حاص الهديل:
هناك رهان في لبنان بأن لحظة حصول مقايضة بين باريس والرياض بشأن الملف اللبناني، والتي انتظرها ماكرون طويلاً، قد حان وقتها الآن خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى باريس.
..أما لماذا يعتبر البعض في لبنان وفرنسا أن الوقت أصبح مناسباً الآن، كي تصبح السعودية أكثر ميلاً للتفاهم مع باريس بشأن إنجاز تحرك مشترك لحل الملف اللبناني، فيعود للأسباب التالية:
أولاً- تقدم باريس لولي العهد محمد بن سلمان في هذه اللحظة هدية ثمينة بخصوص ترشيح السعودية لاستضافة معرض إكسبو. وبالمقابل فإن بن سلمان قد يرد على هدية ماكرون له بهدية يقدمها للأخير تتعلق بالتحرك معاً لإنهاء ملف الشغور الرئاسي في لبنان وهو أمر يهم ماكرون من عدة جوانب..
ثانياً- إن مرافقة فريق عمله الخاص بلبنان بزيارته لباريس، إنما يؤشر إلى أن الأمير محمد بن سلمان قد يخصص حيزاً من زيارته الطويلة لفرنسا (٧ أيام) لبحث تفاصيل تخص كيفية إنهاء ملف الشغور الرئاسي في لبنان بالتشارك بين الاليزية والرياض.
ثالثاً- يلاحظ أن بيان الاليزية عن زيارة الأمير بن سلمان إلى لبنان ذكر أن الأزمة اللبنانية ستكون من المواضيع التي سيتم بحثها، إضافة لموضوع أوكرانيا والطاقة والدفاع والعراق..
..واضح أن زيارة بن سلمان لباريس وفقاً لبيان الاليزية تتضمن جدول أعمال كبير وصعب ومركب.. فرهان باريس على دور الرياض بوقف الحرب الاوكرانية التي بات يمكن اعتبارها – انطلاقاً من مقاييس الجهة الأكثر تضرراً منها – بمثابة حرب عالمية تجري في كل اوروبا، وتدمر كل اقتصاديات أوروبا. وعليه فإن حث ماكرون لبن سلمان كي يطلق وساطة، أو يشترك في الوساطة الصينية، للضغط على روسيا لتقديم تنازلات تسمح لأوكرانيا بخفض سقف مطالبها من هجومها المضاد، سيكون أولوية للاليزية.. كما أن اهتمام ماكرون بإيجاد أسواق خليجية للسلاح الفرنسي يشكل أيضاً أولوية للاقتصاد الفرنسي المتعب في هذه المرحلة.. كما يوجد لباريس تطلعات اقتصادية كبيرة في العراق، ويمكن لفرنسا إنشاء شراكة استثمارات مع السعودية في العراق.. وضمن هذه اللائحة يبدو لبنان ملفاً صغيراً حتى لماكرون الباحث لأسباب عديدة عن تحقيق ربح في بلد الأرز.
ومع ذلك قد يتجاوب الأمير محمد بن سلمان مع أسباب ماكرون اللبنانية، ولكن لن يكون ذلك من دون وضع شروط سعودية قد لا يتحملها الواقع السياسي اللبناني الذي لا يزال غير ناضج لحل يعيد بناء الدولة المنهارة..
وفي حال تلقى ماكرون وعداً من ولي العهد السعودي بالتشارك معاً في حل الأزمة اللبنانية، فإن ذلك ستتم ترجمته بوصول الموفد الفرنسي الجديد إلى بيروت، وبنفس الوقت بوصول نزار العلولا (الذي من ضمن مهامه انه مستشار الديوان الملكي للشأن اللبناني) إلى بيروت.
وفي حال تزامن موعد زيارة الموفد الفرنسي الجديد مع المستشار السعودي المخضرم (العلولا) للبنان؛ فإن هذا سيعني أن كلاً من باريس والرياض دخلتا في شراكة هدفها إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، وذلك كخطوة أولى تتحقق من خلال تفاهم على “رئيس تسوية للجمهورية” وعلى “رئيس حكومة فاعل” للبدء بالاصلاحات وتنفيذها..