خاص الهديل:
https://www.mea.com.lb/english/plan-and-book/special-offers
ثلاثة أحداث حصلت خلال الساعات ال٧٢ الأخيرة توضح عملية الترابط بين ما حدث ويحدث في الصين لجهة الاتفاق السعودي الإيراني وخارطة انعكاسات هذا الترابط على المنطقة:
الحدث الأول هو وصول الوفد السعودي العماني إلى صنعاء للاتفاق على خارطة طريق لإنهاء الحرب في اليمن..
الحدث الثاني هو وصول وفد سعودي الى إيران لترتيب عملية فتح سفارة سعودية في طهران وقنصلية سعودية في مشهد.
الحدث الثالث لا يزال بحاجة لتأكيد ويتصل بوصول مدير الاستخبارات الأميركية إلى الرياض ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حيث أبدى عدم رضاه عن دور الصين في الاتفاق السعودي الإيراني.
هذه الأحداث الثلاثة تؤشر الى أربع معادلات ما عاد يمكن للمراقب إلا أن يأخذها بالحسبان حينما ينظر لما يحدث أو سيحدث بالمنطقة:
المعادلة الأولى تفيد بأن الاتفاق الإيراني السعودي اجتاز فترة التجربة التي وضعت له وبلغت ثلاثة أشهر بنجاح، بدليل بدأ ترتيبات فتح السفارة والقنصلية السعودية في إيران.
والواقع ان “فترة الاختبار” التي هناك من سماها فترة “الخطوبة” بين الرياض وطهران، كانت طلبتها السعودية وليس إيران، كون الأولى هي التي لديها هواجس داخل علاقاتها بإيران، ما يعني أنه كان على طهران تقديم البراهين العملية لتبديد هواجس الرياض..
ويبدو من المؤشرات العملية الواضحة الجارية خلال الأيام الأخيرة، أن إيران قدمت للرياض بأقل من ثلاثة أشهر براهين حسن نيتها؛ ما استدعى تعجيل حراك المضي قدماً بتطبيق بنود اتفاق لقاء الصين الأول الذي كان مفاده تبادل السفارات والتمثيل الدبلوماسي بين البلدين وأيضاً والتزامن وضع خطة الحل في اليمن على سكة التطبيق..
وعلى هذا صار يمكن الآن القول أن لقاء وزيري خارجية إيران والسعودية الأول في الصين، كان هدفه توقيع الاتفاق بينهما بالأحرف الأولى، وتحديد فترة اختبار نوايا مدتها ثلاثة أشهر يتضح عملياً خلالها ما إذا كان يمكن المضي قدماً في تطبيق وتطوير اتفاق البلدين من عدمه..
أما لقاء الصين الثاني بين وزيري خارجية البلدين الذي حصل قبل أيام، كان هدفه إعلان نجاح فترة الاختبار بين السعودية وايران، والبدء بتنفيذ بنود الاتفاق الأول الذي في مقدمها تبادل السفارات والتمثيل الدبلوماسي الكامل بين إيران والسعودية.
وقصارى القول هنا أن إيران والسعودية يقفان في هذه اللحظة عند محطة مرحلة ما بعد نجاح فترة الاختبار وتجاوز الهواجس.
المعادلة الثانية تتصل بإتضاح حقيقة ان مفاعيل بنود الاتفاق السعودي الإيراني، تلحظ بشكل لا لبس فيه تزامن خطوتي بدء الإجراءات العملية لتبادل فتح السفارات بين البلدين، مع بدء الإجراءات العملية للتفاوض على خطة عمل لإنهاء الحرب في اليمن.
ومن هنا كان واضحاً الترابط الزمني بين وصول الوفد السعودي إلى إيران لترتيب فتح السفارة والقنصلية السعوديتين في طهران ومشهد وصول الوفد السعودي العماني إلى صنعاء للبدء بمفاوضات إرساء السلام في اليمن؛ علماً أن مصادر بينها الحوثي وصف زيارة الوفد العماني السعودي إلى صنعاء، بأن هدفها ليس وضع خارطة طريق للحل في اليمن، بل تنفيذ خارطة إرساء السلام في اليمن؛ ما يعني أن خطة السلام اليمنية متفق عليها ضمن عملية التفاوض الطويلة التي جرت بين إيران والسعودية؛ وكل ما سيجري في الفترة المنظورة المقبلة هو تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع.
وخلاصة القول في هذه الجزئية أن المنطقة تقف في هذه اللحظة داخل مرحلة ما بعد الحرب اليمنية وتأثيراتها السلبية على استقرار وأمن المنطقة على أكثر من صعيد.
المعادلة الثالثة التي تتضح في هذه اللحظة بعد اللقاء الثاني السعودي الإيراني في بكين، هو أن دور الصين في هذا الاتفاق، لا يقتصر فقط على تقديم الضيافة للبلدين الأكثر أهمية في المنطقة (إيران والسعودية)، بل يشمل مواكبة تنفيذ ما يتفقان عليه في الصين خطوة بعد خطوة وتقديم ضمانة الصين لكل خطوة.
..وهذا يعني ضمن معادلات ما بعد نجاح اتفاق السعودية إيران، أن الصين أصبحت جزءاً من معادلات نتائج الاتفاق السعودي الإيراني، وليست فقط جزءاً من العوامل التي أسهمت بنجاح هذا الاتفاق..
والواقع أن هذه النتيجة الاستراتيجية لدور الصين في المنطقة بعد نجاح “فترة خطوبة” السعودية وإيران وبعد عقد اللقاء السعودي الإيراني الثاني في الصين، هو الذي دفع مدير الاستخبارات الأميركية لزيارة الرياض على نحو سري وإبلاغ الأمير محمد بن سلمان بانزعاج واشنطن من دور الصين بانجاز التوافق بين طهران والرياض وشمول ذلك حل مسألة اليمن، بل من حصة الصين في المنطقة الناتجة عن أنها شريك في ثمار نتائج الاتفاق الايراني السعودي في الشرق الأوسط..
وفيما لو تأكد خبر زيارة مدير الاستخبارات الأميركية إلى الرياض، فإن هذا سيؤسس للمعادلة الرابعة في المنطقة، ومفادها أنه بمقابل المعادلات الثلاثة الأولى ستضع واشنطن فيتو على الجزء الصيني من نتائج اتفاق إيران السعودية؛ وهذا سيقود إلى اشتباكات سياسية ربما يكون لها تعبيراتها العسكرية في المنطقة.