خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
يمكن للمراقب أن يسمع ثلاثة آراء في المحافل الدبلوماسية بخصوص رؤية الجهات الخارجية المؤثرة في لبنان، لموضوع استحقاق رئاسة الجمهورية:
الرأي الأول يقول أن الاتفاق على مشروع فخامة الرئيس العتيد أهم من إسم فخامة الرئيس العتيد ..
ويقول أصحاب هذا الرأي أنه لا فائدة من وصول رئيس لا يحمل مشروعاً واضحاً يؤدي إلى إنقاذ البلد؛ أو بكلمات أدق لا معنى لرئيس لا يأتي انتخابه على أساس توافق على مشروع وكتتويج لتوافق وطني على مشروع انقاذي..
وهذا الكلام صحيح؛ ولكن عند السؤال عن كيفية تطبيقه، يصبح ملتبساً؛ فمثلاً حزب الله يستطيع القول أن ما تطلبه بعض المحافل الدبلوماسية بهذا الخصوص، ينسجم مع ما يقوله الحزب من أن التوافق على الرئيس أهم من إسم الرئيس.
والرياض أيضاً تستطيع القول أن ما يطرحه أصحاب نظرية التوافق أولاً على مشروع الرئيس، ينسجم مع طرحها الداعي للتوافق على مشروع عهد الرئيس العتيد قبل التوافق على إسم الرئيس العتيد.
ومن مجمل ما تقدم يتضح أن عملية انتخاب الرئيس بحاجة لولادة قيصرية، كون البلد بحالة غير طبيعية، وكون الانتخابات لا تجري لاختيار رئيس لست سنوات كما الحال في الأحوال العادية، بل تجري لاختيار واحد من عدة طرق هامة، منها طريق يؤدي إلى تمديد الأزمة، وآخر يؤدي إلى تفجر الأزمة، وثالث يؤدي إلى إدارة الأزمة، ورابع يؤدي إلى محاولة حل الأزمة، الخ..
الرأي الثاني الذي يسمعه المراقب في المحافل الدبلوماسية المعنية باستحقاق الرئاسة الأولى يقول أن مشكلة فرنجية هو أن الاكثريتين المسيحيتين لا تؤيدانه، وهذا يعني أنه إذا وصل لقصر بعبدا سيكون رئيساً غير ميثاقي..
..أضف أن الانطباع العام عن فرنجية يقول أنه “مرشح تمديد الازمة”، وليس “مرشح حل الازمة”.. وما يزيد من تعميق هذا الانطباع عنه، هو أن فرنجية لم يخرج إلى الإعلام ليبدده؛ فضلاً عن أنه لا يزال يؤجل إطلالة إعلان ترشيحه…
أما مشكلة العماد جوزاف عون فهي بنظر المتابعين من الخارج، تكمن في أن شخصيته الشفافة لا تتناسب مع التركيبة الحالية الحاكمة التي لا تزال غير مقتنعة بأن بقرة الدولة الحلوب قد جف حليبها، وهي لا تزال تسعى لمحاصصات جديدة ..
..واذا كانت قوة فرنجية مستمدة من إجماع الثنائي الشيعي وحلفائهما عليه، بمقابل أنه لا توجد كتلة نيابية أعلنت ترشيحها الجدي لمرشح آخر واحد؛ فإن قوة جوزاف عون تقع في أنه “مرشح الخيار الثالث الجدي”، بمعنى أنه مرشح الخيار الذي يعطي وصوله لرئاسة الجمهورية، أملاً بتغيير السلوك الرسمي في لبنان، وهو أمر من دون حدوثه لن يكون هناك دولة وبلد، ولا مواطن ووطن .. فالمطلوب “صدمة ثقة مواطنية”؛ وهو أمر يحققه مجيء العماد جوزاف عون للرئاسة..
الرأي الثالث يقول أنه حتى يصبح انتخاب رئيس الجمهورية مدخلاً للحل في لبنان، وليس مدخلاً للمراوحة داخل الأزمة؛ فإن المطلوب هو الاتفاق على رئيسي الجمهورية والحكومة في آن واحد.
وهذا الرأي يسمى “بخيار الحلين” أو “سلة الحلين”، وهناك دول عديدة ذات صلة بالملف اللبناني تؤمن به بوصفه خارطة طريق مجدية وليس وصفة لإنهاء مشكلة الشغور الرئاسي وبقاء المشاكل التي سببت الشغور وسببت الانهيار، الخ..
وبحسب أصحاب هذا الرأي فإن رئيس الجمهورية بعد الطائف، لم يعد هو وحده مرجع القرار في لبنان كما كان الحال أيام جمهورية الـ٤٣؛ وبات وجوده رمزياً في كثير من جوانب مهامه، ولكن لا يزال هناك أهمية عملية لوجود رئيس جمهورية متفق مع رئيس الحكومة، والعكس صحيح.. وعليه فإن الاتفاق على فخامة الرئيس الأول من دون الاتفاق على إسم دولة الرئيس الثالث، سيكون اتفاقاً ناقصاً وغير واقعي ولا يقدم عملياً أي حل لأزمة البلد.