خاص الهديل:
هناك كلمة سر في جولة سفير المملكة السعودية وليد البخاري الأخيرة على المراجع اللبنانية، قوامها عبارتان اثنتان: الأولى أن السعودية تدعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون بخصوص الاستحقاق الرئاسي..
العبارة الثانية تقول أن السعودية لن تدعم أي مرشح، ولن تطلب من أي طرف دعم أي مرشح.
هذا الكلام السعودي معطوفاً على كلام وزير خارجية إيران اللهيان؛ يقود إلى تصور حصول عملية انتخاب لفخامة الرئيس العتيد ضمن تطبيقات السيناريو التالي:
– لا فيتو سعودي على سليمان فرنجية.. وبالمقابل ليس لدى السعودية مرشح آخر للرئاسة.
– السعودية كما قال البخاري لن تقوم بأي خطوة تتسبب باستمرار الفراغ الرئاسي؛ بل هي مع تعجيل إجراء هذا الاستحقاق، ومرة أخرى ليس لديها مرشح، ولا فيتو على أي مرشح..
– ضمن هذه المعطيات الإقليمية يصبح المشهد الرئاسي مفتوحاً إقليمياً، على حصول سيناريو يتم بموحبه دعوة مجلس النواب للانعقاد لانتخاب فخامة الرئيس تحت عنوان إقليمي مفاده ضرورة “تأمين النصاب لانتخاب رئيس جمهورية جديد” بغض النظر عن إسم الرئيس المنتخب؛ وتحت عنوان محلي مفاده أن “يتنافس أكثر من مرشح على حصد ٦٥ صوتاً للفوز بالرئاسة”.. ومثل هذا السيناريو يخدم موضوعياً بشكل أساسي فرص سليمان فرنجية.
– والواقع أن سيناريو انتخاب الرئيس كما هو وارد أعلاه، وبحسب الظروف الإقليمية الجديدة التي تبلورت خلال الأسبوعين الأخيرين، سواء عبر مواقف اللهيان في بيروت، أو مواقف البخاري بعد عودته من السعودية، تؤشر جميعها إلى أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ستحصل بعد عقد القمة العربية، أي خلال شهر حزيران المقبل..
والسبب الرئيس الذي سيجعل الأحزاب اللبنانية تنزل عن شجرة الإصرار على “منع النصاب” في البرلمان، لضمان عدم وصول مرشح الطرف الثاني للرئاسة، هو قناعتها بأن استمرار الفراغ مهما كانت أسبابه، لم يعد مقبولاً لا دولياً ولا إقليمياً، وبالتالي أصبح بالنسبة للإقليميين، حصول الانتخابات الرئاسية أهم من نتيجة الانتخابات الرئاسية. وهذا الأمر يعني أن هناك معادلة جديدة ولدت.. والأسباب التي قادت إلى ولادتها هو وجود قناعة بأنه في ظل التقارب الإيراني السعودي، لم يعد مهماً للرياض اسم فخامة الرئيس، بل المهم وجود فخامة رئيس؛ كما أنه لم يعد من مصلحة لا طهران ولا حارة حريك ولا حتى دمشق في ظل التفاهات الجديدة مع الرياض، أن تنسحب السعودية من حصتها الهامة في إدارة الملف الاقتصادي اللبناني؛ وعليه فإن تسوية فخامة الرئيس سواء كانت بفرنجية أو بغير فرنجية؛ فهي ستضمن للرياض احترام الحصة السعودية في القرار اللبناني، وذلك من قبل كل الجهات الداخلية وكل الجهات الإقليمية..
.. باختصار تغيرت اللعبة.. وتغيرت المعادلات الإقليمية.. وبنتيجة كل هذه المتغيرات لم يعد لبنان “ساحة اشتباك إقليمي”، بل أصبح ساحة “تعاون اقليمي” بأحسن الأحوال، وبأسوأ الأحوال أصبح “ساحة عدم اهتمام إقليمي” بأحواله؛ ولكن بالحالتين فإن زمن الإشتباك الإقليمي فوق ساحة لبنان، وبخاصة الاشتباك السعودي الإيراني أو السني – الشيعي، انتهى؛ وبذلك أصبح انتخاب فخامة الرئيس وإنهاء الشغور الرئاسي، أهم للإقليميين من اسم فخامة الرئيس المنتخب؛ وأصبح انهاء الشغور الرئاسي أهم للإقليميين من هوية الرئيس المنتخب، لأنه في زمن الانسجام الاقليمي فإن “غيمة فخامة الرئيس الجديد”، أينما ذهبت، ستصب فوق ورود التفاهمات والتسويات الإقليمية الكبرى الحاصلة على مستوى كل المنطقة، وبمقدمها الاتفاق السعودي الايراني ومصالحة دمشق – الرياض ..