صحيح أنّ الكتلة النقدية في التداول، التي تمّ تجفيفها من 80 تريليون ليرة الى نحو 50، «فرملت» سعر صرف الدولار إزاء الليرة اللبنانية وثبّتته على 89500 ليرة، وحدّت قليلاً من تسارع وتيرة التضخّم، إلا أنّ هذه السياسة التي بدأها حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وسلكها بقوة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، أثمرت تجفيفاً للعملة الوطنية، وبالتالي ارتفاع نسب الفوائد بين المصارف Interbank rate.
وفي السياق، أوضح وزير الإقتصاد السابق رائد خوري لـ»نداء الوطن» أنّ «استدانة المصارف من بعضها بالليرة ليست مسألة جديدة، بل معمول بها منذ سنوات طوال، ولكنها تتعزّز اليوم مع شحّ الليرة بسبب السياسة المالية والنقدية التي يعتمدها مصرف لبنان، والتي تقوم على ضبط العملة الوطنية وعدم توسيع حجم الكتلة النقدية وتزامناً عدم طباعة العملة الوطنية». وقال: «تخضع تلك الفائدة اليومية الى العرض والطلب اليومي حسب السوق، تتغيّر صعوداً عند جفاف الليرة في التداول، وتنخفض إذا زاد عرضها في السوق ولدى المصارف، من هنا تتراوح بين 20 و 50 وتصل الى 80%».
لكن لماذا يفيض النقد بالليرة لدى مصرف، فيما مصرف آخر ليس لديه ليرات؟
أجاب خوري: «هناك مصارف لديها أموال «إكسترا» بالليرة حازتها من التداولات أو مجمّعة لديها من فترة سابقة. تلك المصارف تسلّف من ليس لديه نقد بالليرة اللبنانية، فاذا كان الطلب أكثر من العرض تزيد الفائدة».
وهل الإستدانة محصورة بين المصارف باعتبارها interbank rate أو يمكن أن تشمل المواطنين فتستدين المصارف منهم؟ أجاب إن «التسليف جائز بين المصرف والزبون أيضاً، كأن يستدين المصرف من تجّار تتوفّر السيولة بالليرة لديهم بكمية كبيرة، مثل أصحاب السوبرماركت ومحطات المحروقات… طبعاً هذه الإستدانة لديها إيجابية بتوفير المال لمن ليس لديه فيما سيّئاتها هي الكلفة المرتفعة التي تترتّب».
إنّ نسب الفوائد بين المصارف كانت أدنى في السنوات السابقة، ولكنها شهدت أيضاً إرتفاعات. واعتبر خوري أنّ الـ Interbank rate التي تتغير حسب الطلب والعرض بشكل يومي، كانت تصل منذ نحو 10 سنوات الى 30 أو 40%، ولكن لفترة قصيرة حسب الطلب والعرض، وكانت تصل الى 80%، ولكن لفترة وجيزة أيضاً. أما اليوم فالنسبة المرتفعة للفوائد تمتدّ لفترة أطول مع شحّ العملة في التداول».
وعن مصدر تأمين الأموال لتسديد المصارف مصاريفها مثل الكهرباء ورواتب الموظفين وتسديد نسب الفوائد، قال خوري: «من زمان تؤمّن المصارف نفقاتها على النحو الآتي:
%70 من أرباح المصارف كانت تُكوَّن نتيجة الفارق في الفوائد بين الفوائد المستدانة أو تلك التي تستحقّ عليها للمودع. اليوم المصارف أوقفت خدمة التسليف، كما أنها لا تحقّق عائدات نقدية، وبذلك خسرت نسبة الـ70%.
تبقى نسبة الـ30% التي كانت تحقّقها من العمولات، وحجمها انخفض بنسبة 50% عن فترة ما قبل انطلاق شرارة الأزمة المالية والنقدية في البلاد في تشرين 2019، من 30% الى 15% أي نصف ما كانت تحقّقه في السابق.
ولا بدّ من الإشارة الى أنّ المصارف تستمرّ في رفع نسب العمولات على الحسابات باللولار والـ»فريش» النقدي التي تتراوح حالياً بين 10 و15 دولاراً على الحساب الواحد شهرياً، ووفق تلك المنهجية تزيد المصارف عائداتها وتتآكل حسابات المودعين شهرياً لعلّ وعسى البعض منها يقفل قبل إعادة تلك الأموال التي تتراوح وفق خطة الحكومة الأخيرة بين 10 و15 سنة للحسابات التي تصل الى 100 ألف دولار.
المصدر: نداء الوطن