كتب عوني الكعكي:
هذا السؤال متداول في جميع الأوساط السياسية والاجتماعية في كل أنحاء العالم، وبالأخص في الولايات المتحدة.
وللإجابة على هذا السؤال لا بد أن ننظر الى هذا الموضوع من موقع الرئيس فلاديمير بوتين ووجهة نظره، والأسباب التي منعته من الذهاب الى الصين بالرغم من ان الزيارة هي لمصلحته، تعود الى الاسباب التالية:
أولاً: هناك معلومات بأنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخاف أن يترك موسكو وذلك بسبب الحرب مع أوكرانيا، خصوصاً انّ جميع حساباته بالنسبة لتلك الحرب كانت خاطئة، حيث كان يظن انها معركة أسبوع.. وقد خاب ظنّه، فنحن اليوم دخلنا في العام الثاني، وهناك تراجع روسي من أراضٍ احتلها، ثم اضطر الى الانسحاب منها… وهنا لا بد من القول إنّ صورة روسيا العسكرية قد اهتزّت، وأنّ السلاح الروسي تبيّـن انه لا يزال غير ناجح مقارنة بالسلاح الأميركي.
ثانياً: إنّ بعض الوزراء لا يستطيعون أن يتركوا روسيا أيضاً خوفاً من انقلاب عليهم.
ومن ناحية ثانية، عندما شعر الرئيس الصيني جين بينغ أنّ الرئيس فلاديمير بوتين خائف من السفر وترك موسكو قرّر أن يذهب هو بنفسه الى موسكو، وذلك لعدّة أسباب:
أولاً: الزيارة هي رسالة لأميركا بأنّ هناك حلفاً كبيراً نشأ ضدّها، يتكوّن من الصين وروسيا وإيران. وهذه البلدان على علاقة سيّئة بأميركا، وهناك أيضاً تضارب في المصالح مع الولايات المتحدة.
ثانياً: الرئيس الصيني جين بينغ أخذ معه الى موسكو 250 وزيراً ومسؤولاً وخبيراً اقتصادياً ورؤساء شركات، بالاضافة الى أكثر من ألف من رجال الأمن والاعلام ومترجمين وديبلوماسيين.
ثالثاً: هناك عقود تجارية بـ190 مليار دولار بين الصين وروسيا.
رابعاً: جرى اتفاق أن تكون عملية شراء الغاز والنفط من إيران بالعملة الصينية.
خامساً: تشتري الصين من روسيا 50 مليار متر مكعب من الغاز، وهكذا سوف تستغني الصين عن شراء الغاز من أي بلد، كذلك تستغني روسيا عن بيع غازها الى أوروبا، وهذا ضد مصلحة أوروبا.
سادساً: تم الاتفاق بين الصين وروسيا على تسريع إنشاء خط سيبيريا -2.
سابعاً: الانتقاد الذي وجهته الصين الى «الناتو» وتدخّله في شؤون الدول… وهو يعني الدعم الاوروبي بالسلاح والذخيرة من أوروبا الى أوكرانيا… والذي عدّل في نتائج الحرب لمصلحة أوكرانيا.
ثامناً: الواضح اليوم ان روسيا تعتمد بشكل رئيسي على الصين اقتصادياً وسياسياً وحتى عسكرياً، لكن هذا الامر غير معلن. فالصين أصبحت الملاذ الآمن للدب الروسي الذي يتلقى العقوبات من كل الاتجاهات، والصين هي المستورد الأوحد للغاز والنفط والمعادن والمواد الزراعية حيث لا يجرؤ الآخرون على استيراد الغاز كي لا تطالهم العقوبات، وهذا الوضع الجديد أخذ يشكّل قوة للصين اقتصادياً وسياسياً، وأصبح العملاق الآسيوي قوة على مستوى دول العالم تم الاعتراف بها أوروبياً ودولياً.
تاسعاً: هناك محاضرة لمهندس السياسة الخارجية الاميركية وزير الخارجية الاسبق هنري كيسنجر، يقول في محاضرته: «إنّ على أميركا أن تتعايش مع الصين وتعتبرها القطب الثاني، أي ان العالم يحكمه قطبان أميركا والصين»… ولفت الى «نمو الصين على الصعيدين الاقتصادي والصناعي بشكل مخيف، لذلك علينا أن نتعامل معها بهدوء، ونعترف بها وأن لا نحاربها لأنّ ذلك ليس في مصلحة أميركا». وأضاف كيسنجر انه لو استشاروه لنصح بعدم المواجهة بل التعاون كما حصل عندما فتح جدار الصين في سبعينيات القرن الماضي وبنى جسوراً مع الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ووزير خارجيته شو ان لاي، وهكذا انتهى الصراع بين أميركا وڤيتنام وانسحبت أميركا عسكرياً.
أخيراً، هناك حاجة لشراء أسلحة من الصين خصوصاً انّ روسيا تعاني من نقص في السلاح في حربها مع أوكرانيا.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*