كتب الشيخ مظهر الحموي رئيس لجنة الدعوة والمساجد في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى
ليس بغريب أن نرى ما حدث ويحدث في كل يوم ما تقوم به القوات الإسرائيلية المجرمة من إعتداء سافر وقتل وقصف وتدمير لإخواننا الفلسطينيين في غزة وغيرها ، وليس بغريب أيضا أن نرى اليهود يعتدون في كل يوم على المسجد الأقصى ويمنعون المصلين من الدخول إليه ، فقد أحصى الباحثون أنه قد حصل أكثر من ٢٥٠ إعتداء يهودي سافر على المسجد الأقصى منذ إحتلال القدس الشرقية ، ومن قبل شهد الحرم القدسي منذ توافد اليهود الى أرض فلسطين جملة إعتداءات وتحديات في رعاية المستعمر الإنكليزي الذي كان يذود عن حمى اليهود ويمدهم بالسلاح والعتاد وهجرة الرجال من أنحاء العالم الى فلسطين ، ويقف ضد أي محاولة عربية وإسلامية للدفاع عن النفس وحماية المقدسات الإسلامية .
وقد شعر مفتي القدس الحاج أمين الحسيني في العام ١٩٢٠ بخطر مؤامرة اليهود ووضع اليد على حائط البراق والذي ربط به النبي ﷺ دابته (والتي تسمى البراق) في ليلة الإسراء والمعراج ، (واليهود يدعون أنه حائط المبكى) ، فعمد الحاج الحسيني الى عدة إجراءات لتثبيت الوضع الإسلامي في القدس ، فقام بإصلاح الحائط الغربي للمسجد الأقصى وتبيلط الساحة حوله ليثبت أنه جزء من المسجد الأقصى وأنه حق للمسلمين وحدهم .
وفي ظل الحماية البريطانية تجرأ اليهود على الدخول الى المسجد الأقصى بأعداد كبيرة وإحتلال الجانب الغربي منه عام ١٩٢٩ م وأعلنوا أن الحائط لهم ومن مقدساتهم ، وعندها قامت ثورة البراق في كل أرجاء فلسطين وقتل فيها ١٣٣ يهوديا وجرح ٣٧٠ منهم ، وقام الإنكليز بقمع الثورة وقتلوا ١١٦ عربيا وجرحوا ٢٣٢ منهم.
ثم اقيم في العام ١٩٣١ م المؤتمر الإسلامي العام في القدس لتنبيه الأمة من خطر اليهود وجعلها قضية إسلامية عربية وليست فلسطينية فقط.
وحضر المؤتمر ممثلو ٢٢ بلدا عربيا إسلاميا ومنهم الشيخ رشيد رضا ( من منطقة القلمون قضاء طرابلس ) والمفكر الإسلامي محمد إقبال وتشكلت جراء المؤتمر لجنة دولية سميت لجنة البراق الدولية ، وأصدرت قرارها أن حائط البراق هو حق المسلمين وحدهم وأنه ليس لليهود فيه أي نصيب ، فرفضت بريطانيا التقرير وأعلنت تأييدها لليهود وإقامة وطن قومي لهم ، فقامت الثورات في كل أنحاء فلسطين.
وبعد هذا تشكل جيش الإنقاذ العربي، في العام ١٩٤٧ من قبل اللجنة العسكرية العليا للجامعة العربية من المتطوعين من البلدان العربية حيث شارك في حرب 1948 وكان الجيش قد أطلق عليه في البداية اسم جيش التحرير ثم غير الاسم إلى جيش الإنقاذ العربي. وقد ضم الجيش حوالي٣٨٣٠ متطوعاً من البلاد العربية السبع لأن الجامعة العربية كانت في ذاك الوقت تضم سبع دول فقط ثم إنضم اليهم ما يقارب ٢٥٠٠ متطوعا من داخل فلسطين فأصبح المجموع ٧٧٠٠ متطوعا مسجلاً في وثائق الجامعة العربية وقد اُعطيت قيادته للواء إسماعيل صفوت العراقي ثم اُعطيت قيادة الجيش للضابط فوزي القاوقجي( إبن مدينتنا طرابلس ومنطقتنا النوري ) كقائد أعلى لوحدات جيش الإنقاذ.
وإني أفتخر أن والدي محمد سعد الله الحموي ( أبا مظهر) كان أحد المجاهدين في جيش الإنقاذ العربي في السرايا اللبنانية.
وكم حدثني رفيق والدي عمنا الشيخ علي الشلبي أطال الله بعمره (القيم على الجامع المنصوري الكبير بطرابلس ) كيف كان أهل منطقتنا النوري ينتظرون والدي (أبا مظهر) عندما يعود من فلسطين في إجازته ليقص عليهم أحداث ما يجري من جهاد في فلسطين .
ولا ينسى أهالي القدس هتافات بني يهود وهم يحتلون مدينتهم عام ١٩٦٧م ويدخلون المسجد الأقصى وهم يصرخون بكل صلافة وغرور -حط المشمش على التفاح دين محمد ولى وراح – مردفين -خيبر خيبر- أي إنتقاما لأنفسهم من غزوة خيبر .
وتبدأ سلسلة الإعتداءات وتغيير معالم المدينة والأقصى وتنفيذ أول مخطط لهم فور إحتلال المدينة بإزالتهم حي المغاربة الملاصق لحائط البراق ليحولوه الى ساحة عبادة لهم وإنطلاقة حفريات في أساسات المسجد للبحث عن هيكل سليمان المزعوم ، فيقومون بأكثر من ٢٥٠ عملية إعتداء وتحوير وهدم وحفر وإستيلاء وإحراق وإقتحام لم تنفع معها قرارات مجلس الأمن التي ابطلها الفيتو الأميركي إلا القرار الصادر في ١٩٨٠/١/٣٠م بإعلان بطلان جميع إجراءات اليهود ، ورغم ذلك فالتهويد مستمر ، وإفراغ القدس من ساكينيها العرب وخنقها بالمستعمرات اليهودية .سياسة يهودية مستمرة.
ولا يمر عام منذ إحتلال الأقصى في العام ١٩٦٧م إلا ونسمع عن مصادرات وإعتداءات وإقتحامات وإطلاق نار على المصلين وإقامة صلوات يهودية على أبواب الأقصى ثم في باحته وإقتحام حرمه والإعتداء على المصلين ومنعهم من دخول المسجد وإستمرارهم في زعزعة أساسات المسجد تمهيدا لإنهياره .
فإلى متى تستمر المهانة وتبقى القدس التي فتحها الخليفة عمر (رضي الله عنه) ومن بعده حررها السلطان صلاح الدين الايوبي (طيب الله ثراه) ، إلى متى تبقى الأراضي المقدسة في أيدي شذاذ الآفاق بني يهود؟
وبعد كل هذه الإعتداءات وتلكم الجرائم البشعة التي شاهدناها ونشاهدها في كل يوم على الأراضي الفلسطينية وآخرها التي ترتكب في غزة اليوم على مرأى العالم ، أما آن الأوان لقادة العرب والمسلمين تأسيس جيش عربي وإسلامي لإنقاذ ما تبقى من كرامتنا وعزتنا ؟ نسألكم أجيبونا أثابكم الله