خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
يمثل اليوم الرئيس الأميركي السابق رونالد ترامب أمام القضاء الأميركي.. والمحيطون بترامب يقولون ان محاكمته هي نوع من “الاضطهاد السياسي”، وهي “سيناريو ملفق” هدفه منعه من الترشح للرئاسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
والواقع أن هذه التهم لا تخلو من مصداقية؛ ذلك أن محاكمة ترامب هي حدث غير مسبوق وليس له مثيل في التاريخ الأميركي، إذ لم يسبق لرئيس جمهورية أن جرت محاكمته بعد خروجه من البيت الأبيض؛ ولكن بالمقابل، وبنفس المعايير، يشكل السلوك الذي مارسه ترامب خلال عهده وبعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، سابقة غير مسبوقة في تاريخ تعاطى رؤساء الولايات المتحدة الأميركية..
.. ولكن أبعد من كل ذلك؛ يجب الاعتراف بأن قرار محاكمة ترامب، هو قرار أكبر من قضائي؛ فهو بامتياز قرار سياسي كبير ويقف وراءه إدارة بايدن مدعومة من الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية.
ويجب الاعتراف أيضاً ان قرار توقيف ترامب ومحاكمته يشكل مغامرة، يحتمل أن ينتج عنها عواقب وخيمة على الأمن الأميركي الداخلي وعلى الوحدة الوطنية الاميركية؛ ذلك ان ترامب ليس مجرد رئيس سابق، بل هو شخصية يؤيدها نصف الشعب الأميركي كما بدا من خلال نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وعلى هذا فإن قرار توقيفه يستفز كماً كبيراً من المواطنين الأميركيين، ويشكل من وجهة نظر العنصريين الاميركان البيض تحدياً لهم، وحتى يرون فيه بمثابة اعلان حرب ضدهم.
ولا شك أن توقيف ترامب يسهم بشكل فير مباشر، ولكن بشكل حاسم، في توجيه رسالة لزعماء العالم، مفادها أن كلفة تحدي بايدن غالية جداً؛ بدليل أن إدارته استطاعت سجن شخصية يؤيدها نصف الشعب الاميركي، ولم تتردد في توقيف رئيس سابق تدعمه نصف أميركا؛ وعليه بات يمكن تخيل بأي قساوة وقوة يمكن لبايدن أن يتعامل مع زعماء وشخصيات في العالم، لا تملك جزء بالمئة من قوة ترامب داخل اميركا..
وضمن هذا السياق؛ فإن مشهد وقوف ترامب في المحكمة وهو على قاب خطوات قليلة من دخوله السجن؛ سيعني الكثير من القلق لبنيامين نتنياهو الذي يتهم بايدن – وهو غير مخطيء بذلك- بأنه يشجع الاحتجاجات ضده في اسرائيل، ولكن سبب قلق نتنياهو يكمن في الفكرة التي تراوده الآن، ومفادها أن خصمه بايدن الذي يستطيع سجن ترامب الذي هو نصف أميركا سيكون بإمكانه بسهولة سجن نتنياهو الأقل قوة بما لا يقاس من ترامب.
إن قرار فكفكة ظاهرة ترامب داخل اميركا، سيكون له بكل تأكيد في حال نجاحها؛ تتمات في أنحاء عديدة من العالم، حيث ستنطلق حملة بايدن لتفكيك شبكة علاقات ترامب الخارجية؛ وهؤلاء مجموعة زعماء ورؤساء لا يزالوا يراهنون على عودته للبيت الابيض. ومنذ الآن بدأ يطلق عليهم في اميركا لقب “يتامى ترامب”!! في إشارة إلى ما ينتظرهم من رد فعل بايدن ضدهم..
ومنذ فترة أعلن بايدن انه سيترشح لدورة رئاسية ثانية، وبدا هذا التصريح مستغرباً نظراً لتوقيته ونظراً لتقدم بايدن في العمر.. ولكن يتبين اليوم مع توقيف ترامب وبدء محاكمته طبيعة السبب الذي جعل بايدن يسرب أنه ينوي الترشح لولاية رئاسية ثانية؛ وهو إعطاء الانطباع بأن ولايته ذات زخم، وليست مقبلة على نهايتها كما يوحي ترامب.. وأكثر من ذلك أراد بايدن عبر تسريبه نبأ ترشحه لولاية مقبلة القول لترامب ولحلفائه في الخارج أن مشواركم وحسابكم مع الديموقراطيين في البيت الابيض طويل، ولم ينته مع نهاية ولاية بايدن الحالية…