خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
عقوبات الخزانة الأميركية: الأولوية لمكافحة الفساد.. أم لانتخاب رئيس؟!
توقيت عقوبات الخزانة الأميركية على الأخوين رحمة، هو بنظر متابعين أمر لا يوازيه بالأهمية إلا الموضوع المطروح كسبب لفرض العقوبات.
.. أما في مجال التوقيت فإنه أتى في عز لحظة الصراع على الاستحقاق الرئاسي بين “ثلاثي العداء الماروني” جبران باسيل وسمير جعجع وسليمان فرنجية. والصلة هنا تكمن في أن الشقيقين رحمة هما على علاقة وطنية بهؤلاء الأقطاب الموارنة الثلاثة، وبخاصة من بينهم فرنجية الذي يصفه حزب الله بأن حظوظه الرئاسية متقدمة والذي تربطه بأحد الشقيقين رحمة، صداقة قديمة بدأت بينهما منذ بداية عقد ثمانينات القرن الماضي حيث اعتادا على السفر معاً الى الخارج.
والصلة الثانية بين عقوبات الخزانة المالية التي صدرت أمس وتوقيت انتخابات الرئاسة الأولى في لبنان، تكمن في أن أصدقاء الشقيقين رحمة الثلاثة هم إما مرشحون للرئاسة أو ناخبون ملوك فيها.. وثمة هنا من يلفت النظر إلى أنه في حين أن عقوبات الخزانة الاميركية ما قبل الماضية، أصابت من خلال استهدافها الخبير المالي مقلد، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشظاياها، فيما عقوبات أمس اصابت من خلال استهدافها الشقيقين رحمة، زعماء الصراع الموارنة الثلاثة بشظاياها..
ومن هنا يمكن استخلاص أن توقيت عقوبات أمس تأتي في عز الصراع الماروني – الماروني على استحقاق رئاسة الجمهورية؛ وعليه فإن القراءة السياسية لهذه العقوبات تحتم النظر إليها بوصفها مؤشرات على موقف إدارة بايدن من أداء أحزاب الطوائف من الاستحقاق الرئاسي من جهة، ومن الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية من جهة ثانية.. وإذا صح هذا الاستنتاج فإن هذا يعني أن واشنطن تبحث عن خيار رابع للرئاسة، بمعنى أنها تفضل ليس فقط الخروج من خيار سليمان فرنجية، بل أيضاً تفضل الدخول في خيار الإتيان بفخامة رئيس يكون له معنى ضمن توجه دولي وداخلي لمحاسبة الفساد وليس لإبرام تسوية انتخاب رئيس جمهورية وتسمية رئيس حكومة مع رموز الفساد..
والواقع أن واشنطن لا تزال تعتبر أن انتظام عمل الحكومة بعملها له أولوية لديها في هذه المرحلة على انتخاب رئيس الجمهورية. أضف ان واشنطن تعتبر أن حل للوضع الاقتصادي يتم من خلال بلورة إرادة سياسية لبنانية تذهب لعقد اتفاق – خارطة طريق مع صندوق النقد الدولي؛ وليس من خلال إنشاء صناديق هبات ومساعدات عربية دولية للبنان. وأخطر ما في المقاربة الأميركية للوضع اللبناني الراهن، هي أنها غير مستعجلة على حل أزمة لبنان عبر استخدام القوى التي ساهمت في إنتاجها كما هو حال ماكرون، ولكنها بنفس الوقت هي مصرة على ثلاثة أمور في لبنان: الأول عدم تفجير الاستقرار الأمني.. والثاني عدم إعادة النازحين السوريين المقيمين في لبنان، في هذه الفترة، إلى سورية؛ و الثالث دعم مؤسسة الجيش اللبناني وعدم السماح بفرطه بفعل الضغوط المعيشية أو غير المعيشية.
وفي هذا السياق فإن متابعين يعتبرون ان عقوبات الخزانة الاميركية التي صدرت أمس؛ تختلف عن كل العقوبات التي سبقتها لجهة مدلولاتها السياسية: فهذه العقوبات اختارت عناوين لخلفياتها تؤشر إلى أن واشنطن بدأت تقترب من فتح ملف الفساد المالي والإداري في لبنان.
وقبل أشهر كانت معلومات ذكرت انه داخل كواليس المجتمع الدولي العميقة تتم عملية مفاضلة بين خيارين اثنين:
الأول يوصي بأن يقوم المجتمع الدولي بفتح ملف الفساد المالي والإداري في لبنان قبل عقد الانتخابات الرئاسية.
ويقول أصحاب هذا الرأي ان كل المحاولات الفرنسية ومن ورائها العربية والغربية لحل الأزمة اللبنانية الراهنة؛ لم تؤد الى نتيجة نظراً لأنانية المنظومة السياسية اللبنانية؛ ولذا فإن الحل هو بممارسة ضغوط دولية قانونية على هذه المنظومة الحاكمة في لبنان حتى تضعف، وحتى يصبح بالإمكان تحرير لبنان من دورها السلبي المعرقل لإنتاج الحلول الاصلاحية.
الرأي الثاني يوصي بعدم قيام المجتمع الدولي بفتح ملف الفساد المالي والإداري في لبنان إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وبعد تشكيل حكومة أصيلة ومستقرة، لأن عملية المحاسبة عن الفساد يجب أن تجري في ظرف لبناني مستقر وبوجود رئيس جمهورية شفاف ودولة رئيس قانوني على رأس حكومة قوية بثقة المواطن بها؛ وعليه – يضيف اصحاب الرأي الثاني – فإنه يجب إعطاء أولوية لانتخاب رئيس جديد ولتشكيل حكومة أصيلة حتى يمكن المباشرة بفتح تحقيق الدولي بخصوص الفساد المالي والاداري في لبنان..
..ولكن السؤال اليوم هو هل عقوبات الخزانة الأميركية على الأخوين رحمة هي إشارة إلى أن واشنطن قد تكون اقتربت من إعطاء أولوية لبدء المحاسبة عن الفساد في لبنان على حساب انتخابات رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة أم ان دلالات عقوبات أمس تؤشر إلى أن المطلوب دولياً فخامة رئيس شفاف ودولة رئيس قانوني وحكومة اصلاحات اقتصادية تتفق على خارطة طريق مع البنك الدولي..
تجدر الإشارة الى أن العالم دخل منذ يوم أمس في مشهد عالمي وجهت من خلاله إدارة بايدن رسالة تقول لا قوة فوق قوة القضاء والقانون حتى لو كانت هذه القوة هي ترامب المؤيد من نصف الأميركيين.