ماذا كُشف عن “الإنتحار” في لبنان؟ تقرير يسرد تفاصيل مهمة
نشرت منصة “بلينكس” الإماراتية تقريراً تحت عنوان: الانتحار في لبنان.. أزمة حلها اقتصادي، وجاء فيه:
سجل الانتحار في لبنان عام 2023 ارتفاعاً ملحوظاً، لتصل النسبة إلى نحو 22 % مقارنة مع العام 2022، وفقاً لتقرير “Embrace”، وهي منظمة تعنى بالعلاج النفسي والانقاذ من الانتحار.
عدد الأشخاص الذين أنهوا حياتهم في لبنان وصل إلى 168 حالة على مدار العام 2023، أي ما يعادل حالة انتحار واحدة على الأقل كل 48 ساعة، ما يدلّ على ارتفاع غير مسبوق في لبنان منذ العام 2019، تاريخ اندلاع الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية.
وكان انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وغلاء الأسعار، ناهيك عن حجز أموال المودعين في المصارف اللبنانية وعدم توفّر العملة الصعبة بسهولة، سبباً في معاناة اللبنانيين.. ولكن ما الأسباب الكامنة وراء ارتفاع حالات الإنتحار؟ وهل من خطط وحلول؟
هل الأرقام صحيحة؟
أكد مدير البرنامج الوطني للصحّة النفسية في وزارة الصحة اللبناني والطبيب النفسي ربيع شمّاعي لبلينكس أن الأرقام الصادرة ليست دقيقة، حتى لو كان مصدرها رسمي لأن لبنان يفتقد وجود نظام رصد متكامل.
شمّاعي لا يعتبر أن الأعداد زادت “إنما فقط التبليغ عن حالات الانتحار ارتفع ولربما ذلك بسبب التوعية المستمرة”، حسب رأيه.
ولعلّ كلام رئيسة “Embrace” ميا عطوي لا يتعارض مع شمّاعي، لكنها تشدّد على أن هذه الأرقام قد تكون الأدق في ظل غياب رصد شامل، لكن أرجحية أن يكون الرقم أعلى أكثر من انخفاضه.
تعدّد شمّاعي الأسباب عن تضارب الأرقام، فمثلاً هناك بعض العائلات التي تخجل من وضع على شهادة الوفاة أن ذويهم أنهى حياته بنفسه، كما هناك عائلات تحاول لملمة الموضوع بين بعضهم، وفقاً لعطوي خلال حديثها مع بلينكس.
هل زادت الحرب نسبة الانتحار؟
تتلقى “Embrace” عبر الخط الساخن عدداً مهوّلاً من الاتصالات اليومية لأشخاص يفكرون بالانتحار، لكنهم مترددين من اتخاذ الخطوة، وبالتالي عبر خطوات ومساعدة من المتطوعين يتراجعون عن الفكرة.
مؤخراً، خصوصاً بعد اندلاع التوتر في جنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول الماضي، انخفض عدد الاتصالات نسبياً بالخط الساخن، وفق عطوي التي قالت إنه “في حالات الحرب والفوضى غالباً ما يصبح الناس في حالة survival mode أو حالة النجاة”.
ما هي أبزر أسباب الانتحار؟
لا وجود لسبب واحد يدفع الشخص إلى التفكير بالانتحار وأخيراً اللجوء إليه كحل للتخلّص من المشاكل، بحسب عطوي.
وتؤكّد رئيسة “Embrace” أن المرض النفسي سبب أساسي وراء هذا التفكير، أما الأسباب الثانية هي عوامل خارجية تعزّز الفكرة حتى إشباعها، “فعندما يقرّر الشخص الانتحار قد يسبقها سبب غير مقنع أو بسيط، لكنه بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير” وفق وصفها.
منذ عام 2019 ولبنان يمر بمنعطفات سياسية واقتصادية وأمنية زادت من الفقر ليصبح أكثر من 50% من سكّان لبنان تحت خط الفقر المدقع نتيجة ارتفاع نسبة البطالة والانهيار المالي غير المسبوق، إلى جانب عدم طرح أي خطة أو مبادرة إصلاح من الحكومات المتعاقبة.
الحلول متوفّرة
يتهرّب البعض من العلاج النفسي بسبب تكلفته العالية، بالأخص وأنه يتطلب متابعة أسبوعية روتينية، حيث تصل التكلفة في الشهر الواحد إلى 200 دولار أميركي تقريباً.
وزارة الصحّة اللبنانية وعبر البرنامج الوطني للصحة النفسية بالاشتراك مع أكثر من 50 مؤسسة، تعمل على تأمين علاج للصحة النفسية بشكل مجّاني أو شبه مجّاني، وفقاً لشمّاعي.
كذلك، تحاول الوزارة زيادة تعرفة الزيارة في المستشفيات، لأنها تاثرت بالأزمة الاقتصادية أيضاً، مما يعطيها حافزاً لفتح المزيد من عيادات الصحّة النفسية.
وأشار الطبيب النفسي ربيع شمّاعي إلى إنشاء فريق عمل متنقّل يدور من منطقة إلى أخرى ليقدّم خدمات العلاج النفسي مجاناً، بالإضافة إلى فريق من الوزارة يتابع على الأرض في العاصمة بيروت إذا لزم الأمر، وسيُنقل هذا المشروع إلى طرابلس أيضاً قريباً.
وكان انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، قد خلّف اضطرابات ومشاكل نفسية جمّة، ما أوجب طرح بديل وحلول للناس تمكّنهم من اللجوء إلى العلاج، وفق شمّاعي