فرضت الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تلتف حول أعناق اللبنانيين، ظروفها التقشفية على الزينة الرمضانية، التي اعتادت بيروت أن تتزين بها قبل حلول شهر الصيام بأسبوعين على الأقل.
من يتجول في شوارع العاصمة اللبنانية قبل أيام معدودة من حلول شهر رمضان، يفتقد الزينة الرمضانية التي اعتاد اللبنانيون على رؤيتها في شوارع المدينة وعلى وشرفات المنازل، كتقليد رمضاني ثابت ينتظره السكان بشغف عاماً تلو الآخر.
ووسط مساعٍ حثيثة من مؤسسات دار الأيتام الإسلامية (الجهة المخولة بتزيين شوارع العاصمة بيروت في رمضان)، اقتصر الأمر على زينة خجولة في 3 شوارع رئيسية فقط من عشرات الشوارع التي كانت تزدان بزينة رمضان في أعوام سابقة .
وفي السياق، تحدثت مسؤولة العلاقات العامة في دار الأيتام الإسلامية ببيروت، دانيا صفدية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، قائلة: “الظروف صعبة هذا العام، لذا قامت إدارة دار الأيتام برصد 10 بالمئة فقط من الميزانية التي كانت تُرصد سنوياً لتزيين شوارع بيروت عند قدوم الشهر الكريم”.
وأضافت: “قمنا بتزيين 3 شوارع فقط، هي كورنيش المزرعة، والروشة وبشارة الخوري، من دون أن نزين الساحات كما كنا نفعل في السنوات الماضية. لم نعتمد زينة جديدة وعنواناً جديداً كما اعتدنا، فقط أعدنا ترميم وتأهيل بعض القطع التي تشكل رموز هلال رمضان، بهدف بث أجواء التفاؤل، لأن زينة شوارع بيروت تعتبر عنصراً مهماً من تقاليدنا الرمضانية، والكل ينتظرها خصوصا الأطفال. زيّنا بعض الشوارع لإضاءتها، بعد مبادرات وتبرعات كريمة من قبل أصحاب الأيادي البيضاء في المجتمع المحلي”.
من جانبها، تحدثت الخبيرة في علم الاجتماع، أديبة حمدان، لموقع “سكاي نيوز عربية” عن أهمية الزينة الرمضانية، وقالت: “هي رمز من رموز الفرح الذي ينتظره المجتمع اللبناني. للزينة دور إيجابي، كونها تضفي البهجة والسعادة على المارة في الشوارع، وعلى شرفات المنازل، خصوصا في الليل. فعلياً، فغن الزينة هي علامة فارقة أساسية من علامات مدينة بيروت، تحديداً خلال شهر رمضان، ويقصدها الرواد من مناطق بعيدة، وأحيانا من خارج البلاد، لمشاهدتها وتصويرها”.
وتابعت: “التحضير لاستقبال رمضان أمر تقليدي متوارث في لبنان، وشهر الصيام فرصة لتحسين بعض السلوكيات ولإقامة الشعائر الدينية التي تنعكس إيجاباً على المجتمع، خصوصاً في مجال التضامن والتبرعات والتعاطف مع الآخرين”.
وأكملت حمدان: “لم نعتد على بيروت كما هو حالها هذا العام، بزينتها الخجولة وحتى شرفات منازلها التي لم تعلق عليها الزينة المضاءة والفوانيس الصفراء كما في كل عام. لقد غابت مواكب الأطفال التي كانت تجوب شوارع العاصمة اللبنانية في مثل هذه الأيام، وتبث الأناشيد وتحتفل بقرب قدوم الشهر الكريم”.
وختمت بالقول: “لقد سرقت الأزمة الاقتصادية الفرحة من عيون أطفال لبنان، وقضت على مظاهر الزينة في شهر الصيام، في زمن أصبح من الصعب فيه العثور على الفرح، خاصة أن المجتمع اللبناني يعيش يوميا المزيد من التطورات السلبية على صعيد الاقتصاد والحياة الاجتماعية