رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى أن الدستور لا يُؤخَذ بالاعتبار، ولا الاستحقاقات تُحترَم، ولا الخطاب السياسيُ يُطمئنُ المواطنين؛ المقيمين والمغتربين، لِما فيه من استخفاف ومكابرة وتحدٍّ وتهديد، ولا أموالُ الناس وأرزاقُهم بمأمنٍ من السرقة والخَسارة، حتى أصبحنا في وضعٍ غيرِ طبيعيٍّ: دولةً بِلا رئيس، وبرلماناً غيرَ متكاسِكٍ، وحكومةً مكبَّلة، ومواقعَ حسَّاسةً شاغرةً في العديد من الادارات ممَّا يُشكِّلُ خللاً ميثاقيَّاًوإداريّاً، وقضاءً متَّهماً بالانحياز والولاء السياسي، وبعضُ القادةِ علجزون أو مغلوبٌ على أمرِهم.
كلام سماحة الشيخ ابي المنى جاء خلال خطبة عيد الفطر المبارك بعد أداء صلاة العيد في مقام الامير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي في عبيه، بمشاركة عدد كبير من المشايخ والفاعليات الروحية والاجتماعية وقضاة من المذهب ومديرين ورؤساء لجان واعضاء ومستشارين في المجلس المذهبي ومشيخة العقل.
وقال أب المنى:” رجاؤُنا الصادق المنطلق من بركة العيد ورسالةِ التوحيد أن تنتصرَ الدعواتُ المناديةُ بالمحبة والرحمة والسلام، بدلاً من انتصارِ منطق التحدّي والقوّة والاستكبار، وأنتتكلّلَ بالنجاح مساعي التلاقي والتقارب التي تلوحُ في أفق المِنطقة، فتُعادُ الحقوقُ إلى أهلِها، ويعودُ اللاجئون والنازحون إلى أوطانهم آمنينَ مكرَّمين، وترتفعُ عن كاهل لبنانِنا الحبيب أثقالُ العُدوانِ من هنا والنزوح من هناك وتنكفئُ التدخلاتُ السلبيةُ من هنا وهناك، وتزولُ الأسبابُ والذرائعُ من أمام المسؤولينَ المخلصين وتُغلَقُ الأبوابُ في وجه العابثينَ بالوطن وأمنه وأمانه وٱقتصاده وكيانه وعيشِ أبنائه، وتلتقي الاراداتُ الصادقةُ للإصلاح والإنقاذ، بتغليب مصلحةِ الشعب والوطن على أهواءِ الجماعات وأحلام المقامرين وأطماعِالمستهترين بألم العِباد ووجع البلاد”.
وتابلع:”كلَّ لبنانيٍّ مخلصٍ يتساءلُ متحسّراً: ألم يحُنِ الوقتُ لاستفاقة الضمائر؟ ألم يُدركِ المتمسِّكون بمواقفِهم وأطماعِهم وأنانياتِهم أنّ البلادَ أصبحت على حافةِ اليأس والانهيار، بل في هاوية الضَّياع والفشل؟ وأنَّ الناسَ على مشارفِ ثورةٍ شاملةٍ مُحقَّةٍ، إذ لم يعُد هناك من قدرةٍ على احتمال التدهور الاقتصادي والمالي، ولم يبقَ لدى الناس من أملٍ بحكّامِهم ودولتِهم، فلا الدستورُ يُؤخَذُ بعين الاعتبار، ولا الاستحقاقاتُ تُحترَم، ولا الخطابُ السياسيُّ يُطمئنُ المواطنينَ؛ المقيمينَ والمغتربين، لِما فيه من استخفافٍ ومكابرةٍ وتحدٍّ وتهديد، ولا أموالُ الناس وأرزاقُهم بمأمنٍ من السرقة والخَسارة، حتى أصبحنا في وضعٍ غيرِ طبيعيٍّ: دولةً بِلا رئيس، وبرلماناً غيرَ متكاسِكٍ، وحكومةً مكبَّلة، وادارات حسَّاسةً شاغرةً في العديد من المواقع ممَّا يُشكِّلُ خللاً ميثاقيَّاً واداريا، وقضاءً متَّهماً بالانحياز والولاء السياسي، وبعضُ القادةِ عاجزون أو مغلوبٌ على أمرِهم، وبعضُهم يتصرَّفون بترَفٍ وكأنَّ البلدَ في نعيم، أو كأنَّ لا قضيَّةَ للدول وللعالم إلَّا قضيتَنا، ولا همَّ عند المجتمع الدولي إلَّا أن يُسرِعَ لاهثاً لمساعدةِ لبنانَ وإنقاذه، بينما يتلهّى كبارُ القومِ بإذلال صغارِه، ويعتادُ شعبُه ومؤسساتُه للأسف على “صناديق الإعاشة”، وعلى دعم الأصدقاء والأشقّاء والمنظّمات العالمية والدول ذاتِ المصالح”.
وعبّر عن تقديرِه لبعض المبادرات من بعض المسؤولين لمعالجة بعض القضايا في خضمِّ هذا الواقع المرير، أكان في هذه الوزارة أو في تلك الإدارة، وفي هذه الجهةِ السياسيةِ أو تلك، إلَّا أنَّها تبقى عاجزةً عن تحقيق الإصلاح المنشود والشِفاء الموعود، ولكنَّها تُبقي جُذوةَ الأمل متّقدة، فلا يتمكّنُ اليأسُ من أهلِنا، ولا نَفقِدُ الثقةَ بأنفسِنا، ولا يغيبُ عن بالِنا أننا قادرون على النهوض متى أردنا، وأنّ لدينا من المقوِّمات الفرديّة والجماعيّة ومن الطاقات والكفاءات ومن التراث والقيَم والإيمان ما يكفي لاتّخاذ المبادرة واستعادة الدور وتصويب المواجهة.
وشدد شيخ العقل على أن العلاجَ يبدأ من الداخل قبل الاستعانة بالخارج، والإصلاحَ يُبنى على أُسسٍ ومبادئَ ثابتة، لا على رمالِ السياسة المتحرِّكة، وأوَّلُ تلك الأُسسِ تعزيزُ الإيمان في القلوب والعقول، وترسيخُ القيَم والفضائل في النفوس والعائلات، واحترامُ الشراكة الاجتماعية والوطنية، والحفاظُ على مقوِّمات العيش الآمن المشترَك، واحترامُ الدستورِ، وصونُ الحريات العامّةِ والخاصّة، واحترامُ الصيغة اللبنانيةِ القائمة على التنوّع في الوحدة وعلى المواطَنةِ الحاضنةِ لهذا التنوُّع.