خاص الهديل:
يجتهد حزب الله لاكتشاف أي دليل يؤشر إلى وجود جهد استخباراتي بشري ساعد “الموساد” في تحديد حركة القائد الحمساوي الشيخ صالح العاروري مما منح إسرائيل فرصة اغتياله.
وبحسب معلومات متداولة، فإن حزب الله وصل لغاية اللحظة إلى عدة تقديرات عن عملية الإغتيال، وذلك بناء على معطيات توفرت لأمن الحزب:
التقدير الأول هو الإعتقاد بأن الاختراق الخطير – كما أسماه السيد حسن نصر الله – الذي مكن إسرائيل من اغتيال العاروري نتج أغلب الظن نتيجة وجود اختراق أمني إسرائيلي داخل حماس في لبنان أو خارجه، وليس داخل حزب الله.
وهناك ميل لدى جهات أمنية مستقلة من خارج حزب الله، للأخذ بهذا الاعتقاد؛ والسبب في ذلك يعود إلى عدة وقائع، بينها ما كشفه أحد المحللين العسكريين الإسرائيليين من أنه داخل المستوى الأمني الإسرائيلي كان هناك جدل عميق حول ما إذا يجب اصطياد العاروري فوراً، بعد أن تم تحديد حركته، أم أنه يجب تركه تحت عين الموساد، وتتبع حركته لاكتشاف مكان وجود السيد حسن نصر الله الذي اعتاد على اللقاء بالعاروري بين فترة وأخرى..
ويدلل هذا المعطى بنظر مراقبين أمنيين على أن خرق الموساد لحركة العاروري جاء من جهة أو من أشخاص على علاقة بحماس؛ وهذا ما يفسر لماذا تركز النقاش في الموساد على إمكانية “تطوير هذا الخرق”، والبناء عليه لوجستياً حتى يصبح من الممكن الوصول من خلاله إلى الهدف الاستراتيجي الأكبر، وهو السيد نصر الله.
وبموجب تحليلات توقفت عند هذا النقاش الذي دار في الموساد، يتم الاستنتاج بأن نتنياهو كان مستعجلاً على تحقيق نصر في حرب غزة؛ فلذلك أعطى أوامره بحصد هدف العاروري الآن وفوراً؛ وضمن توقيت مناسب له، كونه يواجه ضغوطاً داخلية كبيرة تطالبه بإنجاز سريع؛ وليس ضمن توقيت هو الأفضل للموساد الذي كان يسعى للإستمرار في السير وراء العاروري حتى يصل إلى مكان تواجد نصر الله؛ وحينها سيقدم الموساد للكابينيت إقتراحاً بضرب هدفين إثنين إستراتيجيين في نفس الوقت، وهما نصر الله والعاروري!!. وبنظر جهات مختلفة فإن الموساد فيما لو نجح في جمع هذين الهدفين ضمن مهمة واحدة، فإنه كان سيكون هو الجهة التي ستزرع علم النصر الإسرائيلي في حرب غزة!!!.
التقدير الثاني في حزب الله – استناداً لمعلومات متداولة – يقول أن البحث الجنائي داخل الشقة التي اغتيل فيها العاروري، بينت وجود “بصمة” على الكرسي الذي كان يجلس عليه لحظة استهدافه بالصاورخ القاتل. ويجري البحث حالياً لتحديد هوية هذه البصمة؛ وضمن هذه الجزئية يجري التأكيد على أن العاروري حينما توجه للشقة الموجودة في منطقة المشرفية، لم يكن أحد من أجهزة أمن حزب الله يعرف بحركته هذه؛ وهذا يعني ثلاثة أمور:
الأمر الأول أن الشقة التي جرى فيها استهداف العاروري لم تكن مؤمنة أمنياً من قبل حزب الله؛ الأمر الثاني – أن أمن الحزب لم يكن يعرف بالضرورة بكل حركة العاروري داخل الضاحية الجنوبية؛
الأمر الثالث هو أن جزءً كبيراً من مظلة العاروري الأمنية المكلفة بحمايته، كانت مكونة من حركة حماس وليست من حزب الله.
التقدير الثالث الذي يسود داخل حزب الله حول عملية الإغتيال يفيد بأن مصدر الخطورة الأمنية الناتجة عن هذا الحدث، يتمثل من وجهة نظر الحزب، في أنه حصل في قلب الضاحية الجنوبية، بأكثر مما يتمثل بأنه استهدف العاروري الذي رغم أهميته لحارة حريك، إلا أنه من زاوية قراءة أمنية للحدث، فهو لم يكن يعتمد على أمن الحزب لحمايته الشخصية؛ بل كان يعتمد على مظلة الضاحية الجنوبية الأمنية التي كان نصر الله قال إنها محمية نتيجة أنه أرغم إسرائيل على الخضوع لقواعد اشتباك أمنية تفيد بمنع قيام الموساد باغتيالات لأية شخصية تستضيفها الضاحية.. وعليه فإن اغتيال العاروري يمثل بحسب قراءة حزب الله له، التالي:
– من ناحية أولى قيام إسرائيل بإسقاط قواعد الاشتباك التي وضعها حزب الله لحماية قيادات محور الممانعة الموجودين في ضيافته الأمنية في الضاحية. ولذلك يركز نصر الله على المكان الذي حصلت فيه عملية اغتيال العاروري وهو الضاحية الجنوبية؛ ويصف وقوع هذا الحدث في الضاحية بأنه اختراق خطير بحسم الرد عليه، وإعادة ترميم قواعد الاشتباك الخاصة بمنع الموساد من تنفيذ اغتيالات في الضاحية.
– بالمرتبة الثانية يرى حزب الله أن إغتيال العاروري قصد وضع خط أحمر أمام نصر الله من قبل إسرائيل وأميركا على السواء، ومضمونه أنه ممنوع إقليمياً ودولياً تحويل الضاحية إلى غرفة عمليات كبيرة ومركزية وظيفتها قيادة حروب المحور في المنطقة.
قال نصر الله أن اغتيال العاروري هو حدث لن يكون ما بعده كما كان ما قبله. ونفس هذا المعنى أرادت الجهات التي تقف وراء اغتيال العاروري، أن توجهه لحزب الله.. والسؤال حالياً، هو أي نوع من العنف سوف يبرز فوق ميدان هذه المواجهة المستجدة التي يتسابق طرفاها على فرض إرادتهما على الواقع الأمني الجديد..