خاص الهديل:
بعد تصريح السيد هاشم صفي الدين عن اتفاق الطائف، جاء أمس كلام الرئيس نبيه بري مع نقابة المحررين ليضيف بُعداً آخر للموقف الشيعي العام من اتفاق الطائف.
لقد قال بري أنه ضد تغيير الطائف ونصح من يريد ذلك بأن يترك هذا الأمر “ويقعد أحسنلو”..
أما صفي الدين فقال أن حزب الله لن يدعو لتغيير الطائف وفي حال طرح هذا الموضوع فإن الحزب آخر طرف سيشارك في هذا النقاش.
..لكن بري لم يشارك صفي الدين الرأي بأنه سيكتفي بأن يكون آخر طرف سياسي يشارك بنقاش تغيير الطائف، بل أعلن أن من يريد تغيير النظام [الطائف] إنما يضع البلد في مهب مخاطر لا تحمد عقباها.
ورأى بري أن الحل هو بتطبيق كل بنود الطائف وخاصة الإصلاحية منها لا سيما اللامركزية الإدارية وقانون للانتخابات خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس للشيوخ.
ويطرح كلام الرئيس بري عن الطائف الذي جاء بعد أيام قليلة من كلام السيد هاشم صفي الدين عن نفس الموضوع (أي الطائف)، سؤالاً لا توجد عليه ضمن الظرف الحالي إجابة واضحة أو قاطعة.. والسؤال هو: هل كلام بري عن الطائف يكمل معنى كلام صفي الدين، أم أن كلامه يوضح أن موقف حركة أمل مؤيد بوضوح للطائف؛ بمقابل موقف صفي الدين الذي أجاب “بنعم” على سؤال ما إذا كان الحزب مع أو ضد تغيير الطائف؛ حيث أن صفي الدين أوضح أن الحزب لن يدعو إلى تغيير الطائف، ولن يبادر لقول رأيه بهذا الموضوع إلا بعد أن يقول الجميع رأيهم فيه!!. ولكن الأهم هنا في كلام صفي الدين أنه لم يقل ما هو مضمون الرأي الذي سيقوله الحزب بعد أن يقول الجميع رأيهم بموضوع تغيير الطائف أو عدم تغييره؛ أما الرئيس بري فقد قال منذ الآن، وبوضوح تام أنه مع الطائف، وأنه مع استكمال تنفيذه، وحذر من يريد تغييره بالقول “اقعد أحسنلك”.
والواقع أنه يمكن للمراقب أن يسمع نوعين من الكلام داخل حزب الله عن الموقف من الطائف؛ هناك كلام يقول به الحزبيون الرسميون ومفاده أن الحزب مع اتفاق الطائف؛ وهناك كلام تقول به أجواء تنتمي للقيادات الوسطى في الحزب، ويعتبر كلامها غير رسمي، وهؤلاء يعتقدون أن الطائف لم يعد صالحاً كنظام للحكم في البلد.. ويضيف هؤلاء أن الدولة آخذة في الانحلال، وبالنهاية سيهبط الهيكل الفاسد لمصلحة أن يتم بناء هيكل جديد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مضمون كلام الأجواء الوسطية داخل حزب الله عن الطائف، يُعبر بصدق أكثر عن حقيقة موقف الحزب، من كلام جماعة الصف الأول في الحزب، الذين يأخذون بالاعتبار أثناء حديثهم عن موضوع الطائف “مروحة حسابات” تتعلق بالعلاقة مع الطائفة السنية، وبأهمية التوقيت الذي يجب أن يطرح فيه الحزب موقفه من التسوية الداخلية ومن النظام السياسي في لبنان.
ويظهر بوضوح أن كلام صفي الدين الأخير عن الطائف، أراد تأجيل البحث في هذا الموضوع؛ أو بكلام أدق أراد ترك أمر توقيت متى يجب نقاش مستقبل الطائف بيد الحزب، حيث أن الأخير لن يساير روزنامة أي طرف في توقيت طرح هذا الموضوع لا سلباً ولا إيجاباً.
وبكل الأحوال فإنه في هذا التوقيت المبكر بحسب نظرة الحزب لمتى يجب نقاش مستقبل الطائف، يمكن الإشارة إلى أمرين اثنين تفصح عنهما أجواء واسعة داخل الحزب:
الأمر الأول هو أن الطائف تم إبرامه في وقت كان فيه لبنان يعيش معادلات داخلية وخارجية مختلفة تماماً عن المعادلات الداخلية والخارجية التي استجدت منذ إبرام الطائف حتى الآن.. وأبرز هذه المستجدات الجوهرية هو الصعود الديموغرافي والسياسي والاقتصادي للطائفة الشيعية.. وبهذا المعنى فإن الطائف أصبح قميصاً ضيقاً على الحجم الشيعي في لبنان، والمطلوب إجراء تعديلات عليه تصحح قابليته لتصحيح نقص عدم احتوائه للحيويات الشيعية الجديدة.
الأمر الثاني الذي يتم التداول به داخل بيئات حزب الله الداخلية هو أن الشيعة في لبنان يواجهون أزمة عدم قدرة حزبهم الرئيس (أي حزب الله) على تسييل نجاحاته العسكرية والاقليمية داخل النظام السياسي اللبناني، وذلك على شكل انتزاع مكاسب للحصة الشيعية من كعكة الدولة.. وبالعمق تشعر قيادة حزب الله أن جمهورها لا يزال يعتبر أن الحزب لم يحقق للشيعة الذين ضحوا معه في المقاومة وفي حروبه الخارجية، مكاسب مستديمة وليست ظرفية داخل النظام السياسي اللبناني؛ وأكثر ما يرتفع صوت هذا النوع من الشكاوي خلال الانتخابات النيابية وخاصة في البقاع، حيث يصبح لسان حال الناس الشيعة غير الحزبيين، هو أن الحزب نجح بالمقاومة، ولكنه فشل في معركة تنمية مناطق جماهير المقاومة؛ وعليه دعوا الناس تشكل لوائحها النيابية، ودعوها تنتخب نواباً يهتمون بالتنمية وليتفرغ الحزب للمقاومة!!.