خاص الهديل:
لا توجد أمام لودريان الكثير من هوامش الحركة؛ فهو كالموفد الفرنسي الذي سبقه سيبدأ جولته تحت عنوان أنها مخصصة للاستماع للكتل والأحزاب اللبنانية؛ وفي حال وجد خلال اجتماعاته الاستماعية ثغرات ممكن أن ينفد منها لطرح مبادرة فإنه سيفعل، وإلا فإنه سيغادر لبلده معلناً أنه سيعود بعد جوجلة الآراء التي سمعها من اللبنانيين.
والواقع أن مصطلح “زيارة للاستماع” الذي تستعمله الوفود التي تأتي للبلد لمعاينة أزمة الشغور الرئاسي، هو محاولة تريد هذه الوفود من خلال استخدامه، تجنب وضع أهداف عالية لزياراتها، وتبرير عدم تحقيقها أية نتائج عملية بالقول أنها جاءت إلى لبنان للاستماع وليس للتوسط وإبرام الحلول.
وبات واضحاً على الأقل أن زيارة لودريان ستتكون من ثلاثة مسارات:
مسار علني هو عبارة عن لقاءات استماع لممثلي الكتل النيابية.
مسار خاص ويتمثل بلقاء عميق يجري بين لودريان وحزب الله.
ومن المعروف بخصوص هذه النقطة، أن الاتصال الفرنسي مع حزب الله متواصل منذ سنوات طويلة، ويحدث بشكل دوري من خلال مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله مع السفارة الفرنسية في بيروت؛ ولكن تعيين لودريان كموفد لماكرون إلى لبنان، يشكل من وجهة نظر فرنسية تطور على مستوى نوعية التمثيل السياسي الذي تعتمده فرنسا في هذه المرحلة في لبنان؛ فلودريان هو سياسي ارتبط اسمه بالنجاحات الخارجية حينما تولى مناصب سابقة، وبالأخص حينما شغل منصب وزير الدفاع، وحقق حينها فتوحات واسعة لتجارة الأسلحة الفرنسية في السوق الخليجي. وعليه فإن كلاً من باريس وحارة حريك معنيتان بإيجاد فرصة لتطوير العلاقة بينهما بمناسبة وجود لودريان على رأس الملف الفرنسي الخاص في لبنان.
والواقع أن هناك في باريس انتظار لما يمكن أن يحققه لودريان من نجاحات بخصوص أزمة الشغور الرئاسي وبخصوص العلاقة مع حزب الله..
..وأيضاً هناك في حارة حريك نوع من الاهتمام بالتعرف على لودريان لمعرفة ما إذا كانت على عهده ستتغير مواقف باريس الإيجابية من ترشيح فرنجية؛ ولمعرفة ما إذا كانت مواهبه الشخصية قادرة على تحقيق اختراقات في الملفات الموصدة بفعل أن التوازنات والمعادلات السياسية تتحكم بها.
..أيضاً هناك في ميرنا الشالوحي انتظار قلق لزيارة لودريان؛ فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أعلن أمس؛ أي قبل ٢٤ ساعة من وصول لودريان إلى بيروت، أن الرئيس السوري بشار الأسد هو حليف التيار العوني، وحليف المسيحيين اللبنانيين في قضية المسيحية المشرقية.. والواقع أن هذا التصريح لا يجد في الاليزية، ولا عند لودريان، ولا حتى عند حزب الله، صدى إيجابياً..
لماذا؟؟
أولاً لكون فرنسا- ماكرون لا تزال من أكثر الدول الرافضة لتطبيع العلاقة مع النظام السوري؛ ولذلك فهي لن تستسيغ كلام باسيل الذي يتحدث ليس فقط عن علاقة مع الرئيس الأسد بفعل حاجة لبنان الجيوسياسية لهذه العلاقة؛ بل يتحدث عن تحالف استراتيجي معه قوامه التشارك في نظرتيهما لقضية المشرقية المسيحية. وهنا تبرز نقطة خلاف حادة بين باريس التي تعتبر نفسها هي المرجعية التاريخية لمسيحيي لبنان، وبين باسيل الذي يجد أن نظام الرئيس بشار الأسد هو شريك مسيحيي المشرق ولبنان..
..وعليه يمكن القول أن مزاج لودريان خلال زيارته لبيروت سيكون منفتحاً على استكشاف نقاط إضافية للقاء مع حزب الله؛ فيما سيكون مزاجه غير صاف خلال لقائه بباسيل الذي تقصّد قبل ساعات من وصول لودريان على الإيحاء بأنه يتجه لاستبدال تحالفه مع السيد حسن نصر الله بالتحالف مع الرئيس بشار الأسد، ويتجه أيضاً لاستبدال علاقة مسيحيي لبنان بباريس، بالعلاقة مع قصر المهاجرين.
المسار الثالث في زيارة لودريان لن تكون وقائعه معلنة، ولكنه سيبحث خلاله في لقاءاته مع حزب الله والرئيس نبيه بري والجانب المسيحي البحث عن “خطة ب” خارج المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور..
..ويقال في هذا المجال أن الإسم الذي يضمره لودريان هو زياد بارود؛ الذي في حال وافق الحزب وأمل على ترك ترشيح فرنجية، فإنه لا يبقى أمام ترشيحه إلا اعتراضاً واحداً، وهو معارضة سمير جعجع، علماً أن المعلومات تقول أن هذه العقبة يمكن حلها، كون ملاحظات معراب على بارود ليست من النوع المستعصي على الحل.