأروقة القريبة من العملية التفاوضية التي قادت لإنجاز هذا الاتفاق السعودي الإيراني.. وملخص هذا النقاش تركز على السؤال التالي: أي واحدة من الساحات ستتأثر إيجاباً قبل غيرها باتفاق بكين؟؟..
وبرزت إجابتان على هذا السؤال: الأولى تقول أن الملف اليمني له الأولوية، نظراً لأن السعودية تعتبره ملفاً ذا صلة مباشرة بأمنها القومي.
والإجابة الثانية تقول أن الملف اليمني هو الملف الأصعب من بين كل الملفات التي تشكل أسباب الخلافات السعودية الايرانية؛ ولذلك سيفضل الطرفان أن يبدأا إما بالملف السوري أو بالملف اللبناني السهلين قياساً بمدى صعوبة الملف اليمني.
ولكن هذه الإجابة الثانية لا تجد في الرياض موافقة عليها، كما أن الإجابة الأولى لن يصدر عن إيران أي كلام يريدها.. وكل هذه المؤشرات تقول أن طريق الشهرين اللذين ستقطعهما إيران والسعودية خلال هذه الفترة نحو استعادة الثقة بينهما تمهيداً لتبادل السفارات، هما من حيث أهميتهما السياسية والأمنية سيوازيان كل صعوبات طريق الـ٢٢ عاماً من المشاكل الأمنية والسياسية التي حدثت بينهما خلال الفترة التي تلت تجميد تنفيذ الاتفاق الأمني بينهما… فهل ينجحا في شهرين بفعل ما فشلا به خلال ٢٢عاماً؟؟