وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِین
الشيخ مظهر الحموي
كم يحز في نفس أي كاتب أو باحث إسلامي أن يعالج أوضاع أمته المأساوية ويتناولها بالتحليل والقراءة دون أن يستشعر بأحاسيس الحنق والغضب والتحفز لما يعتري بلادنا من ويلات لا تحتاج منا الى البكاء والندب وإنما الى الثبات والصمود وبعث الهمة والعزيمة حتى نبقى معاندين ومتمسكين بحقنا وأرضنا ومقدساتنا.
هذه المشاعر الإيجابية هي التي يجب ان نبقيها في وجدان أبناء هذه الأمة على الرغم مما نشهده في وسائل الإعلام المرئية من عمليات قتل حية يمارسها العدو الصهيوني في غزة الصامدة ، فكانت مشاهد قتل الأطفال الرضع بين أيدي ذويهم إضافة الى مشاهد تلّ الركام وبعثرة الأشلاء وصوران الدماء مما يندي له الجبين إزاء صمت العرب والمسلمين أمام هول الجرائم البشعة اليومية التي ترتكب بحق هذا الشعب الآمن .
ولن نلقي بالا الى أحقاد ساسة اليهود الذين يصرون على المضي في مجازرهم ، فهم لن يبدلوا جلدتهم ولا طباعهم ولا احقادهم نحو العرب والمسلمين.
ولن ننفعل كثيرا بمزاعم أميركا التي تبرر العدوان اليهودي المستمر بل وتدعمه وكان آخر ما سمعناه من كل المرشحين للإنتخابات الرئاسية للولايات المتحدة في ندوات المناظرة بينهم : أنهم كلهم مع أن يواصل نتن ياهو عدوانه على غزة وفلسطين ويَعدونه بأنهم سيكونون معه إذا وصلوا الى سدة الرئاسة.
إنها سياستهم المشهودة في القرآن الكريم والسجلات التاريخية التي تحفل بمآثرهم الدموية للإنحياز ، أي لغيرهم من بني البشر.
هم يمارسون ما يسمونه الهولوكست فعلا على أبناء غزة وفلسطين تدميرا ونسفا وعمليات إبادة ولا أحد في هذه المعمورة يتجرأ حتى على مجرد الإدانة ، إلا قلة يساوون بين المجرم المدجج بأفتك أنواع الأسلحة الذي يقتل بها الأطفال ويدمر بها دور العبادة والمستشفيات والأبنية على رؤوس أصحابها الآمنين ، وبين أولئك الذين يدافعون عن أرضهم وشعبهم ومقدساتهم وكرامة أمتهم .
ومن بين هذه المآسي التي لا نحب أن تشل طاقتنا وعزيمتنا ولم تغادر مخيلتنا تلكم الصور الشامخة المعبرة التي نراها في كل يوم لأهل غزة وهم على تلِّ ركام بيوتهم أو يودعون أولادهم القتلى الصغير والكبير أو يلملمون جراحهم وهم يرددون : الحمد لله يارب ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
إنها صور يشمخ كل أمرىء بتأملها وتعيد الى نفسه المتهالكة بعض الثبات والأمل بأن مثل هذا الشعب الأبي لن يهزم بإذن الله طالما أن لديه مثل هذا الإيمان الشامخ بأنه ومهما حدث لن يغادر الأرض المباركة أرض الإسراء مهما تكالبت عليه الأمم ومهما إستنكف الإخوة العرب والمسلمين عن دعمهم على الأقل وهذا أضعف الإيمان.
إن مشاهد الصبر بكل أنواعه في غزة يبعث في النفس الإعتزاز ويجدد فينا التفاؤل والإطمئنان بأن العدو اليهودي لن يفلح مهما أوتي من قوة وسلاح ودعم غربي وصمت عربي في أن يقتلع هذا الشعب من جذوره بل سيبقى صامدا وشامخا ، وهو ما سيعجز عن إستيعاب مغزاه كل أولئك الخوّارين المتقاعسين ، ولن نقول الجبناء أو المتآمرين.
أخوكم الشيخ مظهر الحموي
عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في الجمهورية اللبنانية