ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة توجّه فيها للتجار اللبنانيين بالقول:”الناس تعيش وسط كوارث معيشية، وظروفها تُبكي الحجر فلا تمنعوها طريق الله، وخاصة في شهر الله العظيم، فأعينوها ومكّنوها وتحنّنوا عليها، أقول ذلك لأن كثيراً من التجار ضيّع طريق الله، ويتعامل مع شهر رمضان والناس صائمة بنزعة استغلالية وطبيعة متوحشة، لهذا الصنف خصوصاً من التجار أحذّرهم، الخصومة مع الناس هي خصومة مع الله، والخصومة مع الصائمين خصومة خطيرة فاحذروها، فإنها نار لا تبقي ولا تذر، والموت قريب، والقبر ضيّق، والورثة سرعان ما ينسَون أو يتناسَون، والدنيا مرّة، فارحموا أنفسكم وامنعوا نار تجارتكم واتقوا الله، فوالله ما اتجّر تاجر بخصومة الله والتضييق على عباد الله إلا أكلته الحسرات (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، فالله الله بالصائمين، الله الله بأهل الحاجة، وما أكثر الحاجة في هذه الأيام، الله الله بعباد الله، فمن ضيّعهم ضيّع الله، وضيّع حظّه من عالم الأبدية التي لا موت فيها ولا فناء، وهو القائل (لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ)، وما أكثر التجار الذين سيقولون (رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي)، فلا يجاب إلا بأنواع السخط والعذاب”.
وتوجه إلى “القوى السياسية الواعية”، بالقول:”احذروا الانهيار المستمر، لأن الدولار بمثابة زلزال سينقض على الجميع، وبعض القوى السياسية المالية تنفذ مشروع انقضاض على البلد وشراكته الوطنية والسياسية وقدرة الناس على العيش، والوقت لم يعد متاحاً، والحل كما أكدت في كل مرة بإنقاذ رئاسي سريع على قاعدة رئيس قوي جامع، لأن أي خطأ بالتقدير يعني انزلاق البلد أكثر نحو المجهول، وما أخطر المجهول في هذه الأيام. فالناس تلتهم الجمر، والصبر مرّ، وواقع الناس أشبه بمذبحة ترتكبها الطبقات المالية والتجارية والسياسية والإعلامية والنفوذية المحلية والدولية، ورغم ذلك لا يريد شعبنا وناسنا وضع مصير لبنان بكفة نار الشوارع، لأن فلتان الشارع يعني فناء لبنان. لذلك، لا يجوز تعطيل مجلس الوزراء ومجلس النواب، لأن أي تعطيل للمجلسين تعطيل للبنان وللدولة ولوظيفتها، والمطلوب انتفاضة سياسية لأن ترك البلد رهينة بعض الشخصيات المهووسة بالجنون والأنانية يعني شطب لبنان عن وجه الأرض”.
أضاف: “لأننا بقلب كارثة وجود، ولأنه لا بد من الإنقاذ، والإنقاذ الداخلي شبه معدوم، فالحل الوحيد بالخيار الشرقي، لذلك اطرقوا أبواب الصين والهند وروسيا وطهران، وكلها بلا أثمان سيادية أو أكلاف حالية، وثمن الخيار الشرقي أفضل من التعويل على واشنطن التي تتعامل مع لبنان بعين المصالح الصهيونية”، مشيراً إلى أن “هناك مشروعا خطيرا جداً يريد تمزيق الدولة، ونسف الشراكة الوطنية ومراحل هذا المشروع باتت واضحة فالحذر منه، لأن لبنان لا يحتمل لعبة انتحار”.
أما بالنسبة للاتفاق السعودي – الإيراني فقد اعتبر أنه “ضرورة إقليمية ووطنية، واستثمار هذا الاتفاق ضرورة ماسّة للبنان، والمطلوب من الرياض وطهران إغاثة لبنان على كل الصعد، والإهمال لوضع لبنان خطير، وليس من مصلحة العرب والمنطقة دفع لبنان نحو المجهول”.