خلال 10 أيَّام.. هذا ما سيجري في عين الحلوة
خلال لقائه يوم أمس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المُتحدة في نيويورك، كان الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس واضحاً في موقفه بشأن أحداث مُخيم عين الحلوة حينما أكّد حرصه على تحقيق التهدئة هناك، ومعالجة الأمور وفق القانون اللبناني وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية.
“الكلامُ الحاسم” من عباس يُشير إلى أنَّ ما تقرِّرهُ الدولة في لبنان بشأن أحداث المُخيم سيكونُ سارياً على الجميع، وبالتالي فإنَّ أيَّ خطواتٍ سيجري اتخاذها على صعيد مركز القرار في الدولة، سيتوجّبُ على كافة الفصائل الفلسطينيّة داخل عين الحلوة الإلتزام بها. وعليه، يمكن القول إنَّ مسار المعالجة بات محكوماً بحلّ تريده الدولة سريعاً ولكن بعيداً عن التوتر، من دون أن ينسى أي طرفٍ وجود مُسلحين “خارجين عن القانون” داخل المُخيم، نفذوا إغتيالاتٍ وجرائم تركت ندوباً في المجتمعين اللبناني والفلسطيني، بحسب ما تقولُ مصادر فلسطينية لـ”لبنان24″.
الوقتُ بدأ ينفد
حالياً، تطغى الإيجابيةُ على الإتصالات المُتواصلة للحفاظ على التهدئة في المُخيم منذ الخميس الماضي، ووسط ذلك تتحدّثُ “حركة فتح” عن أنَّ المُهلة لإنهاء ملف تسليم المطلوبين بجريمة إغتيال القيادي في الحركة أبو أشرف العرموشي باتت ضيقة ويجب إنجاز ما يجب إنجازهُ قبل نهاية شهر أيلول الجاري، أي في غضون 10 أيام. هنا، فإنّ مضمون هذا الكلام جاءَ على لسانِ المُشرف على السّاحة اللُّبنانية في “فتح” عزَّام الأحمد، وقد فسرتهُ مصادر متقاطعة بأنّه إيذانٌ بإمكانية تجدُّد التوتر إن لم تنجح المفاوضات على صعيد التهدئة وتسليم المطلوبين للدولة اللبنانية.
بشكلٍ جازم، تقولُ مصادر مُقرّبة من “فتح” إنَّ “الوقت بدأ ينفد للمُهل التي أعطيت لتسوية الملف بالطريقة المطلوبة”، وقالت: “الحركة لن تتراجع بتاتاً عن خياراتها ومطلبها واضح: تسليم قتلة العرموشي للقضاء. الضغطُ لإتمام هذا الأمر مطلوب كي لا نشهد على تراخٍ ومماطلة في القضية، ونؤكد أنّ المُهل ليست مفتوحة كما يظنّ البعض وفي طليعتهم حركة حماس”.
أمام ما يُقال، يمكن القول إن مُخيم عين الحلوة يقفُ عند مُفترق طرق خلال الأيام الـ10 المقبلة، فإما إن تنجح الوساطات أو تتدحرج الأمور مُجدداً نحو إشتباك آخر. بدورها، لم تستبعد مصادر فلسطينيَّة أخرى أن ينهارَ وقف إطلاق النار جزئياً خلال وقتٍ قريب في حال وصلت الأمور على صعيد تسليم المطلوبين إلى “حائطٍ مسدود” قبل نهاية أيلول، في وقتٍ تقول فيه معلومات “لبنان24” إنَّ العمل على هذا الملف قائمٌ وبسريّة تامة، ومن يتولى التنسيق مع المسلحين في المخيم هي حركة “حماس” ولكن عبر وسطاء أبرزهم “الحركة الإسلاميّة المُجاهدة” و “عُصبة الأنصار”.
الأمرُ الأكثر بروزاً أيضاً في ما قاله عزام الأحمد كان في إتهام “حماس” بالمُشاركة في الإقتتال الأخير داخل المخيم، وتقولُ مصادر مُقربة من “فتح” إنَّه كانت للحركة عناصر مقاتلة في منطقتين أساسيتين هما الرأس الأحمر وحطين، مشيرة إلى أنَّ مقاتلي الحركة “إندمجوا” في المعارك وأطلقوا النار على مُسلحي “فتح” بشكلٍ علني وواضح.
كيف تردّ “حماس” على ذلك؟
في حديثٍ عبر “لبنان24″، يقولُ ممثل “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي إنَّ الحركة تُتابع وبجدية بالغة، تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار في عين الحلوة بكافة بنوده، وذلك بالتنسيق مع “فتح” و حركة أمل”، وذلك إستناداً لتوجيهات من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويقول: “كذلك، فإن تركيزنا يتمحور حول ملف تسليم المشتبه بهم بجريمة إغتيال العرموشي، والعملية العسكرية لا تُحقق الهدف المرتبط بتسليم المطلوبين بل هي ستُساهم بتدمير المخيم وهذا ما حصل. لذلك، فالجميع لبنانياً وفلسطينياً رفضَ العملية العسكرية بعدما رأينا أن ما جرى لم يسفر سوى عن التدمير والتهجير لسكان المخيم وأبنائه”.
ورداً على ما يُقال عن “إعطاء مُهل” لتسوية الملف، يردّ عبد الهادي قائلاً: “لم يتم الاتفاق على أي مهل، لكن العمل يجري بجدّية تامّة، ولا يوجد شيء سهل وسلس كما لا يوجد شيء مستحيل، ونحنُ نتحرك بهذا الجهد لمعالجة الملف القائم إنطلاقاً من مسؤوليتنا ومنعاً لاستمرار تدمير المخيم وتهجير أهلنا منه، وليس لأنَّ حماس تمون على المجموعات المُسلحة أو تغطيها”.
ورداً على سؤال عن سبب تحرّك “حماس” العلني بقوة على خط ملف المخيم بعد الجولة الثانية تحديداً وليس منذ الجولة الأولى للقتال، أجاب عبد الهادي: “حماس تحرّكت بفاعلية منذ اللحظة الأولى وبشكلٍ غير مُعلن والدولة والمرجعيات الفلسطينية واللبنانية كانت على علمٍ بذلك، لكننا لم نأخذ وقتنا بسبب استمرار المعارك”.
كذلك، نفى عبد الهادي ما يُقال عن أنّ “حماس” تسعى للسيطرة على المُخيّم، واصفاً هذا الكلام بـ”الكذبة التي من خلالها يتم تبرير إستهداف الحركة والتحريض عليها”، وقال: “لا نية لنا في لبنان لإضفاء أي سيطرة أمنية، كما أنه لا يُمكن لأي طرفٍ فلسطيني أن يُسيطر على المخيمات، ونحنُ نؤمن بالعمل الفلسطيني المشترك، ونسعى دوماً لتفعيله، كما نُؤمن بالشراكة الوطنية والدولة اللبنانية لا تسمح ولا تقبل بحدوث عمليات إلغاء بين الأطراف”.
وخلال حديثه، يُفسّر عبد الهادي سبب رفض “حماس” للإشتباكات الأخيرة في عين الحلوة، ويقول: “الحركة إستنكرت الجرائم التي ارتكبت سواء بقتل عبد الرحمن فرهود أو بقتل أبو أشرف العرموشي، وهي طالبت بتسليم المشتبه بهم بجريمة إغتيال الأخير. إلا أن ما حصل هو أنّ الإخوة في حركة فتح بادروا إلى شن عمل عسكريّ وبشكل منفرد فوراً بعد اغتيال العرموشي للاقتصاص ممن فعل ذلك ومن دون الرجوع إلى هيئة العمل الفلسطيني المشترك كما هو متفق عليه في ميثاقها الذي وقعنا عليه جميعاً”.
وأضاف: “الخيار العسكري كما حصل لا يؤدي إلى أيّ نتائج عملية سوى الدمار والتهجير وذلك مثلما حصل في حي الطيري عام 2017 حينما تم شن عملية أمنية لإنهاء بلال بدر وفي النهاية لم يجر إعتقاله.. الآن تكرر سيناريو الإشتباكات ولم يتم تحقيق أي نتيجة. الأهم أيضاً هو أننا متفقون على توصيف الجماعات المُسلحة، وفي بياننا المشترك مع حركة فتح عندما التقينا معها في السفارة الفلسطينية، قمنا بتبيان موقفنا من تلك الجماعات بشكلٍ واضح وشفاف”.
وتابع: “الخلافُ مع فتح كان على الطريقة للوصول الى تسليم المشتبه فيهم، فنحن بوضوح ضد استخدام المعارك العسكرية لتحقيق ذلك. إن مواقفنا من المسلحين واضحة منذ البداية، لكن الخلاف على الآلية، كما أن الحملة الإعلامية السياسية التي شُنت ضدنا هي التي حرّفت الحقائق واتهمت الحركة زوراً بأنها تغطي هذه المجموعات”.
“الدولة تعلم كل شيء”
لم يتوانَ عبد الهادي خلال حديثه في التطرق إلى الجماعات المسلحة والحديث عنها من دون الكشف عن مصادر تمويلها ودعمها، ويقول: “المعنيون في الدولة يعلمون كل شيء. هذه الجماعات ليست وليدة اليوم، وإنّما تجمّعت عبر سنوات طويلة وهي ليست جماعة واحدة، وإنما عدة مجموعات متفرقة بل متباينة عقدياً وفكرياً ومصلحياً، وما يوحدها هو التهديد والمصيبة”.
وكشف عبد الهادي أنَّ تلك المجموعات المسلحة “إستفادت من الحرب في سوريا”، مشيراً إلى أنّ هناك عناصر غريبة دخلت وخرجت من المخيم، وقال: “هناك عددٌ لا يُذكر من اللبنانيين والسوريين ما زالوا في عين الحلوة ضمن الجماعات المسلحة، فيما الجزء الأكبر من العناصر هو من أبناء عين الحلوة وعائلاته المعروفة”.
وانتقدَ عبد الهادي الكلام عن دعم “حماس” لتلك الجماعات، وقال: “ما قيل يندرج في إطار الإدعاءات الباطلة وأوضحنا ذلك للإخوة في حركة فتح، ولو كان هناك معلومات لدى الأجهزة الأمنية عن أي دعم من حماس لتلك الجماعات سواء بالمال أو بالسلاح، لما ترددت الدولة في مراجعتنا ومفاتحتنا بالأمر، لكن هذا الأمر لم يحصل أبداً”.