*بقلم الشيخ مظهر الحموي*
إمتلكتني الحيرة وترددت بأن أكتب عما تتعرض له غزة الجريحة مع إعتقادي بعدم جدوى الكلمة ، وكم كتبت في الماضي ومزقت شراييني وبحت حنجرتي من بيانات الشجب والإدانة والإستنكار ، ولكني ما وجدت إلا كما قال الشاعر :
لقد أسمعت لو ناديت حيًّا
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رماد.
وقررت أخيرا أن أكتب مع الأحداث المؤلمة ولو في آخر لحظة ، مع الإعتذار من أهلنا في غزة الصامدة والمحاصرة والذبيحة .
ياللعار عشرات الشهداء ومئات الجرحى بعضهم في حالة حرجة وخطرة نتيجة عدوان الغارات اليهودية الحاقدة على الأبرياء والآمنين والأطفال والنساء والعجائز تلتها العديد من المجازر التي لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل .
مشاهد يندى لها الجبين وتصفع صمت العرب والمسلمين ، وسكوت المنظمات الدولية عن هذه المجازر ..
من بين الانقاض ومن تل الركام ومن بعثرة الأشلاء وصوران الدماء ومحتضرون ينطقون بالشهادتين ومستشفيات ضاقت بالجثث وأطباء عاجزون عن هذا الكم من إنجاز عمليات جراحية لعدم توافر كل التجهيزات الطبية ..
صور مأساوية لا تكاد تصدق، دمار وركام أبنية وجرحى وحرائق ومصابون وسيارات إسعاف عاجزة ..
ومشاهد أكثر مأساوية لشعوب عربية ومسلمة ليس أمامها سوى التظاهر والتنديد والإستنكار وإحراق العلمين الإسرائيلي والأميركي ، وهم يتحرقون شوقا الى الوقوف ميدانيا مع أهلنا في غزة..
تصاريح سياسية وبيانات تشجب وإجتماعات لا نرى جدوى من مقرراتها إذا لم تبادر الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية وتطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب الى طرد السفراء ، على الأقل ، وفتح المعابر وتهديد العدو بأن يكف عن عدوانه ، وإيقاف مسخرة ومهزلة التطبيع وما تسمى مفاوضات التي ليست هي إلا ثرثرة ..
واغزتاه ، تناديكم الى وقفة عز تسطر ولو مرة واحدة كلمة شرف في سجل الخنوع والتطبيع والمهاونة.
واعرباه ، الذين يعانون الندم وصراع الضمير لقعودهم مرغمين على نصرة إخوانهم في غزة الذبيحة.
واإسلاماه ، يتلهفون من أنحاء العالم الإسلامي للذود عن دينهم وعن أرض الإسراء والمعراج وعن غزة هاشم ولكنهم يأسفون لعجزهم عن أداء الواجب .
وماذا ينفع هذا الصراخ ، وماذا يجدي هذا الأسف وقد ملت غزة تلكم العواطف المكبوتة والأيادي المغلولة ، وهي تحتاج منا الى أكثر من تعاطف ، وأكبر من تنديد ، وأهم من تصريح ، وأبلغ من تظاهرة..
غزة المستباخة علامة سوداء فارقة في تاريخ أمتنا ، وما أكثر هذه العلامات منذ أن أغتصبت فلسطين واعتدى شذاذ الآفاق على شعبنا والأماكن المقدسة كان آخرها ما شاهدناه مؤخرا في حرم المسجد الأقصى في رمضان الماضي فيما إكتفى أولو الأمر بالإستنكار.. وعلماؤنا بأضعف الإيمان : الدعاء.
صبرا أهل غزة ، وصابروا ورابطوا ولن تدوم حال الجبروت اليهودي ، والصمت العربي ، والتآمر الدولي ، والعجز الشعبي ،حفظكم الله ورعاكم ، وأيدكم بنصره فأنتم ما تبقى لنا من كرامة وعزة وشهامة ، ولن يفلح هذا العدو في مجازره ، ولا تلومونا إن قصرنا عن دعمكم فليس باليد حيلة، ( والحكاية تعرفونها) ولكن تأكدوا أنه لن تدوم هذه الحال لأن الله سبحانه وتعالى وعدنا بقوله فقال { .. وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَالَكُم }