خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
أثار وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت خلال زيارته الراهنة لواشنطن ثلاثة ملفات: السلاح ورفح والجبهة الشمالية مع حزب الله.
حاول غالانت إعطاء الملف الثالث المعني بلبنان أهمية توازي أهمية ملف رفح؛ فيما أعطى ملف مد إسرائيل بالسلاح الأميركي أولوية فائقة..
… من جهتها إدارة بايدن لن تفرض شروطاً على إمداد تل أبيب بالسلاح، رغم بعض الأصوات في الكونغرس التي تطلب ربط إرسال السلاح لإسرائيل بموافقة حكومة نتنياهو على وقف النار في غزة.
أما بالنسبة لموضوع رفح، فمن المستبعد أن يذهب نتنياهو للحرب هناك من دون تنسيق مع إدارة بايدن .. ووزير الدفاع الأميركي قدم لغالانت خططاً بديلة تؤدي إلى حل ما يسمونه بمشكلة حماس في رفح من جهة، وإلى سيطرة إسرائيل على خط فيلادلفيا من جهة ثانية. وقال أوستن أن الوفد الإسرائيلي استمع باهتمام للطرح الأميركي. وبالأساس فإن نتنياهو كان يريد إرسال وفدين إثنين إلى واشنطن، الأول برئاسة غالانت ليبحث حصراً بموضوع السلاح، والثاني مكون من مسؤولين أمنيين وسياسيين ليبحثوا مع الأميركيين بموضوع رفح. ولكن نتنياهو ألغى زيارة الوفد الثاني احتجاجاً على امتناع أميركا عن التصويت بالفيتو في مجلس الأمن؛ فيما الوفد الثاني برئاسة غالانت أكمل زيارته لواشنطن، واتسعت مباحثاته هناك لتشمل إلى جانب موضوع السلاح، موضوع رفح؛ وليزيد عليهما ملف المواجهات في الشمال مع حزب الله..
..فيما يتعلق بالنقاش عن لبنان الدائر حالياً بين البنتاغون وغالانت ومسؤولين عن دوائر سياسية أميركية أخرى؛ يجدر التركيز على المعطيات الهامة التالية:
أولاً- ان غالانت يطرح اليوم في واشنطن موضوع الجبهة الشمالية (أي المواجهات على الحدود مع لبنان) بوصفها ملفاً يوازي في أهميته ملف رفح وملف حماس وملف اليوم التالي في غزة، الخ..
ويعتبر هذا الأمر تطوراً في التوجه الإسرائيلي للتعامل مع ملف المواجهات على الحدود الشمالية.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي تريده تل أبيب من وراء إثارة موضوع المواجهات في الشمال مع واشنطن في هذه اللحظة التي يوجد فيها الكثير من المشاكل الأميركية الإسرائيلية التي تحتاج التفرغ لحلها؟؟.
الإجابة الأبرز على هذا السؤال تقول أن غالانت في واشنطن يحاول افتعال “صفقة” قوامها أن تعطي إسرائيل تنازلاً لإدارة بايدن في رفح، مقابل أن يعطي بايدن تنازلاً لحكومة نتنياهو في الجبهة الشمالية.
.. ولكن ماذا تريد تل أبيب من بايدن في الجبهة الشمالية؟؟.
تفيد معطيات أن كابينيت الحرب في إسرائيل، مجمع تقريباً على ضرورة توجيه ضربة لحزب الله تؤدي إلى تغيير الواقع السياسي على حدود لبنان. ولكن واشنطن ترفض هذا السيناريو وتفضل أن يترك المجال لهوكشتاين كي يتوصل في الوقت المناسب لحل دبلوماسي للوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. لكن غالانت يحاول إقناع إدارة بايدن بالتالي: أولاً هناك حاجة لتوجيه ضربة إستراتيجية لحزب الله، وليس لحرب واسعة؛ أي رفع حدة المواجهات الدائرة مع لبنان درجة أو درجتين؛ كمثال أن يشن الجيش الإسرائيلي حملة جوية عنيفة لأيام قليلة تستدرج عقد جلسة لمجلس الأمن يقرر فيها وقف النار؛ وعلى أثرها يأتي هوكشتاين ليفرض هدنة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بمعزل عن الحرب الدائرة في غزة. وهذا الأمر سوف يسمح بعودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم، ما سوف يمنح نتنياهو صورة المنتصر، الأمر الذي يقوي موقفه بمقابل خاطفيه المتطرفين اليمنيين داخل ائتلافه، وسيساعده على النزول عن شجرة غزة، وعلى الموافقة على السير في ركاب ما تريده منه واشنطن.
ثانياً- يريد غالانت من إدارة بايدن أن تغطي سياسياً ضربة جوية استراتيجية ضد حزب الله في لبنان، وأن تؤمن لها الحاضن والحماية الإقليمية..
وفي هذا المجال يتقصد غالانت أن يعرض هذه الضربة الإستراتيجية الإسرائيلية لحزب الله، بوصفها صفقة لإنهاء حرب غزة، ولحل التباينات بين نتنياهو وإدارة بايدن، وأخذ مجمل الأحداث إلى منعطف جديد!!
ويبقى القول أنه في حال كان هذا السيناريو صحيحاً، وفي حال كان غالانت يحمل معه مثل هذه الصفقة كي يعرضها على إدارة بايدن؛ فحينها سيصبح السؤال عما إذا كان البيت الأبيض سيوافق على تفليت الحرب لعدة أيام بين إسرائيل ولبنان؟؛ وما إذا كانت واشنطن ستقبل بأن تغامر بفتح حرب فوق برميل الشرق الأوسط المتفجر؟؟!